جنبت بنوك القطاع المصرفى نحو 13 مليار جنيه من أرباحها قبل احتساب المخصصات، وذلك لتكوين مخصصات قروض خلال شهرى مارس وأبريل الماضيين.
وارتفعت قاعدة المخصصات إلى نحو 141 مليار جنيه بنهاية أبريل مقابل 127 مليار جنيه فى نهاية فبراير بزيادة 8 مليارات جنيه فى مارس و5 مليارات جنيه فى أبريل.
وقفزت احتياطيات البنوك نحو 44 مليار جنيه فى أبريل، بخلاف 5.4 مليار جنيه زيادة خلال مارس، ليصل إجمالى تعزيزات البنوك الاحتياطيات نحو 49.4 مليار جنيه لتصل الأرصدة إلى 307 مليارات جنيه مقابل 257.7 مليار جنيه فى نهاية فبراير.
وارتفع بذلك نسبة رؤوس الأموال والاحتياطيات والمخصصات إلى إجمالى المركز المالى للبنوك لنحو %9.4 مقابل %9 فى فبراير.
ما الذى كانت تفعله البنوك فى السنوات الماضية؟ وكيف تغير؟
خلال السنوات الثلاث الماضية، واصلت البنوك تعزيز قاعدة مخصصات بمتوسط 7.8 مليار جنيه، والاحتياطيات بمتوسط 35.5 مليار جنيه سنويًا، لكن بمستويات أدنى من القفزة فى عام 2016، وذلك بعدما قفزت المخصصات خلال ذلك العام، بنحو 37 مليار جنيه، والاحتياطيات بنحو 94 مليار جنيه، ورؤوس الأموال بنحو 17.5 مليار جنيه، ويعزو جزء من الزيادة فى القاعدة الرأسمالية للبنوك إلى فروق ترجمة العملات، نظرًا لتحرير سعر الصرف.
لكن الشهور الأولى من العام الحالى شهدت قيام البنوك باستعدادات قوية لموجة من التعثر فى السداد لدى عملائها، كما ظهر فى نتائج أعمال البنوك فى النصف الأول من العام.
وجنب بنك قطر الوطنى 1.14 مليار جنيه مخصصات اضمحلال، فيما جنب البنك التجارى الدولى حوالى 2.26 مليار جنيه.
وارتفعت مخصصات قروض الأفراد من 316.9 مليار جنيه لدى التجارى الدولى بنهاية العام الماضى إلى 693 مليار جنيه فى يونيو 2020، وجاءت الزيادة الأكبر فى قروض مخصصات المرحلة الأولى.
فيما زادت مخصصات قروض الشركات لديه إلى 13.2 مليار جنيه بنهاية يونيو مقابل 11.5 بنهاية ديسمبر، وجاءت معظم الزيادة فى مخصصات العملاء من المرحلة الثانية.
وتغطى المرحلة الأولى من المخصصات 12 شهرًا من أجل قرض العميل، فيما تغطى المرحلة الثانية القرض حتى نهاية مدته وفقاً للمعيار المحاسبى الدولى التاسع.
وواصل بنك قطر الوطنى تدعيم قاعدة مخصصاته تحسبًا لتداعيات انتشار فيروس كورونا واحتفظ بنحو 1.17 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الحالى مقابل 170 مليون جنيه فقط خلال الفترة نفسها من 2019.
وسجلت قاعدة المخصصات فى البنك 8.4 مليار جنيه مقابل 7.3 مليار جنيه فى نهاية العام الماضي، بينها 4.3 مليار جنيه قروض مصنفة ضمن المرحلتين الأولى والثانية، و4.1 مليار جنيه لقروض فى المرحلة الثالثة، وتغطى المخصصات %174 من القروض غير المنتظمة.
جاء ذلك رغم أن الإجراءات التى أعلنها البنك المركزى فى استجابته واسعة النطاق لانتشار فيروس كورونا جنبت البنوك والمقترضين معاً ظهور موجة تعثر فى السداد خلال الشهور الماضية، بعد قرار البنك المركزى تأجيل أقساط القروض البنكية 6 أشهر بدون غرامات تأخير وبدون اعتبار العملاء متعثرين.
وذكر البنك التجارى الدولى، فى بيان مجلس إدارته أنه تحوط ضد تداعيات الفيروس عبر مراكمة مخصصات تجاوزت مليار جنيه خلال الربع الثانى من العام، مؤكدة أن ذلك ليس بسبب الأوضاع الاقتصادية الضبابية، لكن أيضًا اعتماداً على تقييمات منهجية ونماذج مختصة لقياس المخاطر.
أشارت إلى أن ذلك يؤكد أن الإدارة لن تقبل بأى إخلال بملاءة البنك حتى لو على حساب الربحية فى المدى القصير.
وقال إنه حتى الآن من المرجح أكثر عدم تكرار سياسة تكوين المخصصات العنيفة فى النصف الثانى من العام فى ظل تزايد الاتجاه نحو الفتح التدريجى للاقتصاد فى جميع انحاء العالم.
وقال إنه رغم الرؤية المستقبلية المليئة بالتحديات نجح البنك فى مواصلة أداءه المرن خلال الربع الثانى من العام، محققًا نمواً مرتفعاً مع الحفاظ على المستوى المالى دون أى تأثير، بما يعكس المركز القوى الذى كان عليه البنك قبل الأزمة.
أوضح أن القوة مبعثها ميزانية البنك خلال السنوات الماضية، والتى ركزت على الشركات ذات الملاءة المالية المرتفعة والتركيز الأكبر على السندات طويلة الأجل، والتى حمت ربحية البنك فى مواجهة الانخفاض الحاد فى أسعار الفائدة بجانب التنسيق بين الإدارة والموظفين لاستمرارية الأعمال فى تلك الظروف الدقيقة غير المسبوقة.
قال المدير المالى لأحد البنوك الخاصة، إن ارتفاع المخصصات لدى البنوك أمر طبيعي، نتيجة أن الوباء طال جميع مجالات الاقتصاد، ولأن آثاره يحيط بها الغموض، فلا أحد يعلم مداها، ولا طبيعة تأثيرها على دورة الأعمال، كما أن البنوك عليها الإفراج عن ضمانات لصالح العملاء أثناء فترة التمويل، بجانب تدهور قيمة الضمانات.
أضاف أن نتائج أعمال الشركات فى النصف الأول من العام ستكون مؤشراً على مدى التأثر الفعلى الذى طال تدفقاتها النقدية وقدرتها على الوفاء بالالتزامات.
وذكر أن البنوك أصحاب المحافظ الكبيرة ستكون الأكثر تكوينًا للمخصصات، وكذلك التى توجه حصصاً أكبر للقطاع الخاص بصفة عامة والقطاعات المتضررة بصفة خاصة.
وبنهاية مارس الماضى استحوذت قروض القطاع الخاص على %62.7 من إجمالى محفظة القروض، وتنخفض تلك النسبة إلى %51.1 لدى أكبر 5 بنوك، و%55.5 لدى أكبر 10 بنوك.
هل معدل تغير القروض غير المنتظمة يعكس المخاطر؟
قال البنك المركزى فى خطابه للبنوك إن تأجيل قروض العملاء لا يجعل منهم متعثرين ولا يستلزم معه إعادة تصنيفهم.
ويرى المدير المالي، أنه لذلك فإن معدل القروض غير المنتظمة ليس باهتمام البنوك فى نتائج أعمال يونيو، لأن استقرارها لا يعكس عدم تدهور جودة الأصول، كما أن قدرة العملاء الجدد على السداد لن تظهر بوضوح، لكن النظر إلى معدلات الزيادة فى تأخر السداد فذلك مؤشر يجب أن تعتد به البنوك بجانب تحليل أداء القطاعات الاقتصادية التى يتعرض لها البنك.
لكن فى الوقت نفسه، معدل القروض غير المنتظمة المنخفض على مستوى القطاع المصرفى يعكس قدرة على امتصاص الصدمات أكبر، ويرى بنك قطر الوطنى أن معدل التعثر المنخفض فى محفظته الائتمانية عند %2.9 فقط، دليل على صلابة موقفه وجودة أصوله فى مواجهة التحديات التى فرضتها الجائحة.
وقال البنك، إنه مال للسياسة المتحفظة الحكيمة رغم عدم وجود إشارات على تدهور جودة أصوله إذ إن معدل التعثر لديه طفيف، لكن عدم اليقين بشأن مسار التعافى الاقتصادى السائد عالميًا كان له الأثر الأكبر، مؤكدًا أن أداءه المالى المرن ثبت أقدامه فى مواجهة التداعيات غير الواضحة التى قد يتسبب فيها تباطؤ التعافى الاقتصادى.
وبصفة عامة نجحت البنوك خلال السنوات الماضية، فى خفض معدلات القروض غير المنتظمة لمحفظة الائتمان بشكل ملحوظ، بدعم من مبادرات البنك المركزى وشطب الديون، لتنخفض إلى %4.1 بنهاية مارس الماضى على مستوى القطاع المصرفى و%2.5 لدى أكبر 5 بنوك.