شهدت أسعار الذهب تراجعًا بقرابة 1٪ يوم الاثنين (9 مارس) مسجلة أدنى مستوى لها في تسعة أشهر،وذلك في ظلمواصلةالدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة الأمريكية اكتساب الزخم، مما شجع المستثمرين على التخلص من المعدن الأصفر.
وانخفض المعدن الأصفر إلى 1676.91 دولار للأونصة وهو الأدنى منذ 8 يونيوالماضي، وسجل تراجعًا بنسبة 2.7٪ في شهر يناير واستمر في التراجع بنسبة 6٪ في فبراير، ويرى المحللون أن هناك المزيد من التراجع المحتمل للمعدن ليصل إلى ما دون منطقة 1650 دولار للأونصة، مع زيادة ضغوط البيع في ظل استمرار العوامل المساهمة في ركوده.
تفاجأ الكثيرون من هبوط سعر تداول الذهب إلى أقل من 1700 دولار،فأغلب التوقعات كانت تشير إلى ارتفاع معتدل أو استقراره، لكن ارتفاععائد لسندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات لأعلى مستوى له منذ فبراير 2020 عند 1.64٪ وارتفاع مؤشر الدولار بالقرب من مستوى 92 نقطة دفع بالمعدن النفيس للأسفل.
ارتفاع العوائد وارتفاع الدولار يسببان مشاكل للذهب
سجل الدولار الأمريكي أعلى مستوى له في 3 أشهربينما تداول عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بالقرب من أعلى مستوى في 13 شهر خلال الأسبوع الماضي، مدفوعًا بالتوقعات المتزايدة لتعافي الاقتصاد الأمريكي بوتيرة سريعة، إلى جانبمعدلات التضخم التي تشهد ارتفاع تدريجي، هذا يعني في النهاية أن العوائد لديها مجال للتحرك أعلى بما سيدفع الدولار الأمريكي بمزيد من الصعود.
من جهة أخرى، فشلت حزمة الإغاثة من فيروس كورونا التي تمت الموافقة عليها حديثًا والبالغة 1.9 تريليون دولار في تعزيز المعدن الأصفر، تعتبر السبائك أصلًا آمنًا ضد التضخم، وقد أدى ارتفاع عائدات السندات في عام 2021 إلى تهديد هذا الوضع، ونتيجة لذلك، زادت تكلفة الفرصة البديلة لامتلاك الذهب.
يعتقد المحللون أنه على الرغم من أن الدولار لا يسجل مستويات منخفضة، إلا أن هناك مبالغة في عائدات السندات في الوقت الحالي، حيث سجلت عائدات السندات في شهر فبراير عدة ارتفاعات سابقة تم تسجيلها قبل وباء فيروس كورونا، بدعم من تزايد التفاؤل بتسريع وتيرة التعافي الاقتصادي خلال الأشهر القادمة،بما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم للمستويات المستهدفة، في نفس الوقت أكد البنك الاحتياطي الفيدرالي على المحافظة على أسعار الفائدة منخفضة بالقرب من الصفر، في محاولة فاشلة من البنك للرد على الارتفاع الأخير في عائدات الولايات المتحدة.
أداء تاريخي للذهب في 2020
يقول أحد محللي سوق السلع أنه إذا طُلب من المستثمرين اختيار كلمة واحدة تلخص بدقة الوضع الحالي للذهب، فمن المؤكد أنها ستكون “مربكة”، يُظهر تحليل الرسم البياني للذهب منذ عام 2018 زخمًا صعوديًا واضحًا من أدنى مستوياته عند 1176.70 دولار للأونصة، تلاه بعد ذلك اتجاه صعودي طويل الأجل على مدار 2019 وأغلب 2020، ليندفع الذهب عند أعلى مستوى تاريخي على الإطلاق دون 2100 دولار في صيف 2020، ولكن منذ أن بلغ ذروته في أشهر الصيف، فقد الذهب بريقه ولم يُظهر أي استعداد لإعادة اختبار ارتفاعاته.
الضعف الحالي يتعارض مع ما توقعه العديد من المستثمرين، دخل الذهب العام القريب بحافز رئيسي للنمو،كما استند توقع ارتفاع أسعار الذهب إلى حزمة التحفيز الضخمة البالغة 1.9 تريليون دولار التي قدمها الرئيس “جو بايدن” والتي تبشر بشكل افتراضي بالخير للمعدن.
إذن، ما الذي يمكن أن نتوقعه في الأسابيع والأشهر القادمة؟ هل سترتفع أسعار الذهب في مارس 2021 أم سيستمر نشاط التداول الراكد؟
هل انتهى بريق الذهب؟
أنهى الذهب والمعادن الأخرى مثل الفضة عام 2020 بأقوى مكاسب في عقد بسبب العديد من العوامل،لكن السبب الأكثر بروزًا الذي دعم توقعات ارتفاع أسعار الذهب هو ضعف الدولار الأمريكي واستمرار حالة عدم اليقين التي أحدثتها جائحة فيروس كورونا، بالإضافة إلى التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة.
لم تهدأ أي من هذه المحفزات منذ بداية عام 2021، بل على العكس تمامًا، فإن جميع العوامل التي دعمت ارتفاع سعر الذهب ظلت في مكانها،وسيكون من المعقول أن نستنتج أن إجراء التداول المثير الذي شهدناه في عام 2020 لم ينته وأن عام 2021 قد يشهد ارتفاعات جديدة.
في نفس الوقت، يستمر إطلاق اللقاح العالمي ضد جائحة كوفيد 19 مع القليل من الانتكاسات الكبرى إن وجدت،ومع مرور كل يوم يتلقى ملايين الأشخاص الجدد في جميع أنحاء العالم جرعة لقاح.
ومع ذلك، بعد أكثر من شهرين من التداول في عام 2021 يبدو أن حماس المستثمرين للذهب قد تلاشى وأصبح المستثمرون يتجهون نحو المحفزات الأخرى،لكن كان النحاس والبلاتين والبلاديوم ثلاثة معادن تفعل ما لا يفعله الذهب: فهم يحققوا ارتفاعًا مع وجود علامات الزخم.
ومن المهم أيضًا ملاحظة أن تعافي الدولار الأمريكي قد توقف طوال شهر فبراير وارتفعت العديد من الأسواق مقابل الضعف، من المدهش للكثيرين أن الذهب لم يكن جزءًا من الارتفاع على الرغم من العلاقة العكسية التاريخية بين الاثنين، من ناحية أخرى، استفاد اليورو والجنيه الإسترليني من ضعف الدولار الأمريكي.
على مدار عقود والذهب يلعب دور الملاذ الآمن التقليدي في حال تقلب الأسواق والمخاوف الاقتصادية والسياسية، لكنفي الفترة الأخيرة لم يلعب الذهب هذا الدور بسبب بنوك وول ستريت وصناديق التحوط وجهات فاعلة أخرى التي قامت بعمليات بيع للمعدن النفيس مع ارتفاع عوائد السندات الأمريكية.
لا تعتمد على التضخم لدعم المعدن الثمين
لا يوجد أي شك في حقيقة أن أسعار الذهب تؤدي أداءً جيدًا تاريخيًا خلال فترات التضخم، لكن توقعات التضخم لعام 2021 لا تدعم الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب.
التوقعات الحالية للتضخم في جميع أنحاء العالم ضعيفة نسبيًا،وتشير بعض التوقعات الحديثة إلى أن معدل التضخم سيرتفع في عام 2021 بنسبة 2.2% مقابل 1.4% في عام 2020، في حين أن هذا قد يمثل زيادة على أساس سنوي، إلا أنه أقل من مستوى عام 2019 البالغ 2.3%.
حتى إذا ارتفع التضخم في عام 2022 أو ما بعده، فإن التوقعات على المدى القريب لا تدعم الاتجاه الصعودي للذهب.
كيف تستثمر حاليًا في الذهب؟
لدى المستثمرين عدة خيارات إذا كانوا يريدون الاستثمار فيالذهب في الوقت الراهن،من بينها شراء سبائك أو عملات ذهبية مادية وتخزينها في المنزل أو في صندوق ودائع بالبنك واستغلال انخفاض الأسعار، طريقة أخرى هي من خلال صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب والتي توفر تعرضًا خالصًا للسلعة المادية مثل SPDR Gold Trust.
توجد طريقة ثالثة للاستثمار في الذهب وهي من خلال الاستثمار في شركة تعدين الذهب مثل Barrick Gold Corp عن طريق شراء أسهم في تلك الشركات، ورابعًا يمكن للمستثمرين شراء سلة من شركات تعدين الذهب من خلال صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة مثل VanEck Vectors Gold Miners ETF .
بغض النظر عن الطريقة التي يفضلها كل مستثمر، إلا أنه قد تم ملاحظة الكثير من التدفقات الخارجة من صناديق الاستثمار المتداولة في الأسابيع الأخيرة، لا توجد طريقة واحدة تتفوق على غيرها ويمكن للمستثمرين تقييم الخيار الأفضل الذي يناسب احتياجاتهم الاستثمارية.








