سياسات ترامب تخاطر بتوحيد حلفاء الحرب الباردة والأعداء ضد واشنطن
عادة، تبحث الولايات المتحدة، عن نهج مشترك للقضايا العالمية الكبرى فى قمم مجموعة العشرين.. لكن هذه المرة سيختلف الأمر تماما.
قالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إنه عندما يجتمع زعماء العالم فى هامبورج يوم الجمعة المقبل ستتحرك الصين وألمانيا لانتزاع دور الولايات المتحدة.
وأوضح دبلوماسيون ومسئولون فى دول مجموعة العشرين أن الولايات المتحدة تراجع دورها منذ تنصيب الرئيس دونالد ترامب، فى وقت سابق من العام الحالي.
وقد تبلورت الحالة قبل الاجتماع السنوى لمجموعة العشرين هذا العام والذى سيعقد فى ألمانيا. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الولايات المتحدة ستمثل للمرة الأولى منذ تأسيس المجموعة، برئيس يحتضن الحمائية ويتخلى عن عقود من الريادة الأمريكية فى مجال التجارة الحرة.
وكانت الولايات المتحدة قد غيرت موقفها من اتفاق المناخ. ولذلك يخاطر الرئيس الأمريكى بأن يجد نفسه وحيدا ضد جبهة موحدة من حلفاء أوروبا وجيران منهم كندا والمكسيك، وأعداء الحرب الباردة الأمريكيين السابقين.
جاء ذلك فى الوقت الذى يعزز فيه الرئيس الصينى شى جين بينغ، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، آفاق التعاون بين البلدين، إذ أجرى رئيس الوزراء الصينى لى كه تشيانغ، ثلاث زيارات الى المانيا حتى الآن. وهو ما يشير الى أن الدولتين تتفقان على التوسع بشكل اكبر فى المساحة الفارغة التى تركتها الولايات المتحدة على الأقل مؤقتا تحت رئاسة ترامب.
وقال سفير بكين لدى مجموعة الـ 20 دييجو راميرو جيلار، إن التقارب الجديد بين الصين وألمانيا حدث بسبب تصرفات الرئيس الأمريكي، مضيفا ان الرئيس شي، والمستشارة ميركل، هما الزعيمان الأكبر فى العالم فى الوقت الحاضر.
وأوضحت «بلومبرج» أن العلاقات بين الصين والمانيا تعززت منذ سنوات بسبب المصالح الاقتصادية المشتركة، ودون عوائق التنافس الجيوسياسى الذى عقّد العلاقات بين بكين وواشنطن قبل انتخابات ترامب بوقت طويل.
وأضافت الوكالة، أن ألمانيا تحتاج إلى الأسواق لآلاتها الصناعية الراقية والسيارات وفى نفس الوقت ترغب الصين فى الحصول عليها.
ومن المقرر أن يقوم شي، بزيارة ثانية الى المانيا قبل انعقاد القمة فى وقت وصلت فيه الباندا العملاقة التى ستقدمها الصين لحديقة حيوان برلين بالفعل، وهى بادرة توصف أحيانا بأنها «دبلوماسية الباندا».
فقد قدمت الصين اثنتين من الباندا الى الولايات المتحدة عام 1972 بعد ان قام الرئيس ريتشارد نيكسون، بزيارته الأولى التاريخية للصين.
وقال مايكل كلاوس، السفير الألمانى لدى بكين إن العلاقات بين الصين وألمانيا تمر بأفضل مراحلها عبر التاريخ، مضيفا أن الديناميكية الاقتصادية والسياسية من وجهة النظر الألمانية تتحرك نحو الشرق.
وأشار كلاوس، إلى أن الولايات المتحدة تركت نوعا من الفراغ فى المنطقة بالتخلى عن اتفاقية التجارة الحرة عبر المحيط الهادئ التى تضم 12 دولة فى وقت تقود فيه الصين العديد من المبادرات على رأسها طريق الحرير لتوسيع نفوذها العالمى.
ولا يزال الفراغ الذى أحدثه ترامب، أكثر وضوحا عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، بعد أن أعلن الشهر الماضى انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس بشأن تغير المناخ ليخالف بذلك جميع اعضاء مجموعة الـ 20.
جاء ذلك فى الوقت الذى اجتمع فيه فريق عمل صينى – المانى لمناقشة سياسة تغير المناخ فى برلين الأسبوع الماضى حيث تعهد الجانبان بالالتزام بنهج طموح لتنفيذ اهداف اتفاق باريس، والضغط على هذا النهج الجماعى فى قمة مجموعة العشرين المقبلة.
وكشفت بيانات «بلومبرج» أن ألمانيا باعت سلعا إلى الصين، فاقت قيمتها 85 مليار دولار العام الماضي.. وكانت أكبر المستثمرين الأوروبيين فى بكين.
وأوضحت دراسة أجرتها مجموعة «روديوم» بالتعاون مع معهد «ميركاتور» للدراسات الصينية، ارتفاع الاستثمار المباشر الصينى فى جميع أنحاء الاتحاد الأوروبى بنسبة %77 العام الماضى مقارنة بمعدلات عام 2015.
ومع ذلك، انخفض الاستثمار الأوروبى فى الصين للسنة الرابعة على التوالى مع وجود عقبات فى بعض الصناعات مثل التأمين ومتطلبات المشاريع المشتركة الشاقة والمخاوف بشأن القانون الجديد للأمن السيبراني.
وفى الوقت نفسه تفضل الصين الاعتماد على ألمانيا بسبب النزاعات الواسعة مع الكتلة الأوروبية التى لا تزال تعارض منح بكين دورا أوسع فى منظمة التجارة العالمية.