عززت الأوضاع المالية، العام الماضى، عمليات الاندماج والاستحواذ، إذ دفعت الثقة فى الشركات والمشهد السياسى إلى عقد كثير من الصفقات.
ومع استقبال الاسواق العالمية العام الجديد بقدر من عدم اليقين ما لم يتطرق الأمر إلى وابل من الصدمات السياسية، فيبدو أن2017 سيكون قادرا على وقف طفرة عمليات الاستحواذ العالمية.
لكن صحيفة «فاينانشيال تايمز»، قالت: إننا على موعد مع استقبال مزيد من الصفقات العام الحالى بعد ارتفاع قيم عمليات الدمج والاستحواذ بنحو 3.6 تريليون دولار العام الماضى.
وساعد انفجار نشاط العمليات فى الربع الأخير من العام المنصرم فى جعل 2016 ثانى أفضل عام لعقد مثل هذه الصفقات منذ بداية الأزمة المالية فى 2008.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه النهاية تدفع مستشارى الشركات للهث وراء هذه الصفقات، رغم الأحداث الجيوسياسية، التى بثت روح التشاؤم بين المستثمرين فى بداية العام الجديد، مثل التصويت فى المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد الأوروبى، وتنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وهزيمة الاستفتاء الدستورى فى إيطاليا.
يأتى ذلك فى الوقت الذى سنت فيه الحكومات تدابير لتعقيد عمليات الدمج أو الاستحواذ الخارجية.
وكان المنظمون فى الولايات المتحدة، قد منعوا تنفيذ أكبر الصفقات العام الماضى فى بعض الحالات على أساس المنافسة وأخرى بسبب التغييرات العدوانية لفرض سياسة ضريبية جديدة لمنع الشركات من التحرك بحرية فى الخارج والتهرب من الضرائب.
وبدأ رد الفعل العنيف ضد موجة الصفقات من قبل المشترين الصينيين فى الولايات المتحدة. وانفجرت فى نهاية المطاف فى أوروبا مما يعقد حملة الصين لتصبح قوة جديدة فى مجال الاستثمار العالمى.
وبلغت القيمة من إلغاء عمليات الدمج والاستحواذ العام الماضى 805 مليارات دولار لتسجل أعلى مستوى منذ 8 سنوات.
ورغم هذه التحديات فإن القيام بمثل هذه الصفقات سيشهد طفرة كبيرة العام الحالى وفقا لبعض المستشارين.
وأوضح المحللون أن العديد من الشركات تواجه الآن احتمالات تراجع النمو، وهو ما يجبرهم على النظر فى شراء المنافسين أو التوسع فى مناطق جديدة.
وقال رئيس عمليات الدمج والاستحواذ فى «جى بى مورجان تشيس» كورت سيمون: «إن توقعاتنا لا تزال إيجابية للغاية لعمليات الدمج والاستحواذ فى 2017».
وأضاف سيمون، أن وفرة رأس المال ومعدلات الاقتراض المنخفضة تاريخيا إلى جانب ضغط المستثمرين على الشركات لإيجاد طريق النمو، ستعنى القيام بمزيد من الصفقات.
وتوقع كثل ديزى، رئيس الاندماجات والاستحواذات الأوروبية فى بنك «كريدى سويس»، استمرار الوتيرة المرتفعة من عقد الصفقات ومزيد من تدفق رؤوس الأموال من آسيا إلى أوروبا ومن أوروبا إلى الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن الاهتمام المتزايد من الشركات الآسيوية الكبيرة، مثل «تشيم تشاينا جروب» ومجموعة «إتش إن إيه» الصينية و «أساهى» اليابانية إلى أوروبا العام الماضى، ساعد فى تعويض التباطؤ الحاد فى المعاملات بين الشركات الأوروبية.
وفى المقابل، تطلعت الشركات متعددة الجنسيات الرائدة فى أوروبا إلى الولايات المتحدة هربا من تباطؤ النمو الإقليمى واقتناص موطئ قدم فى سوق الولايات المتحدة.
ومن الأمثلة على ذلك صفقة استحواذ شركة «باير» الألمانية على منافستها الأمريكية «مونسانتو» وشراء «دانون» الفرنسية لشركة «وايت واف» الأمريكية.
وتوقع ديزى، ارتفاع النشاط بين الشركات الأوروبية العام الحالى بعد المستويات المنخفضة التى شاهدناها فى 2016.
جاء ذلك فى الوقت الذى أصبح فيه السماسرة أقل تفاؤلا حول بريطانيا بسبب حالة عدم اليقين بشأن آفاق النمو.
ويترقب مستشارى الشركات تحركات الحكومة البريطانية الجديدة وعملية الخروج من الاتحاد الأوروبى.
وخلال العام الماضى، سمحت الصدمة الأولى من تصويت بريطانيا على الخروج من الكتلة الأوروبية لبعض المشترين، بالاستفادة على الأقل من الهبوط المفاجئ فى قيمة الجنيه الاسترلينى عقب التصويت.
وبالفعل استحوذت مجموعة «سوفتبنك» اليابانية على شركة «آى آر إم هولدنج» أكبر شركة تكنولوجيا فى المملكة المتحدة، فى حين توصلت شركة «توينتى فرست سينتشرى فوكس» إلى اتفاق للاستحواذ على شبكة «سكاى » الإعلامية البريطانية، مقابل 14.6 مليار دولار.
وأكدّ كولم دونلون، رئيس عمليات الدمج والاستحواذ فى أوروبا والشرق الأوسط وآسيا لدى بنك «مورجان ستانلى»، أن نشاط مثل هذه العمليات نشط بشكل كبير فى المملكة المتحدة بعد التصويت.
وتوقع مصرفيون أن تحافظ الولايات المتحدة على مكانتها كوجهة لنشاط مثل هذه الصفقات فترة رئاسة ترامب، بعد أن حدد خططا لخفض معدل الضريبة على الشركات الأمريكية والسماح لإعادة الأموال القادمة من الخارج.
