كانت بنوك القطاع الخاص في مصر حذرة عادة فيما يتعلق بإقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكن الآن أصبحت مجموعة التكنولوجيات الجديدة وضغوط البنك المركزي تدفع بعضا من المقرضين الأكثر حنكة في البلاد لإلقاء نظرة جديدة على القطاع.
وقالت مجلة “يوروموني” إن الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر كانت تواجه بشكل تقليدي معاملة جافة نسبيا من البنوك، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحصول على التمويل، كما أن الشركات الأصغر ناضلت للحصول على التمويل وحتى الخدمات المصرفية الأساسية بسبب الطبيعة غير الرسمية لمعظم القطاع.
وشهدت عملية تمويل قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة تحولا جذريا في العامين الماضيين، ويرجع الفضل اﻷكبر في ذلك إلى مبادرات البنك المركزي المصري، الذي وضع حدا ﻷزمة العملة التي دامت لسنوات من خلال تحرير سعر صرف الجنيه المصري في نهاية عام 2016، ولعب أيضا دور المحرك الرئيسي في تأمين برنامجا بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال العام نفسه.
بالإضافة إلى ذلك، تنفذ حاليا المؤسسات المالية الدولية معظم اﻷمور الخاصة بتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة البنك الأوروبي لإعادة الإعماء والتنمية الذي نشط بشكل خاص في هذا المجال بعد دخوله السوق المصرية في أواخر عام 2012.
وأنشأ البنك اﻷوروبي لإعادة الإعمار والتنمية فريق دعم الأعمال الصغيرة في مصر من أجل مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في تعزيز قدراتها الفنية وتحسين الوصول للتمويل، وذلك بجانب عمله مع البنوك لتوفير التسهيلات الائتمانية للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتجدر الإشارة إلى أن البنك اﻷوروبي قد أنفق أكثر من 600 مليون دولار حتى الآن بالتعاون مع 13 مقرض آخر للقطاع، وذلك منذ بداية أعماله في مصر.
وقالت جانيت هيكمان، المديرة التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق المتوسط لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، إن البنك يحرص بشكل خاص على مساعدة الشركات الصغيرة خارج القاهرة والإسكندرية، خاصة في المناطق التي غالبا ما يتجاهلها السياسيين وبنوك التنمية.
وقد افتتح البنك المتعدد اﻷطراف بالفعل مكتب ثانٍ في الإسكندرية، ليخدم الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل أساسي، بالإضافة إلى أنه يتطلع إلى توسيع وجوده ليصل إلى صعيد مصر ومنطقة قناة السويس في نهاية هذا العام.
وأعطى البنك الأولوية للتنمية الإقليمية عند استخدام التمويلات، فمعظم تسهيلات الإقراض تتطلب إنفاق أكثر من 50% من التمويل خارج المدن الرئيسية في مصر.
وقالت زينب عبدالله، من وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، إن تحسن سيولة العملة الأجنبية بعد خطوة تحرير سعر صرف العملة كان مفيدا بشكل خاص للشركات الصغيرة والمتوسطة. خاصة أن تواجد العملة اﻷجنبية كان نادرا والوصول إليها مقيدا بشدة من قبل البنك المركزي.
وأوضحت زينب أن الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر تتركز بشكل رئيسي في قطاعين، وهما التصنيع والتجارة، ما يزيد من أهمية توافر العملات الأجنبية، مشيرة إلى أن بعضا من تلك الشركات كان أيضا مولدا للعملات الأجنبية ولكنها تفككت بسبب نقص سيولة العملات الأجنبية في السوق المحلية.
وأضافت عبدالله أنه في الوقت الذي تصل فيه البنوك إلى النسبة المستهدفة البالغة 20% لإقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة وتبدأ سجلات قروضها في إيتاء ثمارها، ربما يكون هناك بعض الضغط المفروض على جودة الأصول، ولكن اﻷمر يتحرك في الاتجاه المعاكس حتى الآن، فقد انخفض إجمالي معدل القروض المتعثرة للقطاع المصرفي المصري إلى ما يقل عن 5% في العام الماضي.
وأشار المحللون إلى أنه لا يزال هناك خطر من ارتفاع مستقبلي في قيمة القروض المتعثرة، خاصة إذا انهار الانتعاش الاقتصادي.
وقالت هيكمان، المديرة التنفيذي لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، إن دعم البنك المركزي المصري كان أمرا أساسيا لتطوير تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في البلاد، كما أن المعايير التي تتطلب تخصيص ما لا يقل عن 20% من الموازنات العمومية للبنوك لصالح عمليات إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة قد ساهمت بالفعل في النمو.