منذ اكتشاف البترول في حوض ألبرتين المتصدع بالقرب من جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل 15 عاماً، كان الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني يأمل في أن يدفع بلاده نحو وضع مماثل للبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى.
ورغم أن الاقتصاد قد نما بسرعة معقولة في الأعوام الأخيرة، فإنَّ دخل الفرد السنوي يزيد قليلاً على 800 دولار.
أخيراً، بعد أعوام من التأخير بسبب التعثرات التنظيمية والشكاوى بشأن نقص الشفافية، وافقت أوغندا وتنزانيا وشركة البترول الفرنسية (توتال) على بناء خط أنابيب ساخن بقيمة 3.5 مليار دولار لربط حقول البترول بالقرب من بحيرة ألبرت بميناء تانجا البحري التنزانى.
وتشير صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إلى أن أعمال البناء يمكن أن تبدأ في أقرب وقت هذا العام، ما يؤدي إلى خلق عشرات الآلاف من فرص العمل.
قال «موسيفينى»: “يمكن أن يكون خط الأنابيب هذا مشروعاً مهماً للغاية من شأنه خدمة المنطقة، ليس فقط على المدى القصير بل أيضاً على المدى المتوسط إن لم يكن على المدى الطويل”.
لكن في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن تأثير الوقود الأحفوري على تغير المناخ وفي قارة نادراً ما تفيد المشاريع البترولية مجتمعاتها المحلية، أعرب المعارضون عن شكوكهم الجسيمة بشأن صناعة البترول الناشئة في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
وسيتم تشغيل الأنبوب الذي يبلغ طوله 1440 كيلومتراً بجانب بحيرة فيكتوريا، أكبر بحيرة في أفريقيا، لكن شبكة أصدقاء الأرض للنشاط البيئي حذرت من أن المشروع سيهدد المناطق الحساسة وممرات الحياة البرية المحمية، وأنه سيجتاز منطقة غنية بالتنوع البيولوجي وسيكون له آثار بيئية كارثية.
يقول النقاد، إن الفوائد الاقتصادية قد تكون محدودة على المدى الطويل؛ بسبب حقيقة أن العالم يبتعد عن البترول.
كما حذرت مبادرة سياسات المناخ، وهي مؤسسة فكرية، من أن “الفوائد التي تعود على أوغندا من تطوير صناعة البترول في الوقت الذي يتسارع فيه التحول منخفض الكربون من المرجح أن تكون أقل بكثير مما يتوقعه صناع السياسة”.
ومع ذلك، تمضي أوغندا ومجموعة من شركات البترول الأجنبية قدماً في هذا الأمر، إذ ستعمل “توتال” والمؤسسة الصينية الوطنية للبترول البحري على تطوير حقلي تيلنجا وكينجفيشر، بجانب شركة البترول الوطنية الأوغندية.
جدير بالذكر، أن شركة “تالو أويل” البريطانية، التي تكافح الديون وانخفاض أسعار الخام، غادرت أوغندا العام الماضي بعد نزاع ضريبي مع السلطات.
وتقدر هيئة البترول الأوغندية أن البلاد لديها حوالي 6 مليارات برميل من احتياطيات البترول، من بينها 1.4 مليار برميل يمكن استردادها من الناحية الاقتصادية.
بمجرد التشغيل الكامل، تتوقع أوغندا إنتاج 230 ألف برميل من البترول يومياً، وهو ما يزيد على إنتاج الجابون العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، التي تسعى إلى التنوع بعيداً عن البترول مع انخفاض احتياطياتها. وسيتم تكرير حوالي 60 ألف برميل يومياً في أوغندا لتزويد السوق المحلي، في حين أن بقية الإنتاج سيتم تصديره.
قال باتريك بويانى، الرئيس التنفيذي لشركة “توتال”، إن المخاوف البيئية والاجتماعية بشأن المشروع مبالغ فيها.
وأضاف بويانى: “فيما يتعلق بالانبعاثات، سيكون هذا المشروع البترولي من بين الأفضل في المجموعة”، مضيفاً أنه سيكون له “تأثير إيجابي” على الاقتصاد، كما أنه جذاب اقتصادياً، وسط سعر التعادل البالغ 11 دولاراً للبرميل.
ومع ذلك، جادل النقاد بأن حقوق العديد من السكان المحليين تعرضت للخطر وسيؤدي خط الأنابيب إلى الإضرار بالمزارع والنظم البيئية، ناهيك عن الآمال في الحصول على طاقة أنظف، حيث تقدر منظمة أوكسفام أن حوالي 14 ألف أسرة ستفقد أراضيها وسيتعين إعادة توطين المئات.
قال أفريكا كيزا، محلل الاستثمار في معهد جنوب وشرق أفريقيا للمعلومات التجارية والمفاوضات في كمبالا: “بالنسبة للحكومة، هذه أولوية، فهي جوهرة في تاج أوغندا، لكن ثمة نقص في خطة الانتقال من الإيرادات التي تشتد الحاجة إليها الآتية من موارد مثل البترول والغاز إلى تبني بدائل طاقة أحدث”.







