يتوالى عزوف العديد من علامات السيارات عن إظهار حجم مبيعاتها من خلال تقرير مجلس معلومات سوق السيارات “أميك” وتعددت الأسباب والنتيجة واحدة، وهى انعدام الرؤية الحقيقية لمؤشرات السوق المصرى.
ووفقاً لمتعاملون بالقطاع فإن الأمر يزداد سوءًا مع تلاعب بعض الشركات بحجم مبيعاتها، من خلال عدة طرق، منها الإعلان عن مبيعات عدة أشهر فى شهر واحد فقط، ما ينتج عنه عدم وجود بيانات صحيحة.
واختلف المختصون حول مصير الـ”أميك”، هل يقوم القطاع بالتخلى عنه وإيجاد بديل حكومى معتمد ودقيق؟ أم يتم إعادة هيكلة المجلس ذاتيًا، واختيار كوادر جديدة لقيادته؟.
وقال زكريا مكارى، أحد مؤسسى الـ”أميك”، ومدير عام المبيعات والتسويق فى “مرسيدس – بنز مصر” سابقًا، إن العديد من شركات السيارات تحرص على سرية مبيعاتها من السيارات وهو أمر مرفوض خاصة أن الإعلان عن المبيعات يساعد الشركات فى وضع خطتها التوسعية وإعادة هيكلة الخطط الموضوعة.
أضاف أن بداية الأزمة كانت مع امتناع بعض شركات عن إرسال بيانتها، وتابعتها شركات أخرى وتفاقمت الأزمة باختفاء أرقام مبيعات العديد من العلامات التجارية من التقارير الشهرية لـ”الأميك”.
أوضح مكارى أن الشركات تحصل على منفعة مشتركة يقدمها المجلس للجميع باعتماده على إفصاح كل شركة عن بيانتها بدقة شديدة فى مقابل حصولها على بيانات الشركات الأخرى.
وأشار إلى أن “الأميك” كان وسيلة القطاع الأساسية لخدمة سوق السيارات فى الحصول على معلومة كاملة ودقيقة.
ونبعت فكرة إصدار تقرير يكشف عن مبيعات السيارات منبثقاً من مجلس يضم كافة الشركات المتواجدة فى السوق بهدف خلق بيئة معلوماتية سليمة إلا أن سرعان ما تدهور الأمر وخالف التقرير الهدف المنشأ له.
ويرى مكارى أن الحل الأمثل لخروج “الأميك” من الأزمة هو عودة التعاون بين شركات القطاع، وإعادة وضع أسس وقواعد جديدة مستبعدًا إجبار الشركات للإفصاح عن بياناتها.
وقال إن “الأميك” يحتاج إلى مجموعة أشخاص لديهم الرؤية الواضحة للتطوير، حيث يمتلك القطاع كوادر قوية جديرة بالمسئولية ولكن الظروف غير الملائمة جعلت من تطوير القطاع أمرًا مرهقًا للغاية.
مكارى: لجوء الشركات للسرية غير مبرر ويمكن الاستعانة ببيانات “مجمعة التأمين على المركبات”
وأضاف أن تلك الكوادر فقدت حماسها، بسبب عدم وجود حافز حقيقى، وانحصار التركيز على الأزمات الحقيقية مثل تدبير العملة، بالإضافة إلى الجهود للبقاء فى السوق فقط وليس حتى الوصول إلى مستوى أعلى من المنافسة.
وأشار مكارى إلى استحالة تطبيق آليات عقابية على الشركات التى تتلاعب ببياناتها، ولكن من واجبات المجلس مراجعة تلك البيانات عبر جهات مختلفة، فعلى سبيل المثال يمكن القيام بذلك عن طريق بيانات المجمعة المصرية للتأمين الإجبارى على المركبات، والتى قامت بنشر أحد تقاريرها مؤخرًا.
وأوضح أنه يمكن الوصول إلى اتفاق مع الاتحاد المصرى لشركات التأمين لإرسال تقارير دورية إلى “الأميك” أو إلى شركات السيارات حتى وإن كان ذلك الاتفاق برسوم معينة، ولكنه بالتأكيد سيكون على درجة أعلى من الدقة.
وقال إن أغلب الشركات تبيع السيارات للموزعين والتجار وتظل تلك السيارات فى صالات العرض لفترات طويلة تصل إلى أشهر، ولكنها تُسجل على أنها مُباعة فى قاعدة بيانات الشركة، لذا تتميز التقارير الصادرة من أجهزة المرور بأنها ترصد عدد السيارات التى تم بيعها بالفعل للجمهور.
أضاف أن ممثلى القطاع يجب أن يتفاوضوا مع أجهزة المرور والجهات الحكومية المعنية للحصول على بيانات واضحة تخلو من التشكيك وهو ما سيعمل على وجود بيئة عمل صحيحة.
وطالب شركات السيارات بالتعاون مع جهة حكومية تستطيع توفير البيانات الصحيحة، وذلك قد يكون مقابل مبلغ رمزى للحصول على معلومات دقيقة وقيمة تؤثر إلى درجة كبيرة فى خطط الشركة على المدى القريب والبعيد.
فيما يرى طارق عبداللطيف، المدير الإقليمى لـ”أوتو جميل” أن تقرير “الأميك” أصبح غير دقيق بسبب توقف العديد من شركات السيارات عن إرسال بيانات المبيعات بصفة دورية، ما أحدث خلل في رؤية قطاع السيارات.
وقال إن أفضل التقارير التى يُمكن الاستناد عليها هى تقارير وحدات تراخيص المرور، فمن خلالها سيتمكن قطاع السيارات من الوصول لقاعدة بيانات ضخمة، لا تشمل فقط طراز السيارة أو منطقة تواجدها، بل سيمكن الوصول إلى لونها وتاريخ تسجيلها ومالكها، ما سيساعد الشركات فى عملها، من توفير لقطع الغيار وعمليات الاستدعاء.
أضاف عبداللطيف “يمكن أن تستفيد خزانة الدولة من تلك التقارير عن طريق بيعها للجهات التى تحتاجها، والتى لا تقتصر فقط على شركات السيارات، بل البنوك والمستثمرين وصُناع قطع الغيار”.
وأشار إلى ضرورة التزام شركات السيارات بالإفصاح عن مبيعاتها إلى مجلس معلومات سوق السيارات حتى يتسنى للمجلس تقديم تقرير دورى لا يحمل أى شك وهو أمر غير مستحدث وإنما يتم العمل به فى مختلف دول العالم.
الشركات تمتنع عن إرسال مبيعاتها لـ”الأميك” وأخرى تتلاعب بالأرقام
وقال أسامة محمود، رئيس قطاع التسويق بشركة “أوتو جروب” الموزع المعتمد لعلامات رينو الفرنسية وبروتون الماليزية، إن توافر البيانات هو الركيزة الأساسية لأى عمل ناجح ودون توافر تلك البيانات لن يتم الاستثمار فى أى قطاع على أسس سليمة.
أضاف أن قطاع السيارات يعد أحد القطاعات الأكثر تأثيراً فى الاقتصاد المصرى وهو ما يستلزم وجود معلومات وبيانات دقيقة تدعم الجهود الحكومية وجهود القطاع الخاص فى النهوض بصناعة ومبيعات السيارات فى مصر.
وأوضح محمود أن أى استثمار غير مبنى على دراسة وتحليل للأوضاع السابقة والتغيرات المحيطة لن يحقق الأهداف المنشودة.
وقال إنه على الرغم من عدم دقة التقارير الشهرية الصادرة عن مجلس معلومات سوق السيارات فإن الغالبية العظمى من شركات القطاع تعتمد عليه بشكل رئيسى نظرًا لأنه المصدر الوحيد الأساسى للمعلومات.
أضاف أن أرقام “الأميك” استمرت كدليل أمثل لقطاع السيارات لفترة طويلة، فعلى سبيل المثال قدم المجلس تقارير دقيقة فى ظروف استقرار السوق ولكن فى ظل التغير المستمر والأزمات الاقتصادية أصبحت جميع المعلومات والبيانات منقوصة.
وطالب بتدخل الدولة لدعم تلك التقارير لتعزيز دقة البيانات، من خلال إضافة المعلومات الحكومية التى يصعب على الجميع الوصول لها مثل إجمالى عدد السيارات التى دخلت السوق المحلى من المنافذ الجمركية المختلفة فى فترات معينة وإجمالى عدد السيارات التى تم ترخيصها بالفعل.