كان تفشى وباء كوفيد- 19 سبباً فى حدوث تحول غير محتمل فى صناعة التعبئة والتغليف، وفى أوضاع منتجها الأكثر شهرة، وهو صندوق الكرتون المتواضع.
مع الإغلاق الذى أجبر الملايين على التحول للعمل عبر شبكات الإنترنت فى كل شىء تقريباً على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، فإن الوصول اليومى للطرود قد زود الكثيرين بنشوة نادرة من الإثارة فى عالم سُلب منه المتاجر والمطاعم ودور السينما والسفر.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن النتيجة غير المتوقعة أدت أيضاً إلى زيادة ثروات صناعة التغليف الورقية التى تبلغ 350 مليار دولار فى قلب اقتصاد التجارة الإلكترونية.
وارتفع حجم الكرتون المستخدم فى توصيل البضائع من تجار التجزئة إلى المنازل العام الماضى بنحو 40%، وفقاً لشركة الاستشارات «سميثرز».
وأوضحت أن شركات التعبئة والتغليف التى لم تكن معروفة من قبل أصبحت تمتلك الآن أسهماً.
ومنذ أن وصلت أسواق الأسهم إلى أدنى مستوياتها بسبب الوباء فى مارس 2020، ارتفعت الأسهم فى شركة «سمورفيت كابا» (Smurfit Kappa) المدرجة فى لندن بنسبة 84%، وارتفعت أسهم منافستها «موندى» (Mondi) بنسبة 58%، كما تضاعف سهم «إنترناشونال بيبر» (International Paper) المدرجة فى نيويورك تقريباً.
جدير بالذكر، أن الشركات الثلاث تأتى ضمن الشركات ذات الثقل فى صناعة مجزأة عالمياً والتى تزود العالم أيضاً بالورق.
يقول أوسكار لينجكفيست، المتخصص فى الصناعة فى شركة الاستشارات «ماكينزى»، إنَّ الصناعة تمر بأكبر تحول شهدته منذ عقود زمنية عديدة، فقد أسهم وباء كوفيد فى تعزيز أوضاعها.
فى ظل تصميم الحكومات فى جميع أنحاء العالم على إعادة فتح الاقتصادات للأبد، فإنَّ المأزق الذى يواجه الصناعة الآن هو ما إذا كانت عادات التسوق التى تم تعلمها خلال أزمة كورونا ستستمر.
مع ذلك، لا شىء يزعزع تفاؤل تونى سمورفيت، الرئيس التنفيذى لشركة «سمورفيت كابا»، وهى شركة التغليف المموج الرائدة فى أوروبا وتندرج ضمن مؤشر «فوتسى 100» فى لندن.
فقد قال سمورفيت لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، إنَّ اتجاهات النمو تبدو إيجابية بشكل لا يصدق، فقد أدى الوباء إلى تسريع اتجاه التجارة الإلكترونية، وهذا الاتجاه لن يتراجع للوراء.
فى الواقع، يقول المدراء التنفيذيون إن مخاوفهم الأكبر تتمثل فى الفشل فى مواكبة الطلب.
عن ذلك، يقول أندرو كينج، الرئيس التنفيذى لشركة «موندى»، التى قفزت قيمتها السوقية من 7 مليارات جنيه إسترلينى إلى 9 مليارات جنيه إسترلينى خلال الأشهر الـ12 الماضية: «الأسواق ضيقة للغاية. والمعروض من الصناديق مقيد فى أى وقت، فنحن نبيع مخزوننا على الفور».
فى الوقت نفسه، يقول المستثمرون المتحمسون لآفاق الصناعة إنهم لا يعتمدون ببساطة على الوباء الذى يسرع التحول إلى التجارة الإلكترونية، حيث يُنظر إلى القطاع أيضاً على أنه الفائز الطبيعى مع قيام الشركات التى تتعامل مع المستهلك مباشرة باستبدال العبوات البلاستيكية ببدائل أكثر استدامة.
قالت ريبيكا ماكلين، مديرة الاستثمار فى «أبردين ستاندرد إنفستمنتس»، إنَّ الشركات تتمتع «بالرياح الخلفية الهيكلية من الطلب على التجارة الإلكترونية».
وأشارت إلى أن «القطاع يشهد تحولاً فى تفضيلات العملاء والاستثمار نحو حلول التعبئة والتغليف المستدامة».
فى المملكة المتحدة، على سبيل المثال، يجب على العلامات التجارية الاستهلاكية ومتاجر السوبر ماركت متعددة الجنسيات الوفاء بوعودها بالتخلص من العبوات أحادية الاستخدام غير الضرورية أو التى تنطوى على مشاكل بحلول عام 2025.
عن ذلك، يقول جوستين جوردان، المحلل فى «بى إن بى باريبا»، إنَّ «السؤال المطروح على مالكى العلامات التجارية هو: هل سيكون المستهلكون على استعداد لدفع المزيد مقابل بديل بلاستيكى لأن البلاستيك هو أرخص الأمور المتاحة اليوم؟ وهل سأحصل على حصة بوضع منتجى فى عبوات أكثر استدامة؟».







