أظهر بارومتر الأعمال الصادر عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن الربع الثالث من العام المالي 2020/2021 (يناير – مارس العام الحالي) شهد استمرار تراجع مؤشر أداء الأعمال في ظل بداية ظهور سلالات جديدة من فيروس كورونا؛ مسجلا 47 نقطة (دون المستوى المحايد بثلاثة نقاط).
وأفادت الشركات التي شملها الاستبيان، والتي تبلغ 121 شركة، أنها لم تنفذ أي عمليات توسعية سواء بإضافة خطوط إنتاج جديدة أو بإدخال منتجات/ تكنولوجيا جديدة في ظل الظروف الراهنة.
وجاء تراجع الأداء خلال هذا الربع مدفوعا بانخفاض مستوى المبيعات المحلية والصادرات نتيجة ركود الطلب وتوقف حركة الصادرات خلال الفترة.
وأدى ذلك إلى انخفاض مستويات الإنتاج ومستوى استغلال الطاقة الإنتاجية، وبتحليل مؤشر بارومتر الأعمال وفقا لحجم الشركات، يتضح تراجع أداء جميع الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة على السواء، للربع الثاني على التوالي، نظرا لظروف أزمة فيروس كورونا.
ويعتبر هذا التراجع أقل حدة مقارنة بالموجة الأولى من الجائحة، إذ سجل المؤشر خلال الربع (أبريل – يونيو 2020) 36 نقطة، ورغم استمرار حالة عدم اليقين تجاه الجائحة، إلا أن ذلك لم يمنع مجتمع الأعمال من الإدلاء بتوقعات متفائلة نوعا ما تجاه حدوث نمو طفيف للشركات خلال الربع المقبل (أبريل يونيو 2021).
وسجل مؤشر التوقعات بالنسبة للشركات الكبيرة 52 نقطة، وجاءت توقعات الشركات الصغيرة والمتوسطة عند المستوى المحايد لتسجل 50 نقطة.
وأشارت نتائج الاستبيان إلى تضرر معظم القطاعات بسبب أزمة كوفيد – 19، وما تبعها من ظهور سلالات جديدة من الفيروس، وتفاوت حجم الضرر ما بين القطاعات، وسجل قطاع السياحة أكبر تراجع، تأثرا بانهيار السياحة العالمية.
يليه قطاع النقل نتيجة اضطرابات سلاسل التوريد العالمية وحركة التجارة وارتفاع الرسوم الحكومية على القطاع، ثم قطاع الصناعات التحويلية نتيجة عدم توفر المواد الخام وارتفاع أسعارها تأثرًا بالاضطرابات التي شهدتها بعض سلاسل التوريد.
وشهد قطاع الخدمات المالية تراجعًا في حجم تداول الأسهم نظرا لمبيعات المستثمرين من المؤسسات الأجنبية والمستثمرين العرب.
وأشارت نتائج الاستبيان إلى تحسن كل من قطاعي الاتصالات والتشييد والبناء، وسجل قطاع الاتصالات أفضل أداء خلال الربع محل الدراسة، ويرجع ذلك لزيادة استخدام تقنيات العمل عن بُعد.
وشهد قطاع التشيد والبناء تحسنا في الأداء، يُعزى إلى مبادرات التمويل العقاري الجديدة.
وأظهرت نتائج تقييم الأداء ارتفاع أسعار المدخلات للشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة على حد السواء، نظرا لما تسببت فيه الموجة الثالثة للفيروس من اضطرات في سلاسل التوريد العالمية، ولكن بوتيرة اقل من الربع السابق.
ويرجع ذلك إلى عدم انتظام حركة الاستيراد مستلزمات الانتاج والخامات وبطء إجراءات التخليص الجمركي، مما ادى إلى قيام الموردين برفع أسعار المواد الخام الموجودة لديهم خلال الربع محل الدراسة (يناير – مارس 2021)، مما انعكس على ارتفاع مؤشر أسعار المنتجات النهائية.
وأظهرت النتائج ثبات مؤشر الاستثمار عند المستوى المحايد لجميع الشركات، على الرغم من جهود الحكومة لتحفيز الاستثمار منذ بداية الجائحة، مثل تخفيض سعر الفائدة، وتأجيل الاستحقاقات الائتمانية للعملاء، وتأجيل سداد الضرائب والتأمينات، وتقديم حزمة من التيسيرات الداعمة للقطاعات المتضررة كالسياحة والصناعة.
وتوقعت الشركات تحسن الظروف الاقتصادية، وتفاؤلا بتوقعات تعافي الاقتصاد العالمي، نظرأ لقيام العديد من دول العالم بتوزيع اللقاح على عدد كبير من سكانها.
وعلى المستوى القطاعي، جاءت التوقعات للربع المقبل (أبريل – يونيو 2021) إيجابية بوجه عام، لجميع القطاعات فيما عدا قطاعي السياحة والخدمات المالية، وأظهرت النتائج تفاؤل مجتمع الأعمال حيال كل من قطاع الاتصالات يليه قطاع التشييد والبناء، ثم قطاع الصناعات التحويلية، ويمكن إرجاع ذلك إلى جهود الحكومة في مساندة القطاعات المختلفة.
وتوقعت الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة على حد سواء، استمرار ارتفاع أسعار المدخلات بسبب عدم التيقن حيال انتظام سلاسل التوريد في المدى القريب، ومن المتوقع ارتفاع أسعار المنتجات النهائية تأثرًا بارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج.
وتوقعت جميع الشركات ثبات مؤشر الاستثمار عند المستوى المحايد خلال الربع (أبريل – يونيو 2021) مسجلا 50 نقطة، نظرا لعدم وجود خطط مستقبلية للتوسع في الظروف الراهنة، كما أظهرت النتائج ثبات مؤشر التشغيل لجميع الشركات، مما يتطلب توجيه السياسات لدعم الشركات القائمة حتى تتمكن من الاحتفاظ بالعمالة، ومنحها المزيد من الحوافز لحثها على التوسع والاستثمار وخلق فرص عمل جديدة.
وتعد أبرز المعوقات الرئيسية التي واجهت مجتمع الأعمال خلال الربع محل الدراسة (يناير – مارس 2021)، ارتفاع تكاليف الإنتاج، ثم زيادة الرسوم المفروضة على الخدمات الحكومية مما يتطلب دراسة تفصيلية لتأثير الارتفاعات المتتالية لأسعار الكهرباء والمياه والغاز، وكذلك تكلفة استيراد المدخلات والمستلزمات.
وجاء ضعف القوة الشرائية من بين المعوقات التي واجهت مجتمع الأعمال، وترى الشركات محل الدراسة، أن أبرز أولويات تحسين مناخ الاستثمار هي التحول الرقمي للخدمات الحكومية مثل إجراءات تراخيص التشغيل، وإجراءات التقاضي، والحصول على الأراضي، بما ينعكس على زيادة الاستثمار وبناء اقتصاد قوي في مصر.
وأشارت الشركات إلى أهمية قيام الدولة بتخفيض الرسوم المفروضة على بعض الأنشطة والعمليات التجارية مثل خدمات الشهر العقاري، وفواتير الانترنت للشركات والمنشآت، بالإضافة إلى ضرورة تقديم الدعم والمساندة للقطاعات المتضررة من الأزمة، فضلا على تخفيض أسعار الكهرباء والمياه والغاز للمساعدة في دفع عجلة الإنتاج.