حذر صندوق النقد الدولى، من أن الاقتصادات المتقدمة تتحمل مسئولية متزايدة عن الاختلالات الموجودة فى الاقتصاد العالمى.
وكشفت بيانات جديدة صدرت عن صندوق النقد الدولى، أن الولايات المتحدة تعانى أكبر عجز فى الحساب الجارى لفترة طويلة.
وفى الوقت الذى يشكل فيه عدم التوافق بين معدل المدخرات والإنفاقات العالمية، تهديداً للعالم أكثر مما كان عليه قبل الأزمة المالية فى 2008، حذر صندوق النقد الدولي، أيضاً، من أنه قد يخاطر بتغذية مطالب جديدة للحمائية.
وذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أن تصريحات صندوق النقد تأتى فى ظل غضب دونالد ترامب، الذى ظهر فى قمة مجموعة العشرين ببرلين، وإرث العجز التجارى الأمريكى مع برلين، أكبر اقتصاد فى أوروبا.
ووضعت إدارة ترامب، التى جعلت خفض العجز الأمريكى مع العالم، إحدى أولوياتها الاقتصادية، مزيداً من الضغوط على صندوق النقد الدولى، بهدف بذل مزيد من الجهد لتسليط الضوء على الاختلالات العالمية.
لكن الصندوق، قدم أيضاً توبيخاً إلى إدارة ترامب، من خلال نشر نتائج ممارسة داخلية تبين أن فرض التعريفات الجمركية والحواجز التجارية الأخرى لن تفعل شيئاً يذكر لمعالجة عجز الحساب الجاري، وستؤذى كلاً من الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي.
وقال لويس كوبيدو، المؤلف الرئيسى لتقرير صندوق النقد الدولى حول الاختلالات العالمية، إنه ينبغى تجنب الإجراءات الحمائية مهما كان الثمن، إذ من المرجح أنها تكون ضارة بالنمو المحلى والنمو العالمي.
ووفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، سجلت ألمانيا فائضاً فى الحساب الجارى بلغ 289 مليار دولار، أى 8.3% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2016، فى حين انخفضت النسبة بالصين إلى 196.4 مليار دولار، أى 1.7% من الناتج المحلى الإجمالى.
وفى الوقت نفسه، سجلت الولايات المتحدة عجزاً فى الحساب الجارى بلغ 451.7 مليار دولار خلال 2016، أى 2.4% من الناتج المحلى الإجمالي، بما يعادل نحو أربعة أضعاف العجز فى المملكة المتحدة عند 114.5 مليار دولار لتأتى فى المرتبة الثانية عالمياً.
وهذا العجز فى المملكة المتحدة، يتجاوز ضعف حجم صاحبة ثالث أكبر عجز، وهى كندا، إذ بلغ 50.5 مليار دولار.
وأشار تقرير الصندوق إلى زيادة تركز الاختلالات العالمية فى عدد قليل من الاقتصادات المهمة والمخاطر الجديدة التى يشكلها هذا الأمر.
وتراجع حجم الاختلالات العالمية بشكل ملحوظ عن الأيام التى سبقت الأزمة المالية لعام 2008، عندما أدت وفرة المدخرات العالمية التى تغذيها الصين وغيرها من الاقتصادات الناشئة لحد كبير، إلى تدفق رؤوس الأموال وتزايد العجز فى الحساب الجارى بعدة أماكن منها الولايات المتحدة.
وفى حين أن هذا الخطر، انخفض مع تراجع العجز فى الولايات المتحدة عن ذروة ما قبل الأزمة بنسبة 6% من الناتج المحلى الإجمالي، قال صندوق النقد الدولى، إنه لا يزال ينتابه القلق من أن تؤدى الاختلالات إلى زيادة التوترات بين الاقتصادات المتقدمة، واللجوء إلى السياسات الحمائية.
وأعلن صندوق النقد الدولي، أن الخطر سيكون فى المستقبل، مضيفاً أنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن اتجاه السياسات الأمريكية، ومفاوضات المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي.
ولكن ليس هناك شك فى أن وصول ترامب، إلى البيت الأبيض تسبب بالفعل فى تحقيق مزيد من حالات عدم اليقين.
واتهم ترامب وكبار مستشاريه، ألمانيا باستغلال ضعف اليورو لمصلحتها التجارية، فى حين يهدد بفرض رسوم جمركية وغيرها من القيود على واردات بعض المنتجات منها الألومنيوم والصلب من بعض الدول خصوصاً الصين وألمانيا وكوريا الجنوبية.
وبذل ترامب جهوداً لإعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية مع كندا والمكسيك، وأبرم اتفاقية تجارية منفصلة مع كوريا الجنوبية لتخفيض العجز فى الولايات المتحدة مع تلك البلدان، وجعل إعادة وظائف التصنيع إلى الولايات المتحدة الهدف الأساسى المعلن.
وبدلاً من فرض حواجز تجارية، أوضح صندوق النقد الدولى، أنه يتعين على الولايات المتحدة التركيز على خفض الديون الحكومية بعناية والقيام بمزيد من الجهود لتحسين قدرتها التنافسية وإنتاجيتها من خلال برامج تعليمية وتدريبية أفضل.
وفى الوقت الذى نمت فيه مخاوف صندوق النقد الدولى من تحركات الولايات المتحدة، زادت أيضاً دعواته لألمانيا ببذل مزيد من الجهد لمعالجة فائضها الإنتاجى.
ومن شأن استثمار مزيد فى الداخل فى بعض القطاعات منها البنية التحتية، أن يساعد على تعزيز نمو ألمانيا المحتمل، ومعالجة العديد من القضايا الاقتصادية التى تواجهها أيضاً معظم الاقتصادات المتقدمة الأخرى.
وقال لويس كوبيدو، رئيس قسم الاقتصاد المفتوح فى إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي، الذى يتولى قيادة مجموعة التنسيق المعنية بالقطاع الخارجى فى الصندوق: «إننا لا نرى بالضرورة أن فائض ألمانيا يشكل تهديداً للاقتصاد العالمى..لكن خفض هذا الفائض ستكون له فوائد للاقتصاد العالمى».
