«فاينانشيال تايمز»: حكومة ترامب تتدخل لصالح الشركة الأمريكية وتضغط على بغداد
قالت مصادر لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، إنَّ آمال شركة «سيمنز» الألمانية فى الفوز بعقد كبير لتوريد الطاقة إلى العراق تلاشت، بعد أن تدخلت حكومة ترامب لصالح منافستها الأمريكية «جنرال إليكتريك».
وقالت الصحيفة البريطانية، إنَّ «سيمنز»، التى يقع مقرها بمدينة ميونخ الألمانية، بدت فى الأسابيع الماضية قريبة من تأمين عقد لتوريد معدات توليد الكهرباء إلى العراق بقدرة 11 جيجاوات، فى صفقة يقال إنها تقدر بـ15 مليار دولار.
أوضحت المصادر المطلعة على الأمر، أنه عندما وصلت المنافسة بين «سيمنز» و«جنرال إليكتريك» مراحلها الأخيرة، ضغطت الحكومة الأمريكية على نظيرتها العراقية، مذكرة بغداد بأن 7 آلاف أمريكى لقوا حتفهم فى غزو 2003 للإطاحة بصدام حسين، وأضافوا أنه من المتوقع أن تأخذ «جنرال إليكتريك» حصة كبيرة من الصفقة.
وفوز «جنرال إليكتريك» بعقد كبير يمثل أنباء جيدة لقسم الطاقة المتعثر لديها والذى يعانى تراجع الأرباح فى العامين الماضيين، وقالت الشركة أوائل الشهر الجارى، إنها ستخفض قيمة القسم بما يصل إلى 23 مليار دولار فى الربع الثالث.
وبالنسبة لـ«سيمنز»، التى اجتهدت لشهور فيما سمته «خارطة الطريق» لتطوير إمدادات الكهرباء فى العراق، ستكون خسارة الصفقة بمثابة خيبة أمل موجعة.
وسافر «جو كايسر»، المدير التنفيذى للشركة، إلى بغداد، الشهر الماضى، لمقابلة رئيس الوزراء العراقى المنتهية ولايته، حيدر العبادى، وبدا أن الصفقة قد استكملت.
ومع ذلك، قال أحد كبار مستشارى العبادى لشركة «سيمنز»، منذ أسبوعين، أن تستسلم وتعود للوطن؛ لأن وجودها يسبب مشكلات للعراق؛ بسبب تزايد حدة ضغوط الحكومة الأمريكية.
وقال شخص آخر مطلع على الأمر، إنَّ المستشار قال: «الحكومة اﻷمريكية توجه سلاحاً إلى رؤوسنا».
ورفضت «جنرال إليكتريك»، و«سيمنز» التعليق على الأمر.
وسوف يعود أى تأجيل محتمل فى اتخاذ قرار بشأن العقد إلى التغيير فى الحكومة العراقية، وسيتسلم رئيس الوزراء الجديد، عادل عبدالمهدى، مهام منصبه بداية الشهر المقبل، ولكن لم يشكل مجلس وزرائه بعد.
ومع ذلك، فقد وقعت الحكومتان الأمريكية والعراقية بالفعل مذكرة تفاهم غير ملزمة، تحدد كيف ستتعاون الدولتان بشأن إنتاج البترول والغاز وتوليد الكهرباء.
ووفقاً لأحد الأشخاص الذين اطلعوا على مذكرة التفاهم، تخطط الولايات المتحدة لتوفير التمويل والتأمين للشركات الأمريكية التى تمارس الأعمال فى قطاع الطاقة العراقى، وهو ما سيساعد «جنرال إليكتريك» على الفوز بعقود، والعمل فى العراق، ومع ذلك، قد تستفيد أيضاً «سيمنز» التى لديها مقر لوحدة الطاقة والغاز فى «هيوستن» بتكساس.
ويأتى قرار العراق بشأن العقد فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة للفوز بدعم حكومة ترامب لتتمكن من استيراد الغاز من إيران.
وقال مايكل روبن، من معهد «أمريكان إنتربرايز»، إنَّ بغداد تولد 35% إلى 40% من كهربائها من محطات تحرق الغاز الإيرانى، موضحاً أن الحكومة تقلق أن ينتج عن هذه المشتريات عقوبات من جانب أمريكا عند سريان العقوبات فى 5 نوفمبر المقبل.
ومع ذلك، توقع «روبن» أن تتبنى الولايات المتحدة نهجاً «براجماتياً»، وتسمح للحكومة العراقية باستخدام هيكل مالى يمكنها من الحفاظ على تدفقات الغاز الإيرانى، ومنع تزايد وتيرة انقطاع التيار.
أضاف أنه فى هذه الحالة لن تكون الحكومة العراقية تطلب إعفاء، وإنما طريقة للتحايل على العقوبات.
وإذا هزمت «جنرال إليكتريك»، «سيمنز»، وفازت بعقد كبير لبيع الطاقة إلى محطات عراقية تحرق غازاً إيرانياً، فسوف ينشب غضب سياسى فى ألمانيا، خاصة أن السفير الأمريكى فى ألمانيا، ريتشارد جرينيل، كان واضحاً فى توجيه الشركات الألمانية لوقف التعامل «فوراً» مع إيران فى أعقاب انسحاب حكومة ترامب من الاتفاق الدولى بشأن برنامج الدولة النووى.
وأعلنت كلتا الشركتين عن خفض كبير فى الوظائف من أقسام معدات الطاقة التى عانت بسبب انتشار مصادر الطاقة المتجددة، ويتقاتل منتجو توربينات الغاز، مثل «جنرال إليكتريك»، و«سيمنز»، و«ميتسوبيشى هيتاتشى باور سيستمز» قتالاً شرساً على الصفقات المتاحة.
وفازت «جنرال إليكتريك» بحصة الأسد من عقود معدات الطاقة التى منحتها العراق فى 2008، ولكن بدأت «سيمنز» مؤخراً التنافس بشراسة فى الشرق الأوسط.
ومن غير المتوقع أن تحقق «جنرال إليكتريك» أو «سيمنز» أرباحاً كبيرة من المبيعات للعراق، خاصة بعد هذه المنافسة المحتدمة، ولكن إنتاج عدد أكبر من التوربينات سوف يحد من خسائرها الناتجة عن إدارة مصانعها دون القدرة الإنتاجية الكاملة.