يمكن شرح نموذج فيتنام من خلال تفسيرات أخرى، فخلال الفترة من 1989 إلى 1994 التى شهدت تنفيذ إصلاحاتها الأكثر طموحاً كانت معزولة عن المجتمع الدولى، وتواجه حظراً تجارياً من الولايات المتحدة.
كما عانت من علاقات معادية مع جارتها اللدود الصين التى خاضت حرباً معها عام 1979؛ حيث عاشت فى عالم به عدد قليل من الأصدقاء بمجرد انهيار الاتحاد السوفيتى.
وكانت فيتنام عضواً فى البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، ولكن لم يكن لديها دعم من المساهمين الرئيسيين لتوفير المساعدة المالية، ولكن ابتداءً من عام 1989 تم إعطاء المؤسستين الضوء الأخضر لبدء إرسال بعثات لإعداد دراسات عن الاقتصاد وتدريب المسئولين فى الوزارات الاقتصادية.
ومن بين أكثر الأشياء المفيدة التى قام بها البنك الدولى فى فيتنام مساعدة المكتب الإحصائى بإجراء مسح وطنى تمثيلى للأسر فى الفترة من 1991 إلى 1992 سمح بمراقبة الفقر والتقدم الاجتماعى بعناية منذ ذلك الحين.
وعندما بدأت هذه الدراسات وتقديم المساعدة التقنية فى 1989 لم يعتقد أحد أنها ستستمر لمدة خمس سنوات قبل أن تدخل فيتنام فى مرحلة تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة لتبدأ فى الحصول على مساعدة مالية واسعة النطاق.
ويوجد العديد من الفوائد السريعة يمكن استخلاصها من هذه التجربة فمع بدء الاقتصاد الفيتنامى فى النمو بشكل جيد فى عام 1989 على الرغم من الحظر التجارى الأمريكى ونقص المساعدات الخارجية، تبين أن الإصلاح أكثر أهمية من المال.
وفى عام 1994 حصل مسئولو البنك الدولى على الضوء الأخضر لتقديم المساعدة المالية، لكن الحظ وقف بجانب «هانوى» على صعيد توقيت تدفق المساعدات الخارجية فخلال اجتماع لكبار مسئولى البنك الدولى مع رئيس الوزراء فو فان كيت فاجأ الحضور بالرأى القائل إنه من حسن الحظ أن فيتنام لم تحصل على مساعدة مالية فى وقت سابق؛ لأنها كانت غير مؤهلة لاستخدامها بشكل جيد.
وبحلول عام 1994 كان هناك ما يكفى من الإصلاح والنمو، وبدأت خطة مواجهة تردى اختناقات البنية التحتية التى أصبحت حادة فكان لديهم أول مشاريع لإعادة تأهيل الطرق والطاقة.
وتدفع هذه التجربة المؤسسات الدولية إلى دائرة كبيرة من النقاش الضرورى لاستكشاف فكرة توفير المساعدة المالية واسعة النطاق فى حال اعتماد الدولة المستلمة لسياسة اقتصادية ذات جودة عالية.
وهذه التجربة لها علاقة بدول ذات حالات مشابهة؛ لأنه سيكون من المنطقى إدخال البنك الدولى وصندوق النقد الدولى إليها فى البداية للتأكد من أن هناك خططاً إصلاحية بدأت تؤتى أكلها.
ويجب أن تثبت هذه الإصلاحات أن قيادة هذه الدول جادة للغاية بشأن الإصلاح.
ويجب أن ترحب هذه الدول بمهام الإعداد المسبق الذى قد يستغرق سنوات للحصول على مساعدة مالية فى وقت مناسب؛ للتأكد من أن الموارد تستخدم بشكل جيد وتفيد الشعوب الكادحة.