فى أواخر الثمانينيات والتسعينيات أنفقت اليابان 2.89 تريليون ين لبناء 15 جسرًا كبيرًا بين جزيرتى “هونشو وشيكوكو”، وكان الهدف من المشروع هو تحفيز الاقتصاد المتعثر، لكن الرسوم من الجسور قليلة الاستخدام كانت أقل من فاتورة الفائدة على ديون البناء.
ورغم أن مشروع “هونشو وشيكوكو”، بعيد عن أسوأ التجاوزات فى تلك الحقبة إلا أنه يرمز إلى بناء اليابان الجسور التى خلفت وراءها إرثًا من الدين العام.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن مثل هذه المشاريع الضخمة قد عفا عليها الزمن، ولكن عندما أطلق رئيس الوزراء شينزو آبى، حافزًا ماليًا آخر الأسبوع الماضى بعد 7 سنوات من تعهده بإنعاش الاقتصاد وتجنب الانكماش، بدأت الأعمال العامة فى العودة من جديد.
ويبرز ذلك تحديًا لبلدان مثل اليابان التى ترغب في الاستفادة من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية لتعزيز اقتصادها من خلال الاقتراض السهل وإيجاد طرق جيدة لإنفاق الأموال.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يشهد فيه النمو اليابانى تباطؤًا بالفعل بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والارتفاع الأخير في ضريبة الاستهلاك، لكن مستشارى آبى، يخشون أن تتوقف هذه الإجراءات تمامًا بعد “أولمبياد طوكيو 2020”.
ومع عدم قدرة بنك اليابان المركزى، على التحرك بشكل أساسى، فإن الملاذ الوحيد للحكومة هو الحافز المالى حيث تم إعداد حزمة أصول بقيمة 13.2 تريليون ين وهو ما يعادل 121 مليار دولار على إعادة إعمار الكوارث والبنية التحتية والبحث العلمى.
وأوضحت الصحيفة أن إجراءات التحفيز سوف تعزز نمو الاقتصاد بنحو 1.4 نقطة مئوية.
وتأتى الإجراءات فى ظل ازدياد الوعى حول العالم بشأن الحاجة لمزيد من المساعدات الحكومية للحفاظ على نمو الاقتصادات فى ظل التباطؤ العالمى.
وأطلقت الحكومة حوافز مماثلة الحجم بعد التباطؤ الذى شهدته البلاد فى عام 2016 وهناك ميزانيات تكميلية أصغر تصدر كل عام.
ومع ذلك، يأتى كل هذا فى وقت كان فيه النمو قويًا نسبيًا حيث أصبحت القنوات الإضافية للإنفاق العام أداة قياسية لإدارة الاقتصاد.
وقال هارومى تاجوشى، الخبير الاقتصادي فى “آى إتش ماركت” بطوكيو إنه فى ظل ركود الطلب المحلى، تشعر الحكومة بأنها مضطرة للتدخل.
ومما يلفت للنظر أيضاً هو إحياء حكومة آبى، لما يسمى برنامج الاستثمار المالى والقروض التى كانت المحرك الإدارى الذى بنى الجسور الأصلية فى الماضى.
وتم إنشاء الجسور فى السنوات الأولى لتصنيع اليابان وقامت الحكومة بجمع الودائع من النظام المصرفى والاحتياطيات من صندوق التقاعد الوطنى، لتقديم القروض بأسعار فائدة منخفضة لتمويل الأشغال العامة.
وفى عام 2001 موّلت الحكومة برنامج القروض من خلال إصدار سندات حكومية منتظمة ولكنها تراجعت الآن من ذروة بلغت أكثر من 40 تريليون ين فى منتصف عام 1990 إلى حوالى 10 تريليونات ين فى الوقت الحالى.
ومن وجهة نظر السياسيين تتمثل ميزة برنامج القروض فى أنها تسمح بالإنفاق دون فرض ضرائب لأنها تمول مشاريع مثل الجسور التى يمكنها نظريًا كسب النقود لأجل تسديد الديون.