“المركز المصرى” يعد دراستين حول تأثير الخدمات على تكلفة المنتج الصناعى
النقل واللوجستيات والجودة واختبارات المعامل والخدمات الحكومية عناصر لزيادة التنافسية
دعوة لإنشاء صندوق لتأمين الحاصلات الزراعية وتطبيق مبادرة “المركزى” لتوفير التمويل
عرض المركز المصرى للدراسات الاقتصادية خلال الندوة التى أقامها اليوم، بعنوان: “الخدمات فى سلسلة القيمة للمنتج الصناعى: المحرك المهمل”، لمناقشة تأثير الخدمات على تكلفة المنتج الصناعى، دراستين حول مساهمة الخدمات فى سلاسل القيمة وتكلفة المنتج فى كل من صناعة الملابس الجاهزة والصناعات الغذائية والتصنيع الزراعى.
وكشفت الدراستان، أن مصر تعانى من عدم كفاءة تقديم العديد من الخدمات الخاصة بصناعتى الملابس الجاهزة والغذائية، مثل الخدمات الجمركية، وإدارة خدمات الإنتاج، وخدمات النقل والتخزين، وضعف عمليات التصميم، وخدمات الإرشاد الزراعى، وخدمات الحصاد، وخدمات التجميع والتخرين بالنسبة للصناعات الغذائية، وغيرها، وهو ما ترتب عليه ارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض تنافسيته.
وقالت الدراسة، إن نصيب الخدمات من تكاليف الإنتاج فى صناعة الملابس الجاهزة يتراوح ما بين 22 و24%، وتصل هذه النسبة 49% فى الصناعات الغذائية، وجدير بالذكر هنا إن 97% من منشآت صناعة الملابس الجاهزة فى حالات الدراسة هى منشآت صغيرة، و89% من الصناعات الغذائية صغيرة.
وانتهت الدراسة إلى مشكلات محددة مرتبطة بحجم المشروع، ورؤية عامة تشير إلى انخفاض جودة الخدمات المقدمة وبالتالى التوجه نحو التكامل، مما يحمل الشركات تكاليف إضافية لعدم تركيزها على نشاطها الرئيسى، بالإضافة إلى مشكلات مرتبطة بالخدمات الحكومية بصفة عامة، بجانب اختلافات قطاعية في الخدمات الأكثر تأثيراً على القطاع.
وقالت الدكتورة عبلة عبداللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، إن بداية الحل هو التعرف على محركات التغيير، لأن المستقبل لقطاعات الخدمات وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما يجب التركيز عليه.
واوضحت عبداللطيف، أن هذه الدراسة هى مجرد بداية، داعية لضرورة تعاون الشركات لإجراء الدراسة على العديد من القطاعات مثل الصناعات الهندسية، والكيماوية، والأخشاب وغيرها، للتعرف على التكلفة الحقيقية للخدمات فى سلسلة القيمة للمنتج الصناعى، والتركيز عليها لحلها.
وقالت الدراسة، إن تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لا تقتصر فقط على توفير الخدمات التمويلية حيث تحتاج الشركات الصغيرة إلى مجموعة من الخدمات المختلفة عن الشركات الكبيرة، ومن ثم يجب دعم تلك المشروعات فى توفير الخدمات الأخرى (مثل خدمات التسويق، والتصميم، وغيرها، وعند وضع السياسات والقوانين يجب مشاركة ممثلين عن المشروعات الصغيرة، وإحكام الرقابة على تطبيق معايير الجودة فيما يتعلق بالخدمات، وعند إعطاء أولوية للخدمات لابد من التركيز على نوعين من الخدمات: هما الخدمات الأفقية التى تخدم جميع الصناعات (مثل الخدمات المرتبطة بالبنية التحتية) والخدمات الحكومية.
أشارت الدراسة إلى 4 خدمات بجميع الصناعات يجب أن يكون لها الأولوية فى التركيز، هى: النقل واللوجستيات، والجودة واختبارات المعامل، والخدمات الحكومية، والخدمات لزيادة تنافسية المنشآت.
وقدمت الدراسة مجموعة من المقترحات لتحسين أداء هذه الخدمات تتمثل في تشجيع المشاركة بين القطاعين العام والخاص PPP فى مجال البنية التحتية للطرق، ووضع برنامج لتشجيع الشركات المالكة لأساطيل النقل البري لتحديثها ، ومد خطوط للسكك الحديدية بين الموانئ والمناطق الصناعية، وتشغيل القائم منها، وتوصيل خطوط النقل العام إلى المناطق الصناعية، والعمل على تنفيذ القانون فيما يتعلق بالحمولات الزائدة وفرض الغرامات، ومراجعة أسعار خدمات الموانئ المعلنة بموجب القرار الوزارى رقم 488 لعام 2015 والقرار رقم 800 لعام 2016 ، بالإضافة إلى تشجيع الشركات علي تطبيق مواصفات الجودة، وتوزيع منشور يتضمن قائمة بجميع المعامل المعتمدة والاختبارات التى تقوم بها على جميع الشركات عند قيامها بالتسجيل للحصول على الرخص الصناعية.
كما تشمل المقترحات مراجعة وتبسيط إجراءات التصدير والاستيراد، ومراقبة تنفيذ القانون رقم 15 لعام 2017 للتأكد من تطبيقه فيما يخص تبسيط الإجراءات الخاصة برخص التشغيل، ومراجعة وتبسيط جميع الإجراءات الحكومية، وزيادة مشاركة صغار المصدرين فى البعثات التجارية، ورفع كفاءة مكاتب التمثيل التجارى فى مجال دراسات السوق وأنشطة التوفيق بين المصدرين والمستوردين، وإنشاء قاعدة بيانات لجميع منتجى كل صناعة، بجانب تصميم برنامج لتقديم الدعم الفنى لصغار المنتجين للحصول على شهادات الجودة، وكيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات فى إدارة المخزون وإدارة الإنتاج والجودة وزيادة القدرات الإدارية لتلك المنشآت.
ودعت الدراسة للتركيز على الخدمات ذات الأهمية القطاعية، ومنها تحسين جودة التصميم، وتنمية رأس المال البشرى، والمعامل بالنسبة لصناعة الملابس الجاهزة، أما الخدمات ذات الأهمية للصناعات الغذائية فتتمثل فى الخدمات المرتبطة بالإنتاج الزراعى، والتمويل، والنقل واللوجستيات، والتوزيع، والجودة وتقييم المطابقة، والمرافق.
ومن أهم مقترحات الدراسة لتحسين الخدمات المذكورة، دعت إلى إنشاء صندوق لتأمين الحاصلات الزراعية، وتطبيق مبادرة من البنك المركزى لتوفير التمويل للاستثمارات الزراعية، ووضع نظام مبسط لتسجيل الأراضى الزراعية، وتخصيص مناطق لوجستية فى مواقع استراتيجية فى المحافظات متضمنة مناطق للتخزين المبرد، ونقاط للتجميع ومراكز للتعبئة، وإنشاء مناطق صناعية للصناعات الغذائية والتصنيع الزراعى بالقرب من المناطق الزراعية، و حصر وتسجيل جميع القائمين على عملية التوزيع، ووضع خطة تفصيلية لمبادرة جهاز تنمية التجارة الداخلية الهادفة إلى إنشاء مناطق تجارية ولوجستية في المحافظات، وتشجيع المشاركة بين القطاعين العام والخاص PPP فى مجال المرافق.
وواجهت الدراسة بعض التحديات المتمثلة فى استجابة عدد محدود من الشركات للمشاركة فيها، وبالتالى لم تتمكن من تقدير متوسط نصيب الخدمات فى تكاليف الإنتاج بالنسبة للصناعة ككل، وعدم رغبة جميع الشركات المشاركة فى الاستبيان فى الإفصاح عن تفاصيل خاصة بنصيب كل بند من بنود الخدمات التى تدخل فى سلسلة القيمة الخاصة بها، كما أن بعض الخدمات يتم تدوينها فى ميزانيات الشركات مدمجة مع عناصر أخرى فى التكلفة كان يصعب فصلها لإعطاء تقديرات أكثر تحديداً لنصيب الخدمات فى تكاليف الإنتاج.
وذكر المهندس أيمن قرة، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية ورئيس مجلس إدارة شركة كونسوقرة، أن مصر خامس دولة فى إنتاج محصول الطماطم وتنتج 8 ملايين طن سنوياً، يدخل منها 4 و5% فقط فى عمليات التصنيع، فى حين يصل الفاقد من المحصول إلى 40%، وتوجد فرص كبيرة فى التصنيع وتقليل الفاقد.
وأشار قرة إلى مشكلة تتعلق ببعد مناطق التصنيع عن الزراعة، بينما توجد أراضى بور وغير مستغلة يجب إقامة مناطق تصنيع زراعى عليها.
وأضاف قرة إلى أن الثقة مفقودة بين المنتج الزراعى والمصنع، وعندما يرتفع سعر محصول الطماطم لا يورد المنتج الزراعى الكميات المتفق عليها بالكامل للمصنع، وإذا انخفض السعر بصورة كبيرة لا يشترى المصانع جميع الإنتاج، وهو ما يتطلب ضرورة تفعيل عقود الزراعة التعاقدية المتزنة.
وتابع أن المحصول الزراعى يتضاعف سعره فى المرحلة من المنتج إلى المستهلك مرة واحدة على الأقل، لعدم وجود أسواق جملة، وتحميله بتكلفة نقل مرتفعة جداً علاوة على طريقة التعبئة.
ودعا إلى إيجاد آلية لتحسين وتطوير العملية الإنتاجية بتعاون جميع الأطراف من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى، مع ضرورة تحديد مسئوليات ودور كل قطاع حتى يحدث التأثير المطلوب.