مع إعادة فتح الحانات والمطاعم الفرنسية، الأسبوع الماضى، أثيرت تساؤلات مهمة حول كيفية قيام حكومة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بفطم الاقتصاد المنهك عن تدابير الدعم وإعادته إلى صحته.
عندما بدأ الوباء، وعد ماكرون بفعل «كل ما يتطلبه الأمر» لدعم الشركات والعمال بمجموعة من البرامج، مثل الإجازات بدون أجر، والقروض والدعم النقدى.
لكن الآن، مع بدء انخفاض المساعدات الطارئة، يتعين على الرئيس، الذى يخوض انتخابات رئاسية أبريل المقبل، أن يُظهر للناخبين قدرته على إعادة الاقتصاد الفرنسى إلى مساره الصحيح.
ومع ذلك، يحث الاقتصاديون والمعارضون السياسيون، ومنهم مارين لوبان، الحكومة على التفكير بشكل أكبر فيما يتعلق بالتحفيز، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وطرح ماكرون فكرة زيادة الإنفاق الحكومى بالقول، إنه يريد التشاور على نطاق واسع مع المواطنين وقادة الأعمال هذا الصيف من أجل ابتكار مرحلة ثانية من إعادة الإطلاق الاقتصادى، علاوة على خطة التعافى البالغة قيمتها 100 مليار يورو التى قدمتها فرنسا بالفعل للحصول على موافقة الاتحاد الأوروبى.
كما أشار الوزراء إلى احتمال محير لمزيد من الأموال، فى حين أضافوا أنه يجب على الدولة الانتظار لترى كيف يعمل الاقتصاد بموجب تلك الخطة.
فى الوقت نفسه، بدأت فرنسا الضغط من أجل مبادرات الاتحاد الأوروبى الجديدة لتعزيز الاستثمار اللازم لمواكبة الاقتصادات الأمريكية والصينية الأسرع نمواً.
جاء ذلك فى محاولة لإظهار قدرات ماكرون أمام الناخبين على المسرح الأوروبى.
وقال وزير المالية الفرنسى، برونو لو مير: «السؤال الذى يمكن طرحه هو ما إذا كنا سنحتاج إلى خطة استثمار طويلة المدى إذا كنا نخطط للعودة إلى مستوى النشاط الاقتصادى الذى شهدناه فى عام 2019 بحلول عام 2022؟».
وثمة سؤال آخر مطروح يدور حول ما إذا كان يتعين على دول الاتحاد الأوروبى، مثل فرنسا، إنفاق مزيد من الأموال على الدعم الطارئ.
وفى إشارة إلى خطط الإنفاق التى وضعها الرئيس الأمريكى جو بايدن بقيمة مليارات الدولارات، يدعو بعض الاقتصاديين لإجراء تحويلات مباشرة إلى الأسر منخفضة الدخل، وإلغاء ديون الشركات الأكثر تضرراً، التى حصلت على قروض مدعومة من الدولة، وحزم تحفيز أكبر.
وفى ورقة حديثة، قال جان بيسانى فيري، الرئيس السابق لوكالة التخطيط الاقتصادى الفرنسية، والاقتصادى أوليفييه بلانشارد، إنَّ فرنسا بحاجة إلى زيادة الإنفاق بما يصل إلى 60 مليار يورو لتتجاوز هذه القيمة قيمة الخطط الحالية.
كما أن هناك قضية حساسة أخرى تواجه البلاد وهى ما إذا كانت الشركات ستسرح موظفيها فى الأشهر المقبلة فى ظل خفض الحكومة مستوى الدعم المقدم عبر تقليص مخطط الإجازة الذى حال دون ارتفاع معدلات البطالة. وإذا أراد ماكرون حماية الوظائف والتأكد من بقاء ثقة المستهلك عالية، فسيحتاج إلى فتح صنابير الإنفاق، حسبما قال بيسانى فيرى.
وأشار إلى أن المخاطر الكامنة فى إنفاق الحافز الموسع على شراء السلع الأجنبية وإضافة القيمة إلى الدين العام قد تتضاءل أمام فوائد النمو الاقتصادى الأسرع.
ويتوقع البنك المركزى الفرنسى أن يصبح 5.5% على الأقل هذا العام، و4% العام المقبل.
وقال فيليب مارتن، رئيس المجلس الفرنسى للتحليل الاقتصادى: «لا توجد قيود صارمة على الميزانية على المدى القصير، لكنها قيود سياسية مرنة»، مشيراً إلى أن الحكومة لا تريد إعطاء انطباع بأن المرء بإمكانه الإنفاق بلا حدود.
وكانت آراء كبيرة الاقتصاديين الفرنسيين لدى «أكسفورد إيكونوميكس»، دانييلا أوردونيز، تتجه إلى ما هو أبعد من ذلك.
وقالت إن ماكرون لا يحتاج إلى أوروبا لزيادة الإنفاق، بل يمكن لفرنسا فعل ما تشاء، لكن القصة مختلفة تماماً من الناحية السياسية.
فمع تولى فرنسا رئاسة الاتحاد الأوروبى فى عام 2022 واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية فى البلاد، يريد ماكرون أن تغير أوروبا قواعد اللعبة، ويريد أن يُظهر أن أوروبا قد تغيرت فى عهده.








