قيراط: لدينا ثروة قومية بقيمة 200 مليون دولار تعرضت للهدر
الجمعيات الخيرية طلبت التوريد دون مقابل.. وتلقت رفضاً لارتفاع تكلفة النقل
تسبب تراجع الطلب فى السوقين المحلى والعالمى على الجلود ومن ثم الأسعار، بجانب انخفاض حجم الصادرات، فى تراجع الطلب على شراء الجلود الخام من جانب المدابغ خلال عيد الأضحى مقارنة بأرقام الفترة نفسها من العام الماضى.
قال عادل قيراط، رئيس مجلس إدارة مدبغة القيراط الذهبى بمدينة الروبيكى للجلود، إن مشترياته من الجلود الخام خلال عيد الأضحى، تراجعت إلى 20 ألف جلدة ضأن مقابل حوالى 150 ألف جلدة العام الماضى.
وأضاف أن حجم استهلاك المدابغ للجلود انخفض نتيجة تراجع الطلب العالمى والمحلى، وتغير اتجاه الموضة للأحذية المصنوعة من الجلود الصناعية.
وتابع: “انتقال المدابغ إلى الروبيكي تبعه زيادة في الإنتاج وانخفاض فى الطلب العالمى، بجانب انخفاض الصادرات خلال الأشهر الستة الماضية، وهو ما نتج عنه زيادة المعروض بالسوق المحلي”.
وأوضح قيراط، أن تلك الوفرة تسببت فى هبوط حاد في أسعار الجلد “المُشطب”، فضلاً عن اتساع مدى الدفع الآجل لمستحقات المدابغ إلى 24 شهراً، وهو ما دفعه لخفض الإنتاج.
وأوضح أن سعر الجلد “المُشطب” للجلد البقري انخفض إلى 15 و20 جنيهاً للقدم، خلال الفترة الحالية بعد ان كان 30 و40 جنيهاً، كما انخفض سعر قدم جلد الضأن إلى 10 جنيهات، مقارنة بنحو 25 جنيهاً.
وأشار إلى أن بعض مصانع المنتجات الجلدية أعادت الجلود المُشطبة إلى المدابغ بعد استلامها بعدة أشهر، لإجبارها على خفض أسعارها بالتزامن مع انخفاض سعر الجلود “النيئة”، رغم ارتفاع التكاليف وقت تصنيعها، وهو ما تسبب فى خسائر فادحة للمدابغ، نظراً لانخفاض قيمة الجلد السعرية بعد التخزين.
وذكر قيراط، أن بعض المدابغ أحجمت عن شراء الجلود الخام في ظل حالة التخبط التي تسيطر على السوق، وانخفاض حركة البيع محلياً وعالمياً.
ولفت إلى أن مدبغته كانت تعتمد على تصدير نحو 80% من طاقتها الإنتاجية، وتبدّل الوضع الآن لتصدر 20% وتتوجه بالباقى إلى السوق المحلى.
ورغم انخفاض أسعار الجلود النيئة، والمُشطبة بنسبة 50% منذ مارس الماضى، إلا أن ذلك لم ينعكس على أسعار المنتجات النهائية من الأحذية والمصنوعات الجلدية حتى الآن.
وقال قيراط، إن ثروة قومية من الجلود الخام تعرضت للهدر خلال العام الحالي، وتقدر قيمتها بنحو 200 مليون دولار، بسبب تقاعس غرفة دباغة الجلود والمجلس التصديرى للجلود، فى تعريف الجهات المسئولة بأهمية تلك الصادرات من الجلود.
وأوضح أنه كان ينبغى على الغرفة تقديم مقترح لوزارة التجارة والصناعة بإيقاف العمل بقرار رسم الصادر على الجلود ولو بشكل مؤقت خلال فترة وفرة المعروض بدلاً من هد الجلود وإلقائها في الشوارع.
وقال أحمد فارس، رئيس مجلس إدارة مدبغة الفارس، إن نقل المدابغ إلى الروبيكي كان له دور في انخفاض استهلاك الجلود “النيئة” خلال عيد الأضحى، فضلاً عن تراجع الطلب العالمى والمحلى بنسبة 50%، مما أدى إلى وفرة الجلود الخام بأسعار متدنية.
وأضاف أن مدبغته لم تشترِ جلود خام خلال عيد الأضحى في ظل النقل للروبيكي، مقابل نخو 1200 جلدة اشتراها خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وأشار فارس، إلى أن تراجع الطلب المحلي تزامن مع وجود الأحذية الرياضية كمنافس جديد للأحذية المصنوعة من الجلود الطبيعية.
وأكد أهمية حماية الصناعة المحلية في نشاط المنتجات الجلدية من خلال إحكام السيطرة على السوق، ومنع دخول منتجات رديئة، أو التحايل على القوانين لإدخالها بأسعار زهيدة لتدمير الصناعة.
وقال عبد الرحمن الجباس، رئيس مجلس إدارة مدبغة الرواد بمدينة الروبيكى، إن السوق العالمي هو المتحكم الرئيسي في أسعار الجلود محليًا، إذ تصدر مصر نخو 80% من إنتاجها من الجلود للسوق الخارجى، بنسبة لا تتجاوز 0.5% من الإنتاج العالمي.
وأضاف أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين تسببت في ركود تجارة الجلود عالميًا لتنخفض الأسعار تدريجيًا بنحو 60% منذ بداية العام.
وتوقع الجباس، أن يسهم تراجع أسعار الجلود المدبوغة في رفع تنافسيتها في السوق العالمي، بجانب إتاحة الفرصة للصناعات الجلدية المعتمدة على الجلود الطبيعية، للانتعاش من جديد، خصوصا في ظل التقارب السعرى بين أسعار الجلود الصناعية والطبيعية.
وقال مصطفى عبدالشافى، رئيس مجلس إدارة مدبغة الأمل، إن تراجع مبيعات المدبغة منذ بداية العام الحالى، أدى إلى زيادة المخزون لديها، وهو ما دفعها إلى تخفيض أعداد الجلود التى اشترتها خلال عيد الأضحى إلى 50 قطعة جلدة مقابل 220 قطعة العام الماضى.
وأرجع انخفاض المبيعات إلى اعتماد مصانع المنتجات الجلدية على استيراد الجلد الصناعى والطبيعى بدلاً من الشراء من السوق المحلى لارتفاع جودته، في ظل اعتماد 90% من المجازر في الخارج على السلخ آليًا.
وذكر أن متوسط أسعار الجلد البقرى والجاموسي العام الماضي كانت تترواح بين 500 و600 جنيه مقابل 50 جنيهاً حاليًا، لدرجة أن بعض الجمعيات الخيرية طلبت من المدابغ الحصول على الجلود دون مقابل، إلا أن الأخيرة رفضت لارتفاع تكلفة النقل ومستلزمات الدباغة.
وأشار إلى أن صناعة الدباغة عادة ما تنتعش مع ارتفاع الأسعار؛ لأن هامش الربح يكون مجزيا وتستطيع المدبغة تغطية مصروفاتها، أما حاليًا فلا يوجد مكسب للمدابغ في ظل تدني الأسعار وارتفاع التكلفة.
وقال بشير الغرباوى، صاحب مدبغة القدس، إن المدبغة كانت تعتمد على فترة عيد الأضحى فى تخزين أكثر من 200 جلدة، إلا أن انخفاض الأسعار هذا العام خفض الكمية إلى نحو 70 جلدة فقط.
وأضاف أن المدبغة امتنعت عن شراء جلود الخراف لانخفاض سعرها وتراجع الطلب عليها هذا العام، إذ أن تكلفة دباغة جلد الضأن تبلغ نحو 10 أضعاف قيمته ويستهلك كميات كبيرة من الملح.
وتابع: “لم يتجاوز سعر جلود الخراف 10 جنيهات هذا العام.. وبعض المواطنين كانوا يسلموه للمدابغ دون مقابل”، وأشار إلى أن أغلب تجار الجلود كانت لديهم ورش للمدابغ فى منطقة مجرى العيون قبل النقل إلى الروبيكى، وبعد قرار هدم المدابغ القديمة اكتفوا بالعمل فى توريد الجلود.
