يسعى السياسيون الأوروبيون لمعالجة سياسة ترامب، الجديدة تجاه إيران، إذ لا يمكن للشركات الأوروبية أن تكون متهورة جدا فى اتخاذ قرارات عدائية.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أن الرئيس الأمريكى رفض الجمعة الماضية، التصديق على امتثال ايران للاتفاق النووى الذى تم التوصل إليه مع القوى العالمية عام 2015 وهدد بالانسحاب منه تماما. وقام أيضا بفرض عقوبات جديدة، وطالب الكونجرس التصديق على اتخاذ مزيد من هذه العقوبات.
وأوضحت الوكالة أن الاتحاد الأوروبى سارع فى الدفاع عن الاتفاق، مشيرا الى انه ليس لدولة واحدة لها الحق فى انهائه.
وأعلن رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى فيديريكا موغيريني، ان الرئيس الأمريكى لديه سلطات كثيرة.. لكن بعيدا عن هذا الأمر.
ولكن أفادت الوكالة أن أمريكا لديها القدرة على اتخاذ إجراءات من جانب واحد، التى تؤثر على الشركات فى كل مكان.
وأعطى ترامب، الكونجرس، 60 يوما للنظر فى إعادة فرض عقوبات على إيران بعضها يمكن أن تنطبق على الشركات خارج الولايات المتحدة ما يجبرهم على الاختيار بين الأسواق الأمريكية والإيرانية.
وقال روزبه بارسي، مدير مجموعة الأبحاث الإيرانية الأوروبية التى تتخذ من السويد مقرا لها، والتى تعزز التعاون بين أوروبا وإيران إن النتيجة النهائية لشركة ما، أنها ستكون قادرة على تحقيق الربح دون رفع دعوى قضائية.
وأشارت الوكالة إلى أن الجاذبية التجارية لإيران واضحة، إذ إنها دولة يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة مع ثروة نفطية وطبقة متوسطة كبيرة. والطلب المكثف الناجم عن إنفاق عقد من الزمن قد توقف عن الأسواق العالمية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى وقعت فيه الشركات الأوروبية العملاقة، ومنها «سيمنس» و«توتال»، صفقات بقيمة مليارات الدولارات على خلفية الاتفاق النووى الذى تم توقيعه عام 2015.
وقال المديرون التنفيذيون والمحللون، إن عدم اليقين بشأن نوايا ترامب، الإيرانية، له تأثير مزدوج ولا يرون حتى الآن سببا واضحا للانسحاب من هذا الاتفاق.
وقال الرئيس التنفيذى لشركة «أندرز» الاستشارية التى تتخذ من باريس مقرا لها وتساعد العلامات التجارية لشركات الأزياء العالمية فى دخول سوق إيران، إنه من المقرر الاجتماع مع شركاء محتملين فى طهران رغم إعلان ترامب فرض المزيد من العقوبات.
ولكن نقلت «بلومبرج» عن أحد تجار التجزئة الأوروبيين قوله إنه قرر التوقف عن ضخ استثمارات حتى تصبح سياسة ترامب تجاه إيران أكثر وضوحا.
وأشارت الوكالة إلى أن البعض حذر جدا، والبعض الآخر لديه مزيد من المشاريع الريادية والخبرة فى الأسواق الناشئة.
وأعلنت مجموعة «أزيموت» الإيطالية الأسبوع الماضي، عن شراء حصة بنسبة 20% فى شركة إدارة أصول إيرانية، إذ أقر سيرجيو ألباريلي، الرئيس التنفيذى للشركة الايطالية بوجود مخاطر.. لكنه أعلن أنه الأرباح تأتى من هذه المنطقة.
وأوضح الباريلي، أن أى فرصة عظيمة فى السنوات الأربعين الماضية فى الأسواق الناشئة، قامت على افتراض وجود بعض المخاطر، مشيرا إلى أن صفقته تتفق تماما مع القواعد والعقوبات القائمة.
وقال المسئولون الأوروبيون، أنهم سيحاولون حماية الأعمال من المخاطر المرتبطة بسياسة التحول الأمريكية.
وأعلن وزير المالية الفرنسى برونو لو مير، لنظيره الأمريكى، رغبة بلاده فى إيضاح الوضع القانونى لشركاتها.
وأكد سفير الاتحاد الأوروبى لدى الولايات المتحدة ديفيد أوسوليفان، أنه إذا أعاد الكونجرس فرض عقوبات، فإن أوروبا ستعمل على حماية المصالح المشروعة لشركاتها بكل الوسائل المتاحة.
وقال على فايز، المحلل الايرانى فى مجموعة «الأزمات الدولية» إن الاتحاد الأوروبى لديه أدوات متاحة حيث يمكن ان يستخدم ما يسمى بـ «تنظيم الحجب» الذى طبق فى التسعينيات كعارض للعقوبات الأمريكية.
وأشار فايز، إلى ان هذا من شأنه ان يحظر على الشركات الأوروبية الالتزام بالإجراءات الأمريكية الفردية.
وقال بارسي، ان الاتحاد الاوروبى يمكن ان يذهب الى ما هو أبعد من ذلك من خلال رفع قضيه إلى منظمة التجارة العالمية أو توجيه قرارات انتقامية من الأعمال الأمريكية فى أوروبا.
لكن قد لا يكون الأوروبيون مستعدين للمواجهة، وربما يفضلون الدفاع عن الاتفاق النووى اسميا على المستوى السياسى مع تجنب الخطوات الاستباقية.
وأوضحت «بلومبرج» أنه قبل تحول سياسة ترامب تجاه ايران، واجهت الشركات الأوروبية المهتمة بالاستثمار فى إيران الكثير من العقبات القانونية.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت غرامة على العديد من البنوك الدولية الكبرى بسبب تعاملها مع إيران. ولذلك أعلنت الشركات الغربية أن عدم موافقة البنوك على تمويل مشاريعنا او تحويل الأموال فى ايران سيكون الوضع صعبا للغاية.
وعلى الجانب الإيراني، فإن تسريع تدفق الاستثمار والتجارة هو النقطة الكاملة للصفقة.
وفى طهران شهد أمير على زاده، نائب المدير الإدارى للغرفة التجارية الإيرانية الألمانية عددا أقل من وفود التجارة هذا العام. وقال إن الشركات الأكبر حجما وخصوصا تلك العاملة فى الولايات المتحدة، تؤخر قراراتها بشأن ضخ استثمارات فى طهران.
وفى الأسابيع الأخيرة، وقعت المملكة المتحدة صفقة للطاقة الشمسية بقيمة 720 مليون دولار مع إيران. وتعهد بنك الاستثمار الحكومى الفرنسى «ببيفرانس» بتقديم ما يقرب من 600 مليون دولار من القروض للشركات الفرنسية التى لديها مشاريع هناك.