تشير أغلب التوقعات الاقتصادية فى الوقت الراهن، إلى استمرار الجنيه فى استرداد جانب من خسائره أمام الدولار، ما يخلق جدلاً حول أسعار السلع والمنتجات المستوردة، خصوصاً السيارات بعد تراجع سعر صرف العملة الأمريكية.
ويعد قطاع السيارات، أحد أبرز القطاعات التى تأثرت بتعويم الجنيه نوفمبر2016؛ فالقرار أصاب حينها سوق السيارات المستوردة والمجمعة محلياً فى مقتل، إذ ارتفع وربما تضاعفت أسعار بعض الموديلات، ما سبَّب ركوداً عميقاً.
وبعد أن استرد الجنيه بعض خسائره العام الماضى، ومع تطبيق الإعفاء الجمركى الكامل على السيارات أوروبية المنشأ مطلع 2019، ثم تركية المنشأ مطلع 2020، أعلنت أغلب شركات السيارات عن قوائم تسعير جديدة، ثم أخذت فى تعديلها فى منحنى هابط من آن لآخر.
وشهد السوق، انخفاضاً ملحوظاً فى أسعار السيارات، أرجعته الشركات إلى الانخفاض المستمر والمؤثر فى أسعار صرف الدولار.
قال أمجد الفقى، رئيس قطاع المبيعات لعلامة سيتروين الفرنسية لدى «القصراوى جروب»، وكيل العلامة الفرنسية فى مصر، إنَّ إبداء توقعات حول اتجاه أسعار السيارات حالياً، صعوداً أو هبوطاً ليس أمراً يسيراً؛ لأن أسعار صرف العملات يمكن أن تؤثر بالسلب أو بالاستقرار فى أسعار السيارات، وليس بالإيجاب فقط.
ويتمنى »الفقى«، انخفاض الأسعار؛ لجلب مزيد من الاستقرار للسوق، خصوصاً بعد موجة التخفيضات، مطلع العام الحالى، والتى من شأنها تحريك المبيعات قليلاً، ما يكون مؤشراً إيجابياً للسوق.
أضاف أن قطاع السيارات يتعامل مع الربع الأول، كونه أقل ربع من ناحية المبيعات فى جميع أجزاء العام، وأى تحرك سيكون إيجابياً، ويُدخل التفاؤل على القطاع بعد فترة الركود والكساد التى ضربت الربع الأخير من 2019.
أوضح »الفقى«، أن قطاع السيارات يُعد أحد أسرع القطاعات تأثراً بتغير أسعار صرف الدولار، عكس أغلب المنتجات المستوردة التى لم نر عليها أى تخفيضات سعرية حتى الآن، إذ يعتبر رد فعل قطاع السيارات هو الأسرع بين القطاعات المختلفة التى تعتمد غالبيتها العظمى على الاستيراد.
وأرجع رئيس قطاع المبيعات لعلامة سيتروين، انخفاض أسعار السيارات، مطلع العام الحالى 2020، إلى أن عدة شركات قررت إعادة تسعير طرازاتها؛ نتيجة انخفاض أسعار صرف الدولار، مشدداً على رفضه التعميم؛ لأن كل شركة لها ظروفها ودراساتها للوضع السوقى و«كواليس» خاصة بها.
كما أن كل شركة لها أهدافها وسياساتها التسويقية، وآليات تسعير السيارات ليست سهلة كما يشيع البعض؛ فالمصروفات تتضمن بنوداً قد لا يراها البعض، وهى بنود كثيرة تتجاوز، أحياناً، مصروفات استيراد السيارة وتأمينها وإيصالها بسلام إلى العميل هنا فى مصر.
الفقى: توقعات الهبوط والصعود ليست سهلة.. وكل شركة لها «كواليس»
أكد »الفقى«، أن سرعة استجابة الشركات للتخفيضات السعرية، وهى فترة قصيرة بين أسبوع و10 أيام، ساهمت فى استقرار السوق، وإعادة ثقة المستهلكين المقدمين على اتخاذ قرار الشراء. كما أن الاستجابة السريعة، تدفع بعجلة المبيعات إلى الأمام، وهو عكس ما اعتاد عليه قطاع السيارات لسنوات عديدة، إذ كانت الشركات تستغرق شهوراً؛ لوضع قوائم سعرية جديدة.
وأكد مهاب أحمد، مدير تسويق سيات SEAT فى مصر، أنَّ أسعار السيارات تتأثر بأى تغيير فى أسعار صرف الدولار، ولكن بشرط أن تكون نسبة التغير فى العملة نسبة ملموسة؛ لأنه يستحيل على الوكلاء تغيير أسعار سياراتهم كل يوم مع نزول سعر الدولار بمعدل قرش أو 5 قروش.
وأضاف: «الغالبية تنتظر لحين وصول تلك التغييرات البسيطة فى سعر الدولار إلى نسبة كبيرة ملموسة، ثم يقومون بإعلان تخفيضات أو زيادات سعرية حسب تحرك سعر الصرف».
ورفض أحمد، الحُكم على باقى التوكيلات التى لم تعلن عن أسعار طرازاتها الجديدة، موضحاً أن ما يدور خلف كواليس كل شركة يخص تلك الشركة وحدها، ولا يعلمه إلا فريق عملها، ولا يمكن الحكم على ظروف الغير دون معرفتها.
وأشار إلى أن طريقة عمل كل شركة تختلف عن الشركة الأخرى، إذ يعتمد البعض على قراءات السوق المستقبلية للعملات، ويتعاملون عليها، مثل تخفيض أسعار السيارات قبل تخفيض أسعار الصرف بفترة كبيرة وفقاً للتوقعات، وهناك من ينتظر حتى لحظة هبوط أسعار الصرف، ويقوم بتحريك أسعار السيارات.
ولفت مدير تسويق سيات SEAT، النظر إلى أن السيارات التركية التى انخفضت أسعارها تُعد من فئة واحدة هى الـ«سيدان»، لذا فإنَّ تخفيض أسعار السيارات فى القطاع بالكامل لا يرجع إلى إلغاء الجمارك على السيارات التركية، ولكن يُضاف إلى ذلك الاستجابة إلى أسعار الصرف، والحرص على دفع عجلة المبيعات، ومحاولة كل شركة الفوز بحصة سوقية أكبر.
ويرى »أحمد«، أن التخفيضات السعرية، زادت حالة الترقب التى تسيطر على المستهلكين، فى انتظار ما ستقدمه كل شركة، والمقارنة بين العروض السعرية جميعاً، للحصول على أفضل صفقة شراء.
وقال علاء السبع، رئيس مجلس إدارة «السبع أوتوموتيف»، إنَّ السيارات كأى سلعة تتأثر بسعر صرف الدولار.
وأغلب الوكلاء أعلنوا التخفيضات الأخيرة، وفقاً لتعاملهم على أساس سعر الدولار عند مستوى صرف 15.75 جنيه.
ونفى »السبع«، إمكانية إقدام الوكلاء على خفض أسعار السيارات قبل أن يحدث انخفاض فى سعر صرف الدولار بنسبة 3 ـ 4%، أى فى حدود سعر صرف 15.30 جنيه للدولار.
وأكد أنه لن يحدث تأثير حقيقى هابط فى أسعار السيارات، حال تراجع أسعار صرف الدولار بنسب متدنية تصل لـ5 قروش مثلاً؛ لأن قطاع السيارات يختلف بالطبع عن سوق الأوراق المالية والمعاملات فى البورصة.
وتوقع »السبع«، أن تُقدِم باقى شركات السيارات التى لم تعلن عن تخفيضات، على خطوة إعادة التسعير، وإقرار تخفيضات جديدة على طرازاتها خلال الأيام القليلة المقبلة.
علاء السبع: الوكلاء لن يقرروا خفضاً جديداً قبل وصول العملة الخضراء لـ15.30 جنيه
وطالب الشركات، بإيصال الأسعار إلى «حد عادل» يتناسب فيه الانخفاض مع الانخفاض الحادث فى أسعار الصرف، ولتحقيق ميزة تنافسية مع العلامات الأخرى، مع عدم تقديم الشركات التى حركت أسعارها بالفعل عروضاً سعرية جديدة.
أكد »السبع«، أن شركات السيارات التى تطرح طرازات تركية المنشأ، لديها عدة امتيازات تضاف لميزة تمتعها بإعفاء جمركى، منها انخفاض سعر العملة التركية.
أضاف أن شهر يناير من كل عام، يتسم بهدوء القطاع واستقرار حركة مبيعات السيارات؛ بسبب خروج قطاعات المبيعات بالشركات المختلفة من العام الماضى بتحقيق أهدافها، ثم تأخذ استراحة مؤقتة، وتبدأ عملها فى العام الجديد عبر وضع استراتيجية تناسبه.
كما أن المستهلكين دائماً ما ينتظرون ويؤجلون قرار الشراء فى ديسمبر من كل عام، لحين طرح عروض مطلع العام الجديد.
كشف »السبع«، أن التخفيضات على أسعار السيارات فى مصر حتى وإن كانت عروضاً مؤقتة، تضع المستهلكين فى حالة رهبة شديدة خوفاً على مدخراتهم، عكس المستهلكين فى الدول الأخرى، والعكس صحيح.
فمثلاً إذا بدأت أسعار السلعة فى الارتفاع، فإنَّ جميع المستهلكين يتوجهون بسرعة للشراء؛ خوفاً من حدوث ارتفاعات إضافية على سعرها وبنسبة عالية.
أرجع رئيس مجلس إدارة «السبع أوتوموتيف»، إقدام الشركات على الإعلان عن التخفيضات السعرية قبل انتظار دورة شراء السيارات التى تستغرق 3 أشهر تقريباً، إلى أن شركات السيارات أيقنت فيما يسمى «تكلفة الفرصة البديلة»؛ حيث يقوم الوكيل ببيع السيارة التى اشتراها بالسعر المرتفع بالتخفيضات الجديدة. ويتم بيع السيارة التى اشتراها بسعر صرف 16.5 جنيه للدولار، بنفس سعر السيارة التى سيشتريها بسعر صرف 15.75 جنيه للدولار.
ويمكن الاستفادة من «تكلفة الفرصة البديلة» بشكل عكسى، إذا ما ارتفع الدولار مجدداً، إذ سيقوم الوكيل برفع سعر السيارة فى الحال لتحقيق أرباح للتعويض عن خسائره وتحقيق مكاسب جديدة.
أكد »السبع«، أن الجميع لا يمكنهم تقديم نصائح واضحة للمستهلكين؛ لأن قرار الشراء الحقيقى فى يد المستهلك؛ بسبب اختلاف الاحتياجات الشخصية للسلعة أو السيارة من شخص لآخر. وعملية الشراء الحقيقية تعتمد على القرار والمقدرة، لذا يجب أن يكون القرار والقدرة فى يد المستهلك لإتمام العملية.
ولفت رئيس مجلس إدارة «السبع أوتوموتيف»، النظر إلى تصريحاته نهاية عام 2019 وكان مضمونها أن أسعار السيارات لن تنخفض حتى شهر مارس 2020 بمعدلات كبيرة وهو ما تجاهله السوق حتى الآن إذ حقق معدلات تراجع فى الأسعار أكثر مما توقعه »السبع«، موضحاً أن القطاع لم يكن يتوقع انخفاض سعر صرف الدولار بتلك النسبة الكبيرة، لكنه يخشى إصدار قرارات حكومية تسهم فى رفع أسعار السيارات.
وتوقع »السبع«، أن يكون عام 2020 أفضل لقطاع السيارات مقارنة بعام 2019 وفقاً لعدة عوامل مهمة هى تراجع أسعار السيارات بنسب تتراوح بين 10 و12%، وثانياً قرار البنك المركزى زيادة نسبة أقساط القروض الممنوحة للأفراد لأغراض استهلاكية (القروض الشخصية والبطاقات الائتمانية والقروض بغرض شراء سيارات للاستخدام الشخصى)، وثالثاً خفض الفائدة على الاقتراض الشخصى.
وهذه التحولات بالتأكيد، ستسهم فى تحريك عجلة البيع من جديد.
ويؤيد منتصر زيتون، عضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات، مدير عام معارض الزيتون مول، توقعات تراجع أسعار السيارات؛ نتيجةٍ تراجع أسعار صرف الدولار.. لكنه رهن ذلك بوصول سعر الدولار إلى 15 جنيهاً، وليس تراجع سعر الصرف بمقدار 10 أو 20 قرشاً كما يُشاع.
أضاف »زيتون«، أن الوكلاء يترقبون حدوث هبوط ملموس فى سعر صرف الدولار، ولا يبنون قراراتهم على حدوث هبوط هامشى بسيط؛ خوفاً من ارتداد سعر الصرف سريعاً لأعلى.
وأوضح أن الوكلاء، ينتظرون استقرار سعر الصرف عند مستوى محدد، مدللاً على ذلك بتأثر أسعار السيارات بسعر الدولار على المدى البعيد فى الفترة الماضية، إذ تأثر سعر السيارات هبوطاً بتراجع سعر الدولار من 18 إلى 17 جنيهاً، ثم تأثر مرة أخرى جراء هبوطه من 17 إلى 16 جنيهاً.
وأضاف عضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات، مدير عام معارض الزيتون مول، أن الانخفاض فى أسعار السيارات التركية، ليس سببه الوحيد هو إزالة الشريحة الجمركية الأخيرة، وإلغاء الجمارك، موضحاً أن بعض فئات السيارة «فيات تيبو Tipo» على سبيل المثال تراجعت بنحو 25 ألف جنيه.. فمن أين جاءت تلك النسبة الكبيرة؟
ويؤكد »زيتون«، أنَّ وكلاء الطرازات تركية المنشأ، دعمتهم حزمة عوامل لتخفيض الأسعار، وأولها طبعاً إزالة الشريحة الجمركية الأخيرة وتطبيق الإعفاء الجمركى الكامل، وانخفاض أسعار صرف الليرة، بجانب استغلال الميزة التنافسية.
وهذه تشكل خطة مدروسة ومتقنة لرفع حصة مبيعات الطرازات تركية المنشأ فى السوق المصرى.
وأشاد بنسبة التخفيضات الكبيرة على الطرازات التركية، والتى لفتت أنظار المستهلكين لها، وحفزت الشركات الأخرى لتخفيض أسعار طرازاتها سواء المستوردة أو المجمعة محلياً عدا شركات قليلة.
زيتون: أتوقع استقراراً بعد تطبيق الإعفاء «التركى».. والمقاطعة لم يعد لها تأثير
أكد »زيتون«، أن سوق السيارات معتاد على حالة الركود الموسمية التى يشهدها فى شهرى يناير وفبراير من كل عام، وتنتهى نسبياً بحلول شهر مارس. لكن بعض الوكلاء تأخروا فى الإعلان عن الأسعار المخفضة لطرازاتهم، فى حين ينتظر القطاع تحريك أسعار باقى العلامات.
وأثرت التخفيضات السعرية على حالة الطلب بالسلب، إذ وضعت المستهلكين فى حالة ترقب لما ستقدمه الشركات الأخرى مستقبلاً، أملاً فى أن يجد المستهلك عرضاً أفضل له فى طراز آخر. ويرى »زيتون«، أن الوكلاء لا بد أن يعلنوا عن تخفيضات الأسعار فى وقت واحد، لتحقيق ثبات نسبى فى سوق السيارات.
ونفى أى تأثير فى الوقت الحالى، لحملات المقاطعة التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى ومنها حملة «خليها تصدى»، على مبيعات القطاع، مضيفاً أن التأثير الحقيقى على القطاع كان فى شهرى يناير وفبراير 2019؛ لأن من وجهة نظره لا تستطيع الحملات التأثير على قرار الشراء الحقيقى للمستهلك، خصوصاً بعد تطبيق جميع الإعفاءات مطلع 2020.
ورداً على الشائعات التى انتشرت فور انخفاض أسعار السيارات، وقول البعض إنَّ خفض الأسعار يؤكد أن الشركات كانت تجنى هوامش أرباح «خرافية»، أوضح عضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات، مدير عام معارض الزيتون مول، أن الوكلاء والتجار قد يستغنون عن الربح وقد تصيبهم الخسارة؛ بسبب سعيهم وراء بيع مخزون الموديلات القديم، مثلما حدث فى 2019 عندما استغنى كثيرون عن مكاسبهم، فى حين تكبد آخرون خسائر فادحة لمحاولة التخلص من ذلك المخزون.
وأقدم وكلاء آخرون على ترك سياراتهم فى الميناء؛ لعدم قدرتهم على سداد مصاريف جماركها وإدخالها إلى مصر مثل أزمة «هايما».
وتوقع »زيتون”، اختفاء عدة طرازات فى 2020؛ لأن الوكلاء لن يستطيعوا تحقيق هامش ربح منها حتى ولو نسبة بسيطة.
كما توقع أن يشهد 2020، استقراراً وارتفاعاً نسبياً فى مبيعات السيارات؛ بسبب انتظار شريحة كبيرة من المستهلكين مردود الاتفاقيات التجارية والاستيرادية والتى طبقت بالفعل بالكامل مطلع العام الحالى، لذا فإنَّ ما سيحسم المنافسة والمبيعات هو أسعار صرف العملة والتنافسية بين مواصفات الطرازات المختلفة.