البنك يتوقع انخفاضاً أكبر من المتوقع فى عجز الموازنة.. واستقرار الاحتياطيات الأجنبية
5.5% نمواً متوقعاً العام المالى الجارى وتراجع متوسط التضخم إلى 16%
انخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى عند 88%
استقرار الاحتياطيات الأجنبية عند 44 مليار دولار وتراجع شهور تغطية الواردات إلى 6.7 شهر
انخفاض سعر صرف الجينه أمام الدولار إلى 18.5 جنيه بنهاية 2018 – 2019
توقع بنك “بى إن بى باريبا” استمرار صلابة الحسابات الخارجية للاقتصاد المصرى على المدى القصير، رغم الانهيار الذى أصاب الأسواق الناشئة فى الأشهر الماضية.
وقال البنك، فى تقرير حديث له، إنه فى العام الماضى، تراجع عجز الحساب الجارى بصورة ملحوظة بدعم من تزايد تحويلات المصريين بالخارج، وارتفاع إيرادات السياحة، وتحسن ميزان الطاقة.
وتابع التقرير، “على المدى القصير فإن ارتفاع أسعار البترول سيكون له أثر محدود على الحساب الجارى، وحتى هذه اللحظة يتبع البنك المركزى سياسة حذرة فى احتواء المخاطر الناشئة عن خروج مفاجئ لاستثمارات محافظ الأوراق المالية، لكن هناك عدم يقين على المدى المتوسط مع وجود مباعث للخطر أبرزها زيادة أسعار السلع والبيئة السياسية وارتفاع تكلفة الدين بالعملة الأجنبية”.
وتوقع البنك نمو الاقتصاد المصرى بنسبة 5.5%، خلال العام المالى الجارى، وتراجع متوسط معدلات التضخم إلى 16%، وانخفاض عجز الموازنة إلى 7.8% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو أقل من مستهدفات الحكومة عند 8.4%. بجانب انخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى بصورة طفيفة لمستوى 88% مقابل 89% العام المالى الماضى، واستقرار الدين الخارجى عند 38%، والاحتياطيات الأجنبية عند 44 مليار دولار مع تراجع شهور تغطية الواردات إلى 6.7 شهر.
وذكر البنك، أنه عدل توقعاته بشأن سعر صرف الجنيه أمام الدولار لينخفض وفق تقديراتهم إلى 18.5 جنيه بنهاية العام المالى الجارى، مقابل 17.9 جنيه بنهاية يونيو الماضى، بدلًا من توقعهم ارتفاعه إلى 16.5 جنيه قبل ذلك.
وقال البنك، إنه خلال العام المالى 2018، كان التحسن فى الحساب الجارى أعلى من توقعات المحللين حول العالم؛ حيث تراجع العجز إلى 2% من الناتج المحلى الإجمالى، مقابل 6% فى العام المالى السابق له، رغم استقرار عجز الحساب التجارى عند 37 مليار دولار تمثل 12% من الناتج المحلى الإجمالى، ويمكن تفسير التراجع بالزيادة المحلوظة فى الحوالات الخاصة وتضاعف إيرادات السياحة.
كما انخفض أيضاً عجز حساب الطاقة “البترول والغاز” إلى 1.2% من الناتج المحلى الإجمالى تعادل 1.7 مليار دولار رغم الاحتياج حينها لواردات الغاز الطبيعى المسال، وارتفاع أسعار خام البرنت نحو 65% خلال العام المالى الماضى، بجانب تحسن مستوى السيولة بالعملة الأجنبية بصورة ملحوظة نتيجة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاع الطاقة وإلى محافظ الأوراق المالية بدعم من العوائد المرتفعة والدعم العالمى الذى يتلقاه الاقتصاد.
وقال “بى إن بى باريبا”، إنَّ انهيار الأسواق الناشئة أدى لخروج ثلث استثمارات الأجانب فى الشهور من مايو وحتى أغسطس الماضى لتسجل 10 مليارات دولار، وفى الوقت نفسه أصبح المستثمرون الأجانب بائعين صافين للأسهم منذ أواخر أغسطس الماضى بإجمالى نحو 0.35 مليار دولار، ورغم ذلك استمرت التدفقات للأسهم موجبة بنحو 0.37 مليار دولار خلال أغسطس الماضى، كما أن الاحتياطيات الدولية لم تنخفض خلال الفترة نفسها.
وفى ظل هذه الأجواء، استقر سعر الصرف الجنيه أمام الدولار، بدعم من سياسة البنك المركزى التى حولت معظم تدفقات النقد الأجنبى باتجاه ميزانيته.
وأشار البنك إلى أنه بعد تعديل رسوم آلية إعادة تحويل الأموال التى من خلالها يؤثر المركزى فى سوق الصرف الأجنبى، امتص الإنتربنك الدولارى ثلث السيولة الناتجة عن التدفقات إلى المحافظ المالية.
وقال التقرير، إنَّ البنك المركزى يعطى أولوية لاستقرار سعر الصرف من أجل احتواء الضغوط التضخمية وتدعيم استقرار الاستثمارات الأجنبية.
لكن حزمة إصلاحات الطاقة وخفض الدعم عن المحروقات وتقلب أسعار الغذاء حدت من خفض التضخم بصورة ملحوظة كما يجب.
ورغم خروج رؤوس الأموال الأجنبية للمستثمرين وأسعار البترول المرتفعة، لا يتوقع التقرير انهياراً ملحوظاً فى الوضع الخارجى لمصر على المدى القصير.
ووفقاً للسيناريو الرئيسى لمحللى البنك، فإنَّ ارتفاع أسعار الوقود سيحجم بصورة محدودة جهود تحجيم عجز ميزان الطاقة، خلال العام المالى الحالى؛ حيث إنَّ أسعار البترول من غير المتوقع أن ترتفع بشكل كبير خلال العام المالى الحالى، حتى فى حالة تراجع الإنتاج تبقى مصر مصدراً صافياً للزيت الخام بنحو 2 مليار دولار خلال العام المالى الماضى.
ولكن العجز الكبير يكون فى منتجات البترول المنقاة والتى تتسبب فى معظم العجز فى الميزان البترولى.
وأشار إلى وجود عدة عوامل تسهم فى استقرار عجز الطاقة؛ أبرزها زيادة إنتاج الغاز الطبيعى والتى ستعطل واردات الغاز الطبيعى المسال، لكن فى الوقت نفسه هناك تخوف من تحول مصر إلى مُصدر للغاز.
وعلى صعيد النصف الأول من 2019 سيكون بدء الإنتاج من وحدات تكرير جديدة، ما يخفض فاتورة الوقود ليستقر عجز الطاقة عند 1.2% من الناتج المحلى الإجمالى خلال 2019.
وستشهد صادرات القطاع السلعى غير المنتج للنفط ارتفاعاً بسيطاً فى ظل الأوضاع التجارية غير الملائمة عالمياً ووضع الشركات المصرية السوق المحلى كأولوية يأتى بعدها التصدير.
كما أن ضعف القوة الشرائية للمستهلكين والتضخم المرتفع بالتزامن مع ضعف استثمارات الشركات سيحدان من زيادة الواردات السلعية.
ومع التباطؤ فى نمو الحوالات الخاصة، وارتفاع إيرادات السياحة، من المتوقع اتساع عجز الحساب الجارى إلى 2.4% من الناتج المحلى الإجمالى، خلال العام المالى الحالى، فى ظل ارتفاع الدين الخارجى، وتكلفة خدمته المرتفعة.
وتبلغ تكلفة خدمة الدين الخارجى ومعظمه ضمن مديوينة القطاع العام نحو 4 مليارات دولار سنوياً.
لكن تلك المستويات المنخفضة من عجز الحساب الجارى يجب أن تدعم مستوى السيولة الجيد للعملات الأجنبية.
وتوقع “بى إن باريبا” استقرار معدلات الاستثمار الأجنبى المباشر بدعم من التدفقات لقطاع الطاقة حول مستويات من 7 إلى 8 مليارات دولار تعادل 2.5% من الناتج المحلى الإجمالى.
وتظل استثمارات المحافظ المالية هى الخطر الأكبر غير المتوقع على المدى القصير ولكن مخاطره على السيولة بالعملة الأجنبية تبدو قابلة للاحتواء.
وأشار إلى أن البنك المركزى يمتلك شريحة ثانية من الأصول بالعملة الأجنبية والمُعدة لمواجهة أى مخاطر ناتجة عن تخلى الأجانب عن أذون الخزانة الحكومية التى فى حوزتهم.
وبنهاية أغسطس الماضى، غطت الشريحة الثانية من الأصول 56% من استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة فى حين أن القيمة غير المغطاة لم تتخط 4 مليارات دولار.
وفى حالة السيناريو الأسوأ وسحب الأجانب جميع استثماراتهم فى محافظ الأوراق المالية ستغطى الاستثمارات الأجنبية المباشرة عجز الحساب الجارى، كما أن تدفقات الديون متوسطة وطويلة الأجل ستغطى تخارج استثمارات الأجانب، أو ستؤدى لانخفاض احتياطيات النبك المركزى الدولى بنحو 4.2 مليار دولار فقط، وسيتولى المتبقى تغطية 6 أشهر من واردات السلع والخدمات.
وقال البنك، إنَّ تقييم السيولة الأجنبية أكثر تعقيداً على المدى المتوسط؛ حيث إنَّ هناك 3 مصادر للخطر قد تعرض ميزان المدفوعات للاهتزاز، بينها سعر الطاقة والغذاء، الأمر الذى سيضغط بصورة كبيرة على الميزان التجارى.
وإذا وضعنا فى الاعتبار، أن مصر أكبر مستورد للقمح، مع قدرتها على مواجهة تزايد الطلب المحلى على الغاز سيكون الميزان التجارى أكثر عُرضة للتأثر بتذبذب أسعار السلع خارجياً.
كما أن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية سيؤثر على تكلفة الدين الخارجى والتى ارتفعت بالفعل من 7% من الحصيلة الجارية فى 2013 إلى 18% خلال 2017 و28% خلال العام المالى 2018.
رغم ذلك فإنَّ المخاطر ما زالت فى النطاق المقبول فى ظل الزيادة المنتظمة وغير الكبيرة فى الدين الخارجى لمصر، إلى جانب استهداف الحكومة خفض طروحات السندات المقومة بالعملة الأجنبية “يوروبوند” إلى 5 مليارات دولار سنوياً.
وذكر البنك، أنَّ المخاطر السياسية بمفهومها الواسع يجب أن تؤخذ فى الاعتبار، فنحن أمام خطرين بعواقب سلبية وخيمة، هما تدهور الأوضاع الأمنية التى بوسعها وقف انتعاشة القطاع السياحى الذى يسهم بنحو 13% من الحصيلة الجارية، وتشديد السياسة الحكومية باتجاه العمالة الأجنبية فى دول الخليج الذى بوسعه أن يؤثر على تدفقات الحوالات الخاصة والتى تمثل 33% من الحصيلة الجارية.