مؤسسات دولية تحذر من تراجع الجنيه والعريان يرد: لا داعى للقلق
العملة الأمريكية تكسب 3 قروش لأول مرة منذ 19 يوماً
ارتفع سعر صرف الدولار بالبنك المركزى اليوم للمرة الأولى فى 19 يوماً، وسجل 15.73 جنيه للشراء و15.87 جنيه بزيادة 3 قروش على أسعار أمس.
يأتى هذا بعد سلسلة من التراجعات منذ بداية الشهر الجارى فقد فيها الدولار أكثر من 16% من قيمته، وهدأت وتيرة تراجع الدولار بالبنوك منذ تعاملات أمس، لتبدأ ارتفاعات طفيفة اليوم تتراوح بين 3 و8 قروش.
وجاء هذا الارتفاع بعد مخاوف المستثمرين الأجانب فى أدوات الدين الحكومى من التراجع السريع وغير المتوقع لسعر العملة الأمريكية فى السوق المحلى، وهو ما انعكس فى صورة عزوف تام عن الاكتتاب فى آخر مزادين للأذون، بعكس التدفقات القوية لاستثماراتهم التى شهدتها بداية الشهر.
كان بنكا الاستثمار رينسانس كابيتال ومجموعة «ستاندرد» المصرفية قد حذرا أمس بأن الصعود فى قيمة الجنيه ذهب لأبعد مدى ممكن.
وقال دينيس برايم، الذى يساعد فى إدارة 5.5 مليار دولار من ديون الأسواق الناشئة فى شركة «GAM» لإدارة الأصول فى لندن: «كان الارتفاع فى قيمة الجنيه أسرع مما توقعت، ولا أشعر بارتياح فى دخول السوق فى ظل مستوياته الحالية».
وقال بنك «ستاندرد»، إن الارتفاع فى قيمة الجنيه وصل لنهاية الطريق، وتوقع أن يتراجع الجنيه من مستواه الحالى بنسبة 3% خلال الشهر المقبل.
ونقلت صحيفة فاينانشيال تايمز عن بنك الاستثمار «رينيسانس كابيتال» تحذيره، أن الجنيه قد يواجه تراجعاً آخر، بعد أن ارتفع 14% فى الأسبوعين الماضيين إلى 15.78 جنيه للدولار.
وذهب تشارلز روبرتسون، المحلل فى بنك الاستثمار الذى يغطى الأسواق الناشئة أبعد من ذلك بالقول إن البنك المركزى ربما يكون قد تدخل لدعم العملة فى محاولة للسيطرة على معدل التضخم المرتفع، غير أنه نفى وجود دليل مباشر على تدخل المركزى، لكنه أوضح أن الارتفاع فى السعر حدث سريعاً جداً.
ورد الخبير الاقتصادى محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين فى مجموعة «أليانز» العالمية، وعضو المجلس التنسيقى للسياسة النقدية، على هذه التحذيرات وقال إنه بدلاً من الإشارة إلى احتمالية كبيرة لتراجع جديد فى قيمة الجنيه، فإن ما قد يحدث هو عملية اكتشاف سعر يقترب فيها الجنيه من «مستوى التوازن».
أضاف على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك أنه من الأهمية التأكيد على أن العملة لم تكن السبب ـ كما أنها ليست الحل الوحيد ـ فى التحديات الاقتصادية التى تواجه مصر.
وقال إن الشىء الأكثر أهمية لصالح الدولة وشعبها هو نهج الإصلاح السياسى الذى يطلق العنان لإمكانات النمو الكبيرة فى الدولة، ويزيد التركيز على القطاعات الاجتماعية بما فى ذلك حماية أكثر الفئات ضعفاً فى المجتمع.
وقفزت استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة إلى 1.2 مليار دولار فى يناير الماضى، ملايين الجنيهات فى أكتوبر قبل التعويم، وشهدت المزادات الأربع الأولى للأذون فى فبراير تدفقات قوية لتلك الاستثمارات، وهو ما ساهم فى تراجع الفائدة بمعدلات وصلت إلى 2.9% فى إحدى المرات، وهبوط سريع للدولار.
وتبع ذلك قيام بعض الأجانب ببيع استثماراتهم فى الأذون فى السوق الثانوى بحسب مصرفى مطلع تحدث لـ«البورصة»، وهو ما أدى لارتفاع أسعار الفائدة فى آخر مزادين بمعدل وصل إلى 100 نقطة أساس، كما تقلص تراجع الدولار قبل أن يستأنف ارتفاعه فى سوق الصرف المحلى اليوم.
وبالرغم من ذلك نقلت وكالة أنباء بلومبيرج عن جايسون توفى، اقتصادى معنى بالشرق الأوسط فى «كابيتال ايكونوميكس» فى لندن، قوله إن العائدات على أذون الخزانة جذابة للغاية فى ظل التحول داخل الحكومة نحو السياسات المالية المألوفة وأيضاً وجود قرض صندوق النقد الدولى، متوقعاً ارتفاع قيمة الجنيه إلى 14 جنيهاً للدولار العام الجارى.
قال أحمد الخولى رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك، إن استئناف الدولار للارتفاع فى البنوك مرة أخرى أمر متوقع فى ظل العمل بآلية العرض والطلب فى تسعير العملة.
أضاف أن تراجع الجنيه مجدداً يرجع بالدرجة الأولى لنقص المعروض من الدولار مستبعداً أن تكون هناك زيادة فى الطلب عليه أدى لارتفاع سعره. «الأيام الماضية شهدت معدلات كبيرة من التنازلات الدولارية من عدة جهات منها ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج بداية الشهر ودخول الأجانب للاستثمار فى أذون وسندات الخزانة بقيمة كبيرة، وهو ما رفع معدلات السيولة الأجنبية بالبنوك، وهو ما تراجع الآن».
قالت رضوى السويفى رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إن ارتفاع الدولار مرة أخرى بالبنوك متوقع بعد استعادة الجنيه جزءاً من قيمته خلال النصف الأول من الشهر الحالى.
أضافت أن هناك عوامل مختلفة ستؤثر على مستويات العرض والطلب الفترة المقبلة، منها دخول الجزء الثانى من الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى فى مارس، وهو ما سيحفز المستثمرين وحاجزى العملة على ضخ سيولتهم الأجنبية فى السوق، لكن فى نفس الوقت ستكون هناك زيادة فى الطلب على الاستيراد لتوفير احتياجات شهر رمضان، وهو ما سيخلق ضغوطاً على الطلب، والنتيجة النهائية أن سعر العملة سيظل فى حالة تذبذب حتى بداية النصف الثانى من العام.