اقتصادنا يا تعبنا «82»
كل المؤشرات تشير إلى أنه من متوقع ارتفاع معدلات النمو لتتخطى %5 بفعل الاستثمارات الحكومية وتحسن أداء بعض القطاعات خلال 2018 مثل قطاع السياحة مع عودة السياحة الروسية والإيطالية.. لكن يبقى هناك تحديات من شأنها التأثير على أداء الاقتصادات النامية جميعا ومنها مصر مع ارتفاع أسعار البترول لتتخطى حاجز 80 دولاراً للبرميل.. وكذلك ارتفاع الديون الخارجية إلى أكثر من 82 مليار دولار لتمثل مع الديون العامة المحلية أكثر من %130 من الناتج المحلى الإجمالى.. لكن سيقل أثر مشكلة الديون إذا زات عجلة الإنتاج وارتفاع مستوى الاستثمار الاجنبى المباشر ليتخطى %15 على أن يصل خلال السنوات القادمة إلى 25-%30 من الناتج المحلى الإجمالى.. فإذا زادت معدلات الإنتاج والاستثمار سيؤدى ذلك على رفع مستويات التشغيل وانخفاض معدلات البطالة وتحسن دخول المواطنين .. لأنه لا بديل عن زيادة معدلات الاستثمار فى ظل موازنة تعانى من محدودية الموارد والتى يحتل كل من الدعم والأجور وفوائد نسبة %80 من الموازنة.. حيث تصل خدمة الديون لوحدها نحو %37.. فكلما زاد الاستثمار ذا التشغيل وزادت الإيرادات.. لذا تأتى أهمية الإصلاح والتحسين المستثمر لمناخ الاستثمار وحل مشاكل المستثمرين بوتيرة أسرع.
ومن هنا تأتى أهمية تشجيع القطاع ليكون شريكًا رئيسيًا فى تحقيق التنمية المستدامة من خلال توسعاتها واستثماراته الجديدة من ناحية ومن ناحية أخرى تشجيعه على تبنى برامج المسئولية المجتمعية إلى جانب المؤسسات المجتمع المدنى ذات الحس الوطنى فى لعب دور مهم فى تسحين مستوى الخدمات والمرافق على مستوى المحليات لمساعدة الدولة فى تحقيق تنمية المستدامة.. وحتى نصل إلى معدلات نمو تفوق الـ%8.. بالإضافة إلى برامج الدولة بشأن الحماية الاجتماعية مثل تكافل وكرامة ومنظمة التموين.. مع التفكير الجدى فى التحول نحو الدعم النقدى لأنه سوف يوفر على الدول نفقات كثيرة إدراية وورقية ولوجيستية خاصة ما يتعلق بالمناقصات والترسيات وجيوش الموظفين القائمين عليها.. وغيرها من الأمور.
كما يجب تفعيل منظومة المعاش المبكر ووقف التعيينات الحكومية لفترة حتى تتباين الاحتياجات الحقيقية من التوظيف ويكون التوظيف فقط عند الاحتياج.. مع إعادة تأهيل الجهاز الإدارى للدولة ورفع الكفاءة والتدريب المستمر والتحول نحو الاقتصادى الرقمى وميكنة جميع الخدمات الحكومية.
برنامج الإصلاح الاقتصادى يخلق تحديات إلى جانب الفرص التى يخلقها.. فإذا كانت التحديات تكمن فى الأبعاد الاجتماعية للإصلاح الاقتصادى وشعور المواطن بثمار هذا الإصلاح.. فإن الالتزام بالإصلاح فى حد ذاته يعد تحديًا لأنه يحتاج الاستمرار واستكمال الإصلاح إلى باقى مناحى الاقتصاد الحقيقى وغيره من المجالات ومسيرة الإصلاح لا تنتهى فى يوم وليلة بل هى عملية مستمرة.. ولاشك أن التحول نحو الاقتصاد الرقمى سيخلق مجالات وآفاق جديدة للاستثمار لمواكبة التطورات العالمية مع متابعة حثيثة للتحديات العالمية والتطورات على مستوى التكنولوجيا المالية والاقتصاد الرقمى.. فنحن لا نعمل بمعزل عن العالم سواء بتحدياته أو تطوراته وما يخلقه كل منهما من فرص وتحديات.. فموقع مصر وإمكانياتها تؤهلها لتكون مركزًا إقليميًا للوجيتسيات والخدمات المالية..
ولعل إعادة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي لفترة رئاسية جديدة ستكون مكملاً لحالة الاستقرار السياسي التى تشهدها مصر مع مراعاة التعامل بحرفية مع التحديات الاقتصادية.. وما جاء من إنجازات على صعيد البنية الأساسية والطرق والمرافق يجب أن يكلل بالتركيز على الرفع من شأن المواطن.. المواطن الذى تحمل فاتورة الإصلاح وتآكل دخله وقيمة مدخراته منذ التعويم وحتى اليوم مع موجات رفع الدعم والأسعار.. ويجب أن يكون المواطن وتحسين ظروفه المعيشية والخدمات من صحة وتعليم ومرافق المحور الرئيسى فى الفترة الرئاسية الثانية.. إلى جانب تشجيع نمو الإنتاج المحلى من سلع وخدمات ومضاعفة أرقام التصدير وزيادة الاستثمارات.
أما على صعيد البورصة والطروحات.. فإن نظرة التفاؤل تجاه الاقتصاد المصرى بعد تخطى مرحلة الخطر المدقع إلى الخطر الذى يمكن إدارته والانطلاق نحو تحقيق معدلات نمو واستثمار عالية وفى ظل شهادة العديد من المؤسسات الدولية على تخطى مرحلة الخطر إلى مرحلة الاستقرار وما طرأ على الاقتصاد المصرى من تحسن لبعض المؤشرات الكلية وبعد قرار التعويم بما له وما عليه، نرى أن البورصة المصرية مازالت أرض خصبة لتلقى مزيد من التدفقات .. فالأداء المتميز للبورصة خلال عام 2017 وتبوئها مراكز الصدارة من حيث التداول وصولها إلى مستويات قياسية وتخطى حجم التداول حاجز التريليون جنيه من المؤشرات المهمة لتحسن مستوى السوق الذى كسر حاجز 17000 نقطة فى مارس 2018..
ورغم أنها حاليًا أقل من مستوى 17000 نقطة فإنها مرشحة للصعود لتصل إلى مستوى 24000 نقطة خلال النصف الثانى من العام الحالى مع البدء فى برنامج الطروحات الحكومية وانتهاء أجل الشهادات ذات العائد %20 مما سيسمح توجيه جزء كبير من السيولة للبورصة المصرية وما يحدث من تحول من بعض البورصات الإقليمة التى تشهد توترات جيوسياسة سيجعل من البورصة المصرية وجهة جيدة فى ضوء تنافسية أسعار الأسهم المصرية والمنتجات الجديدة المزمع طرحها فى السوق وفى ضوء التعديلات الأخيرة لقانون سوق المال التى ستؤثر بالإيجاب على أداء البورصة خلال الأشهر القادمة.. ولاسيما فى الربع الأخير من 2018..
وما نبغى إلا إصلاحًا وتوعية
