عندما قرر صندوق النقد الدولى سك 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة، وهو ما أدى فعلياً إلى توفير الأموال لتوزيعها على أعضائه البالغ عددهم 190 عضواً، فقد صنع سلاحاً قوياً فى الحرب على العوز.
لكن هذا لن ينجح إلا إذا وافق مساهمو صندوق النقد الدولى الآن على ثلاث خطوات كبيرة لنقل الأموال من الخزائن إلى مكافحة الفقر.
وجاءت القضية الضخمة لحقوق السحب الخاصة، التى أصبحت ممكنة؛ بسبب تغيير الإدارة فى واشنطن، فى الوقت المناسب بعد أن أدت صدمة «كوفيد -19» إلى أول ارتفاع عالمى فى معدلات الفقر القرن الحالى.
وقد يقضى أفقر سكان العالم ما مجموعه 120 مليون سنة إضافية معدمين، ويعد الصراع أصعب بالنسبة لتلك الحكومات التى تواجه بالفعل صعوبات: حتى قبل كوفيد، عندما تضخمت ديون أفقر دول العالم بنسبة 9.5% لتصل إلى 744 مليار دولار.
ما لم نتحل بالجرأة، فإننا نجازف بحدوث تباين كبير فى الاقتصاد العالمى؛ إذ يتعافى الأغنياء، ولا يتعافى الفقراء. ويحذر صناع السياسة فى صندوق النقد الدولى، غير المعروفين بلغتهم التحذيرية، من أن النسيج الاجتماعى فى الأماكن الهشة فى خطر.
وتصل لقاحات «كوفيد» ببطء إلى أذرع المواطنين الأفقر، وبينما تعد «إعادة البناء بشكل أفضل» فكرة جيدة، فإنَّ الشعارات لا تعنى الكثير للمفلسين، وحان الآن وقت القادة لدعم صيحاتهم القتالية ببعض الشيكات: حوالى 200 مليار دولار للتعامل مع كوفيد 19، و250 مليار دولار للاستثمار فى البنية التحتية الصديقة للمناخ فى البلدان الفقيرة. وستساعد اتفاقية صندوق النقد الدولى بشأن حقوق السحب الخاصة.
وتعد حقوق السحب الخاصة، التى تم اختراعها فى عام 1969 وربطها بالذهب، وحدة أنشأها صندوق النقد الدولى، ويمكن وضعها فى احتياطيات الدول الأعضاء، وهى تمنح الحكومات مجالاً حيوياً للمناورة لإعادة توزيع الأموال أو استبدال احتياطيها بالعملات، بما فى ذلك الدولار.
لن تكون قضية حقوق السحب الخاصة الجديدة الدواء الشافى للفقر، ولكن يمكن تعظيم تأثيرها بالطرق التالية.
أولاً: يجب على الدول الأكثر ثراءً أن تتقاسم جميع حقوق السحب الخاصة الجديدة الخاصة بها مع الدول الفقيرة، وبسبب الطريقة التى يتم بها تخصيصها، فإنَّ 4% فقط ستتدفق على الدول الفقيرة، ومن الإصدار الجديد لحقوق السحب الخاصة، من المقرر أن يتدفق 623 مليار دولار إلى الدول الأكثر ثراءً، والتى لا تحتاجها بصراحة.
نحن بحاجة إلى اقتراح جرىء لإصدار حقوق السحب الخاصة هذه دون التقاليد القديمة التى كانت تعنى أن البلدان الأكثر ثراءً لا تشارك سوى 50 فى المائة من حصصها، وينبغى أن تقود بريطانيا المفاوضات، وقد يساعد ذلك فى استرداد سمعتنا العالمية بعد أن خفضنا ميزانية مساعداتنا بمقدار 4 مليارات جنيه إسترلينى فى خضم الوباء، وعلى الرغم من احتجاجات كل رئيس وزراء سابق على قيد الحياة.
ثانياً: نحتاج إلى التأكد من أن حقوق السحب الخاصة لا يتم إقراضها ببساطة للدول الفقيرة، حتى وإن كان بفائدة صفرية، ويمكننا تعظيم مساعدتنا من خلال تعظيم قيمة حقوق السحب الخاصة التى نحولها إلى منح، وهو أمر ممكن الحدوث تماماً، وكما أوضحت مؤسسات خيرية مثل كافود، فإن كل شىء يتوقف على كيفية اختيار دول مثل بريطانيا لاستخدام العملات الأجنبية وحقوق السحب الخاصة فى احتياطياتنا.
وعندما تصل حقوق السحب الخاصة الجديدة هذا الخريف، يمكننا استبدالها بجزء من احتياطياتنا من الدولارات ثم بيع الدولارات بالجنيه الإسترلينى، وإعادة توجيه هذه الزيادة المفاجئة إلى مساعدات، ويمكن لهذا التمويل من الدول الغنية أن يكمل على الفور مساهمات المنح لمكافحة «كوفيد» من خلال التبرعات لكوفاكس، أو برنامج توزيع اللقاحات على البلدان الفقيرة.
أخيراً.. تحتاج الدول الأكثر ثراءً إلى الصدق، ويجب أن نرفض تجنب التزامات المساعدات الحالية من خلال محاولة احتساب حقوق السحب الخاصة التى نشاركها كمساعدات إنمائية خارجية، وسيكون من الغريب أن تؤدى خطوة صندوق النقد الدولى إلى الأمام إلى تراجع فى تمويل المنح للفقراء، وحقق التعاون العالمى المعجزات خلال الجائحة، ما أدى إلى تطوير اللقاحات ونشرها فى عام واحد فقط.
والآن، ينبغى القيام بنفس الجهود لمنع الفقر اللاحق للوباء.
بقلم: ليام بيرن، عضو فى البرلمان البريطانى
المصدر: صحيفة «فاينانشيال تايمز».