رهان على خفض الفائدة وحوافز اﻹقراض لدفع معدلات التشغيل
قال طارق عامر محافظ البنك المركزى، إن القطاع المصرفى يستهدف زيادة قروضه إلى تريليونى جنيه بدلاً من 1.4 تريليون جنيه حالياً.
ولم يحدد عامر مدة زمنية لبلوغ هذا الهدف، لكن السنوات الماضية تشير إلى أن القروض البنكية فى مصر لا تشهد طفرات كبيرة، إلا أن نتيجة إعادة تقييم مكون العملات اﻷجنبية فيها إذا حدث تغير كبير فى سعر الجنيه، على غرار ما حدث فى مارس ونوفمبر 2016، وتراجعت معدلات توظيف القروض للودائع بالقطاع المصرفى بنحو 2.6% لتصل إلى 45.4% فى أغسطس مقابل 48% قى يناير الماضى.
وتشتكى الشركات من ارتفاع أسعار الفائدة فى الوقت الحالى نتيجة تشديد السياسة النقدية لمواجهة التضخم، وهو ما يجعلها تعزف عن الاقتراض أو بدء استثمارات جديدة، لكن الحكومة عوضت هذه الناحية وتوسعت هيئاتها فى الاقتراض البنكى خلال الشهور الماضية لتمويل المشروعات الكبرى التى أطلقتها الحكومة خلال السنوات الماضية، وأصبحت قروض تلك الهيئات هى محرك النمو الرئيسى للائتمان البنكى.
وأرجع المصرفيون توقعاتهم إلى استهداف أغلب البنوك نمو فى محافظ تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكذا قروض العقارات لمحدودى ومتوسط الدخل، مشيرين إلى أن خفض تكلفة الإقراض المرتقب أحد أهم أسباب جذب الاستثمارات مرة أخرى.
وأظهر مسح أجرته «بنوك وتمويل» على ميزانيات 17 بنكاً تراوح معدلات توظيف القروض للودائع بين 11% و173%، وتراجع معدلات التوظيف فى 10 بنوك أبرزها المصرى الخليجى والتعمير والإسكان، والإمارات دبى الوطنى وبنك الإسكندرية، فى حين ارتفعت معدلات التوظيف بمعدلات طفيفة فى 7 بنوك.
لكن بالرغم من ذلك يبدى المسئولون فى القطاع المصرفى تفاؤلاً بزيادة تلك المعدلات خلال الفترة المقبلة، نتيجة حوافز إقراض بعض القطاعات والتى يقدمها البنك المركزى حالياً، إضافة إلى توقعات خفض الفائدة خلال العام المقبل اﻷمر الذى سيشجع الشركات على الاستثمار والاقتراض.
وقال مسؤل الائتمان بأحد البنوك، إن أغلب بنوك القطاع المصرفى لديها توجه خلال الأعوام القليلة المقبلة بزيادة شريحة المتعاملين والتوسع فى منح الائتمان لمختلف شرائح العملاء سواء الشركات أو الأفراد.
وأشار إلى أنه حان الوقت لاستئناف أغلب الاستثمارات المؤجلة مع اقتراب تراجع أسعار الفائدة، موضحاً أن المرحلة المقبلة تستهدف نمو الاقتصاد وتخطى سياسات الانكماش التى التزمت بها مختلف المؤسسات وهو ما يشير لارتفاع متوقع فى معدلات الإقراض بالبنوك.
ورهن عبدالعزيز برسوم، خبير المحاسبة بمجموعة حازم حسن، ارتفاع نسب التوظيف المتدنية حالياً فى البنوك بخفض اعتمادها على استثمارات أدوات الدين الحكومى والودائع المربوطة لتحقيق أرباحها.
أوضح أن الاقتصاد يبدأ دورة توسعية بتراجع معدلات التضخم وتعافى معدلات النمو وتقلص عجز الموازنة الأمر الذى يعد بيئة مثالية لارتفاع معدلات الإقراض وأن البنوك بوسعها تذليل العقبات.
وذكر أن قليلاً من هيكلة المخاطر داخل كل البنك ووضع أطر من قبل البنك المركزى كفيل بمواجهة التحديات، ونفى أن يمثل تراجع استثمارات البنوك فى أدوات الدين الحكومى ضغوطاً على الربحية، لأن التحول للإقراض سواء تحت مبادرات البنك المركزى أو خارجها يكفل فائدة أكبر من أدوات الدين الحكومى كعلاوة مخاطر وبالتالى ربحية أعلى.
فى الوقت نفسه، لفت إلى أن ما سيشكل ضغطاً طفيفاً على ربحية البنوك هو تبنى معيار المحاسبة الدولية التاسع والذى يضع نسب أكبر لاحتمالات خسارة التمويل وبالتالى يجبر البنوك على الاحتفاظ بمخصصات أعلى، ومن المقرر بدء البنوك فى تبنى مبادئ المحاسبة الجديدة IFRS خلال العام القادم وفقاً لجمال نجم وكيل محافظ البنك المركزى
وارتفعت قروض القطاع الصناعى بنهاية أغسطس لتصل إلى 377.5 مليار جنيه مقابل 362 مليار جنيه نهاية ديسمبر الماضى بمعدل نمو 1%.
وقال عصام مرسى، رئيس قطاع تمويل الشركات فى بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، أكبر مشغل للقروض فى الودائع فى القطاع المصرفى، إن معدلات النمو المرتفعة التى وصلت 5% فى الربع الأخير من العام المالى الماضى تحفز نمو تمويلات القطاعات المختلفة فى مقدمتها القطاع الصناعى.
ويساهم القطاع الصناعى بنحو 17.4% من الناتج المحلى الإجمالى للعام المالى الماضى، فى حين تستحوذ محفظة قروضه على 26.9% من محفظة الائتمان فى القطاع المصرفى.
أوضح أن تراجع توظيف القروض للودائع أمر مؤقت فى ظل توافر العملة الأجنبية فى السوق المحلى، وأن البنوك تمول المصنعين بصورة غير مباشرة من خلال إقراض شركات التأجير التمويلى والخدمات المالية.
وأوصى جمال نجم نائب محافظ البنك المركزى البنوك بضرورة الاستعداد للتحول المتوقع فى هيكل الأصول من أدوات استثمار أمنى إلى قروض لتمويل الشركات والأفراد فى ظل تدنى نسبه القروض إلى الودائع فى القطاع المصرفى خلال الفترة الماضية.
وقال مرسى، إن بنك التنمية الصناعية يستهدف ضخ تمويلات بقيمة مليار جنيه قبل نهاية العام الحالى للوصول بنسب التوظيف إلى معدلات ما بين 60 و65% وإن البنك يمول التجارة الخارجية والقروض الصناعية بالعملتين المحلية والأجنبية.
وتوقع إبراهيم الكفراوى، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية نمو معدلات التوظيف لتتخطى 50% خلال الفترة المقبلة نتيجة النشاط المحلوظ فى صفقات القروض المشتركة لتمويل المشروعات القومية الكبرى، وفى الوقت نفسه أوضح، أن آثار الصفقات ستظهر بصورة كلية على أرقام القطاع مع بدء الشركات فى سحب مديونياتها.