تنسيق بين “قطاع الأعمال” و”الصناعة” لاستقدام شركة كبرى لإحياء “النصر للسيارت”
الوزارة تتطلع لإنتاج ما يتراوح بين 100 و200 ألف سيارة سنوياً لطراز عالمي بمكون محلي كبير
بحث دمج “النصر” و”الهندسية” للاستفادة من مساحة الشركتين في تنفيذ المشروع
الشركة تتطلع لتجميع الجرار الروماني الأشهر المقبلة.. وتفاوض شركات هندسية ومعدنية لتصنيع معداتها
12 مليون جنيه خسائر “النصر” سنوياً.. وعوائد ضئيلة من التصنيع للغير
“مصطفى”: نمتلك الإمكانيات لتنفيذ المشروع.. والاستعانة بشريك عالمي شرط إنجاحه
“مسروجة”: عدم توفر الحوافز الاستثمارية وتحديد حدود للمكون المحلي في التصنيع يعرقلان المشروع
بدأت وزارة قطاع الأعمال العام، التنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة، لاستقدام شركة عالمية كبرى، لإعادة إحياء شركة النصر لصناعة السيارات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية.
وأظهرت استراتيجية أعدتها وزارة قطاع الأعمال لإعادة هيكلة شركاتها التابعة، استعداد الحكومة لمخاطبة عدة شركات عالمية لتنفيذ مشروعاً لتصنيع ما يتراوح بين 100 و200 ألف سيارة سنوية بمصانع النصر للسيارات بنظام المشاركة في الأرباح.
وبحسب الاستراتيجية التي حصلت “إيجيبت اوتوموتيف” على نسخة منها، تسعى الحكومة للمساهمة في المشروع بالأرض وخطوط الانتاج، فيما ستتولى الشركة العالمية التطوير وتمويل تحديث خطوط الانتاج.
وتجهز “قطاع الأعمال” حالياً بياناً بالحالة الفنية لشركة النصر للسيارات والمطلوب تحديداً من الشريك الأجنبي لعرضها على الشركاء المحتملين.
وتعول الحكومة على الشركة العالمية، لتصنيع طراز واحد من إحدى الطرازات الخاصة بها، بمصانع شركة النصر، يتم اعتبار مصر قاعدة لتصديره للأسواق المجاورة، على غرار تجربة شركة رينو العالمية في المغرب، بحسب ما أعلنه هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام قبل أيام.
وقال “توفيق” إن الحكومة تسعى لأن تصنع الشركة العالمية طرازها بأعلى نسبة مكون محلي (لم يحدده)، على أن يتم تصديره تحت شعار صنع في مصر.
وأضاف الوزير أن السوق المصري لن يستوعب كل الإنتاج المستهدف، لذا سيتم الاتفاق مع الشركة العالمية أن تكون مصر قاعدة تصديرية لهذا الطراز في المنطقة بأكملها.
وتعد “النصر” أول شركة لصناعة السيارات في مصر والشرق الأوسط، أسسها الرئيس جمال عبد الناصر عام 1959 بمنطقة وادي حوف بحلوان، ضمن مشروع القيادة المصرية في ذلك الوقت والمسمى “من الإبرة إلى الصاروخ”، والذي استهدف تجميع السيارات في المرحلة الأولى، والتحول لصناعة أول سيارة مصرية خالصة.
وتقع “النصر للسيارات” على 480 ألف متر مربع، وتمتلك حالياً 4 مصانع، الأول يخصص لإنتاج الأجزاء والتروس والثاني لهندسة العدد، والثالث للمكبوسات، فيما يخصص الرابع لتجميع سيارات الركوب.
وتعمل الشركة حالياً على نطاق محدود جداً يقتصر على تصنيع بعض المنتجات الخاصة بشركة النصر لصناعة المطروقات الحكومية والشرقية للدخان بعوائد ضئيلة للغاية.
وتتكبد “النصر للسيارت” خسائر سنوية تصل الى 12 مليون جنيه، ويعمل بها 140 عاملا بقطاعي الأمن والمخازن فقط، بعد قرار الحكومة بوقف خطوط انتاجها عام 2010.
وتبحث وزارة قطاع الأعمال حالياًُ دمج شركتي النصر للسيارات والهندسية للسيارات، حال رغبة الشركة العالمية في تصنيع 200 ألف سيارة سنويا، خاصة أن مساحة الشركتين مجتمعين تصل إلى 850 ألف متر مربع.
وعلمت “إيجيبت اوتوموتيف” أن قطاع الأعمال ستكثف لقاءتها مع عدد من الشركات الآسيوية والروسية، لتنفيذ المشروع في أسرع وقت ممكن.
وكانت قطاع الأعمال اتفقت يناير الماضي (وقت تولي الوزير الأسبق أشرف الشرقاوي الوزارة) مع إحدى الشركات الصينية لتنفيذ المشروع، لكن خالد بدوي الوزير السابق ألغى الإتفاق فور توليه، وأعلن في مؤتمر صحفي إن الشركة تعاني من مشكلات كبيرة لا تؤهلها لإنتاج سيارة مصرية قادرة على المنافسة في السوق.
وجدد هشام توفيق الوزير الحالي أحلام إعادة النصر للسيارت مرة أخرى، بزيارة الشركة وفحص خطوط إنتاجها، وإعلانه عن اعتزام الوزارة المضي في خطة تطويرها بعد التأكد من حالتها الفنية.
وعقد توفيق لقاء قبل أيام لقاءاً مع نيكولاي أسلانوف رئيس مكتب التمثيل التجاري الروسي في مصر، أعلن فيه الأخير أن شركات صناعة السيارات الروسية مهتمة بالمشاركة في مشروع تطوير شركة النصر للسيارات، ومنظومة الصناعات المغذية للسيارات.
وقال توفيق حينها إن قطاع الاعمال العام لديه مقترح لتطوير شركة النصر للسيارات بالاستعانة بالخبرات الفنية والإدارية والملاءة المالية لدى شركاء من القطاع الخاص وخاصة شركات السيارات العالمية.
وكشفت مصادر بالشركة لـ “ايجيبت اوتوموتيف” إن “النصر” بالتزامن مع مساعي استقدام شركة عالمية لتنفيذ مشروع السيارة ذات المكون المحلي الكبير، تجري مفاوضات مع عدة شركات محلية عاملة بقطاعي الصناعات الهندسية والمعدنية لتصنيع بعض منتجاتها بمصانع الشركة، لزيادة عوائد التصنيع للغير.
وأضافت ان الشركة تنتظر تفعيل اتفاق مع رومانيا لتصنيع بعض الجرارات الزراعية بمصانع الشركة كما كان يحدث في السابق.
وقال خالد الفقي، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، إن الوزير هشام توفيق أظهر جدية حقيقية لتطوير الشركة في أسرع وقت ممكن.
وأضاف الفقي أن الشركة القابضة لديها مخطط لإعادة تسغيل الشركة على مراحل، تتضمن المرحلة الأولى منه التوسع في مجال التصنيع للغير في قطاعي قطع الغيار والطلاء، فيما ستتضمن المراحل الأخرى تصنيع الجرارات بالتعاون مع شركات رومانية وتجميع طراز عالمي بمكون محلي كبير.
ووقعت «تراكتور يونيفرسال 650 براشوف» الرومانية، منتصف سبتمبر الجاري، اتفاق تعاون مع مصانع النصر للسيارات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام و مصنع 9 الحربى، لتجميع وتصنيع الجرار الرومانى فى مصر بعد غياب أكثر من 35 عاماً.
وبالتزامن مع خطة “قطاع الأعمال” لتطوير النصر للسيارات، قدم عدد من العاملين بالشركة مقترحان لإعادة إحياء الشركة يمكن تنفيذهما جنباً الى جنب مع مقترح الحكومة، يتضمن الأول بنوداً صنفها العمال بأنها لا تتطلب استثمارات جديدة، وأخرى تتعلق بالرؤية المستقبلية للشراكة مع الشركات العالمية.
وطالب العاملون في المقترح الأول بطرح خط حماية أجسام السيارات من الصدأ (الإلبو) للتشغيل لحساب الغير أو المشاركة أو للإيجار بعائد إقتصادى طبقا للمتغيرات الحالية بالسوق.
وقال مصدر بالشركة لـ”ايجيبت اوتوموتيف” إنه منذ فترة ليست قصيرة تقدم أحد المستثمرين في مجال صناعة السيارات الي إدارة الشركة بتأجير خط الالبو عن طريق الشركة القابضة مقابل 7 ملايين جنيه، وهو ما يتيح لها الحفاظ على عامليها ودفع رواتبهم شهريًا وتحقيق مكاسب سنوية لا تقل عن 5 ملايين جنيه لكن الإدارة رفضت.
وأضاف المصدر: “خط الالبو يعمل 24 ساعة من خلال تشغيل الطلمبات والماكينات دون إنتاج حتى لا تتجمد الخامات”.
وتتضمن المقترح الأول ايضا طرح خطوط الإنتاج بمصنع الأجزاء (خطوط إنتاج المحاور والكردان والجيربوكس والطنابير) للتشغيل للغير او للإيجار أو لإنتاج قطع الغيار الخاصة بوسائل النقل الثقيل مثل الأتوبيسات واللوارى والجرارات.
كما تضمن المقترح طرح خطوط الإنتاج بمصنع المكبوسات للتشغيل لحساب الغير أو المشاركة أو للإيجار والتى تشتمل على مكابس تتراوح قدرتها من 35 وحتى 1000 طن ومقصات وثنايات ومعدات لحام، إضافة الى طرح خطوط إنتاج هندسة العدد للتشغيل لحساب الغير أو المشاركة أو للإيجار والتى تشتمل على إنتاج محددات القياس (خارجى وداخلى ) و إسطمبات وشبلونات بأنواع مختلفة.
وذكر المقترح أن الشركة لديها خط تجميع سيارات كامل بطاقة إنتاجية 15000 سيارة سنويا فى الوردية الواحدة طبقا لسابقة الإنتاج بالشركة يمكن استغلاله، بالإضافة الى إعادة تشغيل فصول التلمذة الصناعية والتى تعتبر بمثابة مصنع للعمالة البشرية الماهرة خاصة أن الفصول الدراسية والبرامج والورشة مازالت بحالتها وموجودة بالشركة .
أشار المقترح الى امتلاك الشركة خامات ومستلزمات إنتاج (محاور وجيربوكس وعامود كردان للنقل المتوسط) بمخازن الإنتاج وهى بمثابة ثروة تؤهل الشركة للعمل لفترة طويلة بشكل إقتصادى، كما تمتلك الشركة مكونات غير مستخدمة حاليا (طرازات مختلفة) يمكن بيعها.
وطالب العاملون في المقترح بإستيراد قطع الغيار الخاصة بالطرازات التى تم إنتاجها مؤخرا (شاهين – دوجان – نصر 128- ريجاتا) وذلك لعودة الشركة للسوق بشكل يؤكد على حمايتها لمنتجاتها، واستمرار تشغيل مراكز الخدمة وبيع قطع الغيار على الوجه الأمثل لتلبية إحتياجات وطلبات العملاء والسوق المحلى .
وتتضمن المقترح الثاني الخاص بإنتاج سيارة جديدة، التعاقد على إنتاج سيارة جديدة بإجراء دراسات فنية وتلقي عروض عالمية.
وتفاوتت أراء العاملين بقطاع السيارات حول جدوى خطة وزارة قطاع الأعمال والعاملين في الشركة لإعادة إحياء “النصر للسيارات” خلال الفترة المقبلة.
وقال حسين مصطفى، الرئيس السابق لمجلس معلومات سوق السيارات “أميك”، إن مقترح وزارة قطاع الأعمال العام، الرامي إلى تطوير شركة النصر للسيارات عبر الاستعانة بالخبرات الفنية والإدارية لشركات السيارات العالمية، من المقترحات الصائبة التي ستساهم في عودة الشركة لمكانتها الصناعية خاصة أنها لاتزال تمتلك امكانيات ضخمة تحتاج فقط الى التطوير.
وأضاف مصطفى أن إحياء الشركة لن يحدث إلا بعقد شراكة مع إحدى الشركات العالمية السباقة في تلك المجالات والقوية من حيث التقنيات والتكنولوجيات.
ورجح الرئيس السابق لـ”أميك” أن تتم الشراكة عبر مساهمة القطاع الحكومي ممثلة بالاصول والمعدات، فيما يساهم الشريك الاجنبي بالتكنولوجية الحديثة والتمويل والمشاركة في الإدارة.
وطالب مصطفى الحكومة بالتخطيط المسبق لتصدير الإنتاج المتوقع بسعر تنافسي للمستهلك العالمي وجاذب للمستهلك المحلي في آن واحد.
وقال “الشريك الاجنبي قادر على تذليل كافة العقبات التصديرية التي قد تواجه شركة النصر للسيارات في المستقبل”.
وأشار إلى ضرورة الاستفادة بالتجربة المغربية في قطاع صناعة السيارات وتطبيقها في السوق المحلي.
ويرى “مصطفى” أن التجربة المغربية تختلف جزئياً عن نظيرتها المصرية، مستشهداً أن شركة “رينو” الفرنسية اتخذت من المغرب مركزاً للتجميع والتصدير وليس للتسويق في السوق المحلي، كذلك المغرب قدمت منذ فترة بعيدة لشركات السيارات العالمية مزايا استثمارية رامية الى جذب رؤوس الأموال الأجنبية داخل المغرب وهو ما بدأت الحكومة المصرية في تطبيقه الآن من خلال قانون الاستثمار الجديد.
وتوقع نجاح الشراكة بين شركة النصر للسيارات والشركات الاجنبية، شريطة التحرر من قيود الروتين الإداري والتعامل بمرونة مع المستثمرين الاجانب.
واختلف معه رأفت مسروجة، خبير قطاع السيارات، وقال إن مقترح هشام توفيق وزير الاعمال العام لن ينجح حال تطبيقه على أرض الواقع، في ظل غياب ما وصفه بالامتيازات الاستثمارية أمام المستثمر الاجنبي والمتعلقة بالقيود على تملك الأصول وحرية تنقل رؤوس الاموال، على عكس المزايا الاستثمارية المتوفرة في المغرب والتي تتيح للمستثمر الاجنبي الاستفادة بكل ذلك.
وطالب مسروجة بمجموعة من الاشتراطات التي يجب توافرها مسبقاً لنجاح أي شراكة مستقبلية مع الشركات الاجنبية، أبرزها تقديم كافة الضمانات للشركات الأجنبية التي تتيح لهم اختيار العمالة وإدارة المنشاة الصناعية ورسم سياساتها التسويقية فضلاً عن حرية اختيار نسب المكونات المحلية في عمليات التصنيع.
مصانع رينو فى المغرب.. وماذا بعد إنتاج مليون سيارة؟
تعد صناعة السيارات فى المغرب احدى التجارب الرائدة فى منطقة الشرق الاوسط خاصة فى ظل نجاح الحكومة المغربية فى استقطاب العديد من كبرى مصنعى السيارات اليها خلال السنوات الماضية.
وافتتحت شركة رينو اول فرع لها فى كازابلانكا بالمغرب عام 1966 وتؤول ملكيته الى مجموعة رينو بنسبة 80% و20% لشركة بيجو.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل افتتحت ثانى فروعها فى مدينة طنجة المغربية عام 2012 ويصل إجمالى عدد العمالة إلى نحو 6 آلاف عامل.
وينتج مصنع رينو كازابلانكا نحو 38.402 سيارة رينو لوجان و 37.409 الف سيارة سانديرو فيما ينتج مصنع رينو طنجة 41.467 سيارة رينو لودجى و 166.367 سيارة رينو سانديرو و 830 ألف سيارة لوجان.
وتشجع الحكومة المغربية الاستثمار في قطاع صناعة السيارات من خلال إعفاء الشركات من أداء بعض الضرائب في السنوات الخمس الأولى ويعد هذا احد ابرز الاسباب فى جذب الاستثمار الأجنبي لهذه الصناعة.
شهد مصنع مجموعة رينو الفرنسية فى مدينة طنجة بالمغرب تطورا هائلا منذ افتتاحه منذ 6 أعوام حيث بلغت الطاقة الإنتاجية للمصنع نحو مليون سيارة ويصدر إلى 74 دولة وينتج المصنع يوميا 1200 سيارة.
وتخطط المغرب إلى دعم التصنيع المحلى حيث من المتوقع أن تكون نصف السيارة المنتجة محلية الصنع، مع وجود خطة لزيادة تلك النسبة إلى أن تصبح 65% في 2023.
ويحرص وتحرص رينو على أن تكون مصانعها صديقة للبيئة، فلا يوجد اى انبعاثات لثاني أوكسيد الكربون، ويعتمد المصنع على طاقة الرياح من موقع قريب للتزود بالقسم الأكبر من التيار الكهربائي الذي يحتاجه.
وارتفع انتاج رينو خلال 2017 إلى 376 ألف سيارة، مقابل 345 ألف سيارة تم إنتاجها عام 2016.
وبلغ إنتاج رينو خلال العام الماضى نحو 300.2 ألف سيارة تم تصنيعها بمصنع الشركة في منطقة طنجة و75 ألف سيارة بمصنع كازبلانكا.