تأمل الحكومة الإيطالية فى تغيير قناعات المتسوقين في البلاد وخفض اعتمادهم على طريقة الدفع التقليدية التي تتمثل في الدفع نقدا، والتوجه لاستخدام بطاقات الدفع الإلكتروني.
أوضحت تقديرات البنك المركزي الإيطالي أن إيطاليا تمتلك واحدا من أدنى معدلات استخدام بطاقات الائتمان، حيث تستحوذ عمليات الدفع بواسطة اﻷوراق المالية والعملات المعدنية على ما نسبته 86% من المعاملات.
ولكن الحكومة تخطط، بداية من العام المقبل، لتقديم مكافآت مالية ﻷولئك الذين يستخدمون البطاقات أو أي طرق دفع إلكترونية أخرى.
وأفادت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن الحكومة ستخصص ما يصل إلى 3 مليارات يورو ضمن موازنة العام المقبل لتمويل تلك المكافآت المالية، وتأمل في ارتفاع مستوى السداد عبر الفواتير الإلكترونية بشكل أكبر مما يصعب من الاحتيال الضريبي ومعاملات الاقتصاد الأسود، الذي يعرف بأنه نشاط تجاري يعمل خارج نطاق القوانين واللوائح والضرائب.
ومن المتوقع نشر تفاصيل النظام خلال العام المقبل.
ومع ذلك، لا يزال العديد من الإيطاليين يشككون في المدفوعات الإلكترونية، فقد قالت إحدى السيدات المتسوقات إن استخدام بطاقات الائتمان يمكن أن يجعلها تنفق أموالها بشكل أكبر وأسرع ولكن استخدام النقدية يجعلها ترى تماما المبلغ الذي تمتلكه في محفظتها.
قال روبرتو غولتيري، وزير الاقتصاد الإيطالي، إن الحكومة تعتزم إحداث تغيير ثقافي في إيطاليا لتغيير سلوك المستهلكين وجعلهم يسيرون بطرق تتماشى بشكل أكثر مع دول أوروبا الأخرى.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الإيطاليين استخدموا الوسائل البديلة للنقد، مثل البطاقات أو التحويلات المصرفية، 100 مرة للشخص الواحد في المتوسط في عام 2017، بينما وصل هذا العدد إلى 424 في هولندا.
وقال جورجيو دي جورجيو، أستاذ الاقتصاد في جامعة لويس الإيطالية، إن هناك أسبابا جيدة وسيئة للتفشي المستمر لاستخدام النقدية.
وأوضح أن إيطاليا بلد قديم يعطي أهمية كبيرة للتقاليد، كما أن كبار السن عادة ما يكونون أقل تقبلا لتغيير ما اعتادوا فعله طوال حياتهم.
وأشار إلى أن هناك سببا سيئا يتمثل في أن الاقتصاد الأسود الإيطالي يعتبر واحدا من أكبر الاقتصاديات في أوروبا، وربما تكون اليونان فقط هي الأسوأ، مما يعني استخدام المزيد من النقود مقارنة بطرق الدفع اﻷخرى التي يمكن تتبعها بسهولة.
وأوضح تقرير نشرته المفوضية اﻷوروبية، هذا العام، أن إيطاليا تتمتع بأعلى معدلات الاحتيال فيما يخص ضريبة القيمة المضافة في الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن الفرق بين مبلغ ضريبة القيمة المضافة المدفوعة وما كان ينبغي أن تجمعه السلطات الإيطالية بلغ 35 مليار يورو في عام 2015، أي أقل قليلا من الفجوة البالغة 41 مليار يورو في عام 2014.
وقدرت هيئة الإحصاء في إيطاليا أن الاقتصاد غير الرسمي أو مزيج من السوق السوداء والنشاط الإجرامي، كان يقدر بنحو 211 مليار يورو في عام 2017 أو 12% من إجمالي الناتج الاقتصادي لذلك العام.
ورغم جهود الحكومة الحثيثة للتحول نحو طرق الدفع الإلكترونية، إلا أن بعض السياسيين واصلوا الاعتراض على محاولات إغراء المواطنين للابتعاد عن الدفع النقدي، فقد خاضت جورجيا ميلوني، زعيمة أحد الأحزاب الإيطالية، محاولات فاشلة لتعديل مشروع قانون الموازنة الحالي لحظر أي قيود على المدفوعات النقدية.
كان هدف ميلوني هو مناشدة المواطن العادي، بحجة أن الإيطاليين العاديين الذين يستخدمون النقود لم يكونوا يشكلون أي مشكلة بالنسبة للاقتصاد.
وأوضحت أن التهرب الضريبي الحقيقي ليس ذلك النوع الذي يتم من قبل أصحاب المتاجر الصغيرة، بل من الشركات الكبرى التي تدفع الضرائب في الدول الأخرى، وليس إيطاليا.