ضرورة تكاتف جميع الجهود الإقليمية والدولية لدعم أمن واستقرار القارة
إعداد برامج مخصصة للدول الخارجة من النزاعات تراعى خصوصية كل دولة
مصر لديها أكثر من 20% احتياطى من الطاقة الكهربائية يمكن نقله حال توافر شبكة ربط
شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى اليوم الأربعاء التوقيع على اتفاقية استضافة مصر لمقر مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات.
وقام بالتوقيع على الاتفاقية وزير الخارجية سامح شكرى، وموسى فقيه محمد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، وذلك خلال فعاليات الجلسة الأولى من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة.
وقال الرئيس السيسى خلال كلمته فى منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة، إن مصر تؤمن بأن السبيل الأمثل لإقرار السلام والاستقرار فى القارة الأفريقية، وفى العالم، هو العمل على معالجة الأسباب الجذرية للمشكلات التى تهدد السلم والأمن، ومنع نشوب النزاعات والأزمات فى المقام الأول، لاسيما من خلال وسائل الدبلوماسية الوقائية والوساطة لتسوية الخلافات التى قد تنشأ بين الدول، وشدد على ضرورة تكاتف جميع الجهود الإقليمية والدولية لدعم أمن واستقرار القارة الأفريقية.
أضاف: ليس هناك أنسب من الوقت الراهن كى نجتمع فيه معاً فى إطار هذا المنتدى، لبحث التحديات التى تواجهنا فى أفريقيا، وفى مقدمتها استقرار حالة السلم والأمن، وتحقيق التنمية المستدامة التى نتطلع إليها، فضلاً عن حماية دولنا ومجتمعاتنا الأفريقية من تفشى وباء الإرهاب وما يرتبط به من ظواهر، لعل أخطرها تهريب وانتشار السلاح وتعاظم الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.
تابع: فى خضم تلك المواجهات، نجد لزاماً علينا أن نتعامل أيضاً بمسئولية مع التداعيات السلبية لتغير المناخ الذى فاقم من مشكلات التصحر وندرة المياه والموارد الطبيعية- كل ذلك، فى الوقت الذى ترى فيه شعوبنا أن السلام والأمن والتنمية والرفاهية هى حقوق إنسانية، وأنها جديرة بأن تنعم بهذه الحقوق كباقى شعوب العالم.
وقال إن مواجهة تلك التحديات والمشكلات تتطلب منا تضافر جميع الجهود، استناداً إلى المبدأ الأفريقى الراسخ، “الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية”.
أضاف: كان إدراكنا لهذا المبدأ دافعاً قوياً للقادة الأفارقة فى السنوات الماضية للسعى إلى صياغة خطط واستراتيجيات محددة تهدف إلى تحقيق تطلعات الشعوب الأفريقية فى مختلف المجالات، فمن خلال اجتماعات متواصلة وجهود حثيثة، نجحت أفريقيا فى صياغة أجندة التنمية 2063 التى تلبى أهدافها احتياجات أبناء القارة.
وذكر أن الاتحاد الأفريقى اعتمد مبادرة إسكات البنادق بحلول عام 2020 التى تهدف إلى القضاء على جميع النزاعات والصراعات فى القارة مع حلول عام 2020 من خلال إعداد أطر تنفيذية واضحة تعالج جذور النزاعات وتساهم فى إعادة الإعمار والتنمية فى فترة ما بعد انتهاء الصراع، ولا شك أن تفعيل تلك المبادرة يمثل ركناً أساسياً فى تحقيق الاستقرار في ربوع القارة، خاصةً من خلال بناء مؤسسات الدولة الوطنية وتمكينها من الاضطلاع بمهامها والحفاظ على مقدراتها ومساعدة شعوبها على الانطلاق نحو التنمية والرخاء.
وقال: لا يخفى عليكم أن توافر الإرادة السياسية لدى قادة الدول الأفريقية لحل النزاعات القائمة وتحصين الشعوب والدول من أى حروب ونزاعات ومخاطر مستقبلية إنما يؤكد التزام دولنا بتحقيق النهضة الشاملة التي صاغت خطتها دول القارة. ومن هذا المنطلق، تؤمن مصر بأن السبيل الأمثل لإقرار السلام والاستقرار فى القارة الأفريقية، وفى العالم، هو العمل على معالجة الأسباب الجذرية للمشكلات التي تهدد السلم والأمن، ومنع نشوب النزاعات والأزمات فى المقام الأول، لاسيما من خلال وسائل الدبلوماسية الوقائية والوساطة لتسوية الخلافات التى قد تنشأ بين الدول.
وأكد الرئيس ضرورة تكاتف جميع الجهود الإقليمية والدولية لدعم أمن واستقرار القارة الأفريقية، استناداً إلى مبدأ سيادة الدول والدور المحورى للحكومات فى صياغة اتفاقيات السلام وخطط التنمية وفقاً للأولويات الوطنية، بما يرسخ الملكية الوطنية لهذه الجهود.
وقال إن تحقيق السلام واستمراره على المدى الطويل لن يتحقق سوى بتعزيز قدرة الدول والحكومات على بسط سيادتها على كامل ترابها، والارتقاء بقدراتها المؤسسية فى جميع المجالات، فالدولة الوطنية هى الوعاء الذى يضمن الأمن والاستقرار اللازمين لاستدامة التنمية.
وأوضح أن العلاقة وطيدة بين تحقيق التنمية واستقرار حالة الأمن والسلم فى القارة الأفريقية، وإذا كنا قد استطعنا التغلب على بعض المعوقات فى سبيل إحلال السلام ودفع التنمية، فإن نجاح مجهوداتنا المتواصلة بات يتطلب منا المزيد من التضافر وتكثيف العمل لمسابقة الزمن وصولاً إلى الأهداف التى نسعى إليها.
أضاف: لا شك أننا اليوم نحقق خطوة هامة في ذلك الاتجاه من خلال اجتماعنا في منتدى أسوان، هذا المحفل الأفريقي الفريد، الذى يمثل منصة إقليمية وقارية للنقاش والحوار وتبادل الخبرات والتجارب، وإننا لعلى ثقة فى أن أعمال المنتدى، سوف تدعم مساعى القارة نحو تطوير بنية السلم والأمن الأفريقية بشكل شامل ودائم، بالتوازى مع تحقيق التكامل بين هذه البنية وبين جهود تحقيق التنمية المستدامة، وكذا بين بناء السلام والدبلوماسية الوقائية والوساطة وبين جهود التعامل مع جذور الأزمات التى تواجه القارة.
تابع: آثرنا أن يكون المنتدى أفريقياً فى كل تفاصيله، سواء من حيث الفكرة أو عملية الإعداد الموضوعى والتنظيمى أو برنامج العمل والجلسات، فمنتدى أسوان يعبر عن ملكية أبناء القارة لمصيرهم ويُجسد ريادتهم فيما يتعلق بالشأن الأفريقى، وإن هذه هي الضمانة الرئيسية لأن يتصدى المنتدى للمشكلات التى تواجه القارة وأن يطرح لها الحلول، وأن يبرز الفرص القائمة ويضع الخطط لاغتنامها، الأمر الذى لا يتناغم مع الانفتاح على التعاون مع الشركاء الدوليين على أساس تحقيق المنفعة المتبادلة والمكاسب المشتركة.
قال الرئيس، إن أبلغ دليل على جدوى الأفكار الجادة والرؤى المدروسة هو تحويلها إلى واقع ملموس، وفى هذا الصدد، ما أحوجنا اليوم إلى إعادة إحياء وتفعيل سياسة قارتنا الأفريقية الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، وترجمتها إلى خطط تنفيذية تحصن الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس، وتساعد على بناء قدرات مؤسساتها كى تقوم بمهامها، وتسهم فى التئام جروح مجتمعاتها.
عن اتفاقية استضافة مصر لمركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، قال إن الهدف أن يكون بمثابة منصة تنسيق جامعة وعقل مفكر يعكف على إعداد برامج مخصصة للدول الخارجة من النزاعات، تراعى خصوصية كل دولة، وتحمى حقها فى ملكية مسار إعادة الإعمار والتنمية.
قال السيسى: “نحن ليس لنا مستقبل وأمل بالقارة الأفريقية إلا بإقامة بنية أساسية متطورة تربط بين دول القارة سواء بالطرق البرية أو بالسكة الحديد أو بشبكات الربط الكهربائى”، مضيفاً أنه إذا كان اليوم فى آسيا الكيلووات أقل من نصف الثمن لدينا فى القارة، فذلك نتيجة لاستفادتهم من قدرات النقل المتاحة فيما بينهم.
وأضاف، أن مصر لديها أكثر من 20% احتياطى من الطاقة الكهربائية متاح يمكن نقله لأشقائنا فى أفريقيا إذا توفرت شبكة ربط كهربائى بيننا فى أفريقيا وهو ما كان سيؤدى إلى إمكانية وصول الكهرباء للدول الأفريقية بتكلفة أقل”.
وتابع الرئيس السيسى: “على سبيل المثال لو كان هناك بنية أساسية مشتركة مباشرة بين مصر وتشاد لكان من السهل أن تحصل مصر على كل المنتجات التشادية وهو ما يحقق الفائدة المشتركى للبلدين، مضيفاً أن اتفاقية التجارة الحرة القارية ودخولها حيز النفاذ يعد أمراً جيداً فى هذا السياق، ولكن إذا أردنا تنمية مستدامة قارية فليس أمامنا غير استكمال البنية الأساسية القارية.
وأوضح أن مصر كانت نموذجاً مصغراً لما يحدث فى أفريقيا، فقد تحركنا لتطوير وتأهيل البنية الأساسية فى مصر بشكل ضخم، مما أدى إلى خلق فرص عمل كبيرة لمواطنينا وتكثيف الجهود حتى تصبح الدول المصرية قادرة على الاستفادة الكاملة وتحقيق من مواردها وإمكانياتها قيمة مضافة فى مختلف المجالات ونسعى إلى تحقيقه فى الدول الأفريقية.
وأضاف الرئيس: “أن تجربتنا فى تعاملنا مع التحديات الموجودة فى مصر ويوجد مثيل لها فى القارة الأفريقية تؤكد أنه ليس لنا مسار غير التنمية المستدامة وتعزيز منظومة السلم والأمن”.