مستثمرون يحددون ملامح مواجهة القطاع الصناعى للتضخم العالمى

«عبدالسلام»: مصانع الملابس رفعت الأسعار.. وتقليص العمالة «مبدأ غير منضبط»

تباينت آراء عدد من الصناع ورجال الأعمال حول سيناريوهات تعامل القطاع الصناعى مع موجة التضخم الحالية، لكنهم قالوا إن أى زيادة فى السعر النهائى للمنتج يضعف القدرة التنافسية محلياً وخارجياً، وهو ما سيؤدى إلى تباطؤ القوى الشرائية، وبالتالى تنخفض الطاقات الإنتاجية للمصانع.

قال محمد عبدالسلام، رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات باتحاد الصناعات، إنَّ المحرك الأساسى للسوق المحلى هو ديناميكية القوى الشرائية، وحال تأثرها بالسلب؛ نتيجة زيادة الأسعار سيواجه القطاع تحديات كبيرة.

أضاف لـ«البورصة»، أن مصانع الملابس الجاهزة لا تمتلك سيناريوهات للتعامل مع الأزمات التضخمية كالصناعات الغذائية أو باقى القطاعات؛ لأن أى زيادة تطرأ على مدخلات الإنتاج تنعكس مباشرة على السعر النهائى للمنتج.

وأوضح أن المصانع بدأت ترفع الأسعار تدريجياً قبل شهرين، وهو ما قابله تراجع فى الطلب، والذى أثر بدوره على الطاقات الإنتاجية لتتراوح حالياً بين 60 و%65، مقارنة بـ%75 فور انتعاش حركة السوق من التداعيات السلبية لموجة كورونا مع بداية العام.

واقترح «عبدالسلام»، أن تعقد وزارة التجارة والصناعة، لقاءات مباشرة مع كل قطاع لمعرفة المشكلات التى تواجهه والمساهمة فى إيجاد حلول لها، وذلك لضمان استمرار عمل المصانع والحفاظ على العمالة.

وأشار إلى أن تقليص العمالة يأتى ضمن أول الخيارات المطروحة أمام الشركات للتخلص منها، مقابل تقليل المصروفات، وهذا مبدأ غير منضبط، لذلك فإنَّ تكثيف اللقاءات خلال الفترة المقبلة مع الصناع سيضع خطة مؤقتة للخروج من تلك الأزمة التضخمية، كما حدث سابقاً مع أزمة كورونا.

وأوضح رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات، أنَّ الملابس الجاهزة يعد أبرز القطاعات المستخدمة للعمالة بواقع 1.5 مليون وظيفة مباشرة، ومن المتوقع أن تتضاعف الأعداد مع افتتاح المصانع تحت الإنشاء المتخصصة فى تصنيع المنسوجات قريباً.

«المرشدى»: استنفدنا جميع الطرق وخفضنا هامش الربح إلى 1%

ذكر المهندس محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، أن تهيئة السوق المحلى لاستقبال الزيادة التضخمية أمر بات ضرورياً، وذلك عن طريق عودة بعض المبادرات المشجعة على الشراء بقيادة البنوك، منها مبادرة «مايغلاش عليك».

أضاف «المرشدى»، أن المصانع استنفدت جميع الطرق لامتصاص الزيادات فى مدخلات الإنتاج، منها خفض هامش الربح إلى %1، والتغلب على تلك الزيادة بمضاعفة الطاقات الإنتاجية لدخول أسواق جديدة. وأكد أنَّ المصانع بدأت ترفع الأسعار النهائية تدريجياً منذ بداية أكتوبر حتى وصلت الزيادة إلى %15 حالياً.

ومن المتوقع أن تزيد الأسعار إذا لم تتدخل الحكومة عن طريق دعم بعض مدخلات الإنتاج كالغاز الطبيعى، وتوفير المواد الخام محلياً.

وتابع: «مصر تستورد نحو %50 من الخامات الداخلة فى صناعات الغزول والمنسوجات من الخارج، وارتفاع سعر الشحن من 3 آلاف دولار للحاوية الواحدة إلى 14 ألف دولار أحدث حالة من المفاجأة للمصانع العاملة فى القطاع».

وأكد أن الصناعة هى المحرك الأول للاقتصاد فى أى دولة؛ نظراً إلى مشاركتها بمعدلات كبيرة فى الناتج القومى، واستيعاب أعداد كبيرة من الأيدى العاملة، وسد احتياجات السوق المحلى من السلع والمنتجات المحلية، الأمر الذى يحافظ على السيولة الدولارية.

«نجيب»: التوسع فى زراعة القطن قصير التيلة لتلبية احتياجات مصانع الغزل  

وقال محمد نجيب، رئيس شركة نجيب تكس للغزل والنسيج، إنَّ أسعار خامات الغزل والنسيج العالمية ارتفعت بشكل كبير، خلال المرحلة الماضية، ما تسبب فى زيادة الأسعار المحلية بنسبة %200 خلال الـ4 أشهر الماضية.

وأوضح أن الشركات ستواجه صعوبة فى تحقيق هامش ربح؛ نظراً إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وعدم تقبل السوق لها، وكان هامش الربح يتراوح بين 10 و%15.

واقترح على الحكومة، لتفادى تكرار مثل هذه الأزمات، التوسع فى زراعة الخامات، وهو القطن قصير التيلة؛ لتلبية احتياجات المصانع بأسعار منافسة تمكنها من النفاذ إلى الأسواق الخارجية.

وأكد ضرورة زيادة الرقابة على المنافذ الجمركية بشكل أكبر لتفادى تهريب تلك البضائع إلى الأسواق المحلى، وبالتالى ضعف تنافسية المصانع المصرية.

وأشار «نجيب»، إلى أن قرار حظر استيراد المنتجات غير المطابقة للمواصفات الأوروبية سيسهم فى تقليص دخول البضائع الرديئة للسوق المحلى، وزيادة تنافسية منتجات المصانع المحلية.

كان الرئيس عبدالفتاح السيسى أعلن عدم السماح بدخول أى بضائع إلا طبقاً للمعايير الأوروبية بدءاً من مارس 2022.

«قسيس»: نطالب بزيادة المساندة التصديرية وإقرار إعفاءات ضريبية مؤقتة  

وقال هانى قسيس، رئيس شركة مصر للتجارة والصناعة «مينترا»، إنَّ الشركة القائم نشاطها على التصدير تجعل زيادات الأسعار آخر الخيارات المطروحة أمامها؛ حتى تحافظ على قدراتها التنافسية فى السوق الخارجى.

وأضاف أن جميع التوقعات تؤكد أن تلك الموجة التضخمية مؤقتة، وبالتالى فإنَّ توزيع تلك الزيادة على بنود كثيرة مع التخلى عن هامش الربح لفترة محددة بجانب دعم الحكومة تمنع تراكم الأعباء على الشركات.

ولفت إلى أن أبرز السيناريوهات للتعامل مع تلك الأزمة هو مساندة الحكومة للقطاع الصناعى عبر إطلاق حزمة الحوافز لفترة مؤقتة، منها زيادة المساندة التصديرية، وعدم تحريك أسعار مدخلات الإنتاج كالغاز الطبيعى إعفاء ضريبى على بعض البنود.

أوضح «قسيس»، أنَّ أغلب المطالب التى عرضها القطاع الصناعى، خلال جائحة كورونا، تمت الاستجابة لها من قِبل الحكومة، وكان أبرزها إطلاق مبادرات تمويلية بفوائد مخفضة، وسرعة صرف المساندات التصديرية، ومراجعة بعض القرارات. ولا بد من عودة هذا التضامن مجدداً.

«المنزلاوى»: إعداد توصيات بحزمة مقترحات وتقديمها لـ«الصناعة»

وقال المهندس مجد الدين المنزلاوى، رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال، إنَّ اللجنة أعدت مذكرة توصيات بعدد من المقترحات للتعامل مع الأزمة التضخمية، وسترسل إلى وزارة التجارة والصناعة لمناقشتها.

أضاف أن أبرز تلك التوصيات مبنية على خطة الدولة التصديرية وليس مصلحة الشركات أو الصناع، ولعل سيناريو دعم القطاع لحين وضوح الرؤية فى السوق أبرزها.

وكان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن فى بيان له قبل أسبوع، ارتفاع معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية فى سبتمبر إلى %8 مقابل %6.4 فى أغسطس الماضى.

وارتفع معدل التضخم العام السنوى فى المدن إلى %6.6 خلال سبتمبر مقابل %5.7 فى أغسطس.

كما سجل معدل التضخم العام الشهرى خلال سبتمبر %1.6 لإجمالى الجمهورية مقابل معدل سالب %0.1 خلال أغسطس، وفقاً للإحصاء، وبلغ المعدل فى المدن %1.1 مقابل %0.1 فى أغسطس.

ويستهدف البنك المركزى أن يصل متوسط معدل التضخم السنوى فى المدن إلى %7 بزيادة أو نقصان 2% خلال الربع الأخير من عام 2022.