قالت وزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط، إن الاستثمار في رأس المال البشري وتنميته يأتي على رأس اهتمام الحكومة المصرية، ويحتل محورًا رئيسيًا من محاور العمل مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، مضيفة أن الحكومة المصرية تقوم بتعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، من خلال إطار التعاون الدولي والتمويل الإنمائي، الذي يقوم على ثلاثة مبادئ رئيسية هي “منصة التعاون التنسيقي المشترك، ومطابقة التمويلات الإنمائية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، والترويج لقصص مصر التنموية”.
جاء ذلك خلال افتتاح وزيرة التعاون الدولي، المنتدى القومي الأول لمستقبل العمل في مصر، الذي تنظمه الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، في إطار التعاون الثنائي مع الحكومة، تحت شعار “نعمل معًا من أجل المستقبل”، بحضور السفير الألماني بالقاهرة فرانك هارتمان، ورئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خيري بركات، والعديد من ممثلي الوزارات المعنية، وتحت رعاية وزارات التعاون الدولي والتخطيط والتنمية الاقتصادية والتربية والتعليم والتعليم الفني والقوى العاملة، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأكدت المشاط أهمية المنتدى الذي يهدف إلى تعزيز المناقشة وتبادل المعرفة حول التطورات والتوقعات المستقبلية لسوق العمل، وكذلك تقديم التوصيات لفهم اتجاهات سوق العمل والمهارات اللازمة، موضحة أن الجهود التنموية التي تقوم بها الحكومات في جميع دول العالم، تستهدف تحقيق أهداف واحدة وهي زيادة معدلات التشغيل وإلحاق مزيد من الشباب لسوق العمل، سعيًا نحو تحقيق تنمية حقيقية تستوعب الزيادة المستمرة في عدد السكان، وتراعي التوفيق بين هذه الزيادة المضطردة ومتطلبات سوق العمل وآلياته الجديدة.
وأشارت إلى أن محفظة التعاون الإنمائي الجارية تضم 372 مشروعًا بقيمة 26.5 مليار دولار، تتوزع في كل قطاعات التنمية ذات الأولوية، وتنعكس بشكل مباشر على تحقيق التنمية المستدامة، ودعم قضايا السكان والاستثمار في رأس المال البشري، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية، بما ينعكس في النهاية على زيادة النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
وقالت إنه في عام 2021، نجحت الدولة في إبرام اتفاقيات تمويل تنموي بقيمة 10.2 مليار دولار للقطاعين الحكومي والخاص، من بينها 2.47 مليار دولار أي ما يقرب من نسبة 25% موجهة للاستثمار في رأس المال البشري في قطاعات الصحة والتعليم والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والأمن الغذائي وتمكين المرأة.
وأضافت المشاط إنه في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعظيم الاستفادة من العلاقات مع شركاء التنمية، طابقت وزارة التعاون الدولي خلال العام الماضي التمويلات التنموية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، والتي كانت تجربة رائدة تم توثيقها في كلية لندن للاقتصاد، حيث نتج عنها معرفة التوزيع الدقيق للمحفظة الجارية للتعاون الإنمائي وفقًا لكل هدف من أهداف التنمية المستدامة.
ويبلغ عدد المشروعات الجارية في إطار تنفيذ الهدف الثالث المعني بالصحة الجيدة 33 مشروعًا بقيمة 1.5 مليار دولار، فيما يبلغ عدد المشروعات الجارية لتنفيذ الهدف الرابع: التعليم الجيد 35 مشروعًا بقيمة 2 مليار دولار، ولبلوغ الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة المعني بالعمل اللائق ونمو الاقتصاد يبلغ عدد المشروعات القائمة 47 مشروعًا بقيمة 2.6 مليار دولار.
وأكدت أن المؤشرات والأرقام تعكس العلاقات البناءة بين مصر وشركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، التي تقوم على دعم الجهود التنموية وتوجيه الطاقات نحو زيادة معدلات النمو والتشغيل والاستثمار في رأس المال البشري في سبيل تنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030 وفقًا للأولويات الوطنية.
وتابعت: “إذا كنا نتحدث عن الاستثمار في رأس المال البشري، فمن الضروري أن نشير إلى الأهمية القصوى لمشاركة المرأة في سوق العمل، وتمكينها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بما يحفز الجهود التنموية، ويضاعف نتائج ومؤشرات التنمية، في ظل الفجوة العالمية بين الجنسين في سوق العمل والتي يسعى العالم للتغلب عليها، حيث يشير تقرير حديث صادر عن البنك الدولي إلى أن 2.4 مليار امرأة في سن العمل لا تتاح لهن فرص اقتصادية متساوية مع الرجال، وذلك رغم المكتسبات التي حققتها المرأة على مدار السنوات الماضية”.
وأضافت المشاط أن مشاركة المرأة أضحت لا غنى عنها في سوق العمل لما تحققه من نتائج إيجابية على مستوى المؤشرات الاقتصادية، حيث تشير الدراسات الدولية إلى أن مشاركة المرأة بشكل متساوٍ مع الرجل في سوق العمل تنعكس على زيادة الناتج المحلي في مصر بنسبة 34%، لذا اتخذت مصر على مدار السبع سنوات الماضية خطوات عديدة في سبيل دفع جهود تمكين المرأة، حيث أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي 2017 “عاما للمرأة”، كما أطلقت الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، لتصبح المرأة شريكا أساسيا في استراتيجية التنمية المستدامة، من خلال تركيزها على محاور هي التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحماية من جميع أشكال العنف.
وأشارت المشاط إلى أن هذه الجهود انعكست على ترتيب مصر في المؤشرات الدولية، حيث كشف تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون لعام 2022 الصادر عن مجموعة البنك الدولي منذ أيام أن مصر حققت تطورًا لتحصل على 50.6 نقطة مقابل 45 نقطة في تقرير عام 2021، وتأتي من بين قائمة الدول التي اتخذت إجراءات إيجابية بشأن تعزيز تمكين المرأة وتحفيز مشاركتها في جميع مناحي الحياة والقضاء على الممارسات التي تحول دون الحصول على حقوقها، بما يدعم جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة.
وقالت إن وزارة التعاون الدولي عملت في إطار برنامج الحكومة والهدف الاستراتيجي “بناء الإنسان المصري”، على تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري كمحور رئيسي في كافة الاستراتيجيات التي تعد مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، ومؤخرًا تم إطلاق الاستراتيجية القطرية مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية 2022-2027، وجاء من بين أهدافها تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام من خلال دعم جهود تنمية رأس المال البشري وتمكين المرأة والفتيات والشباب، كما تعمل حاليًا بالتنسيق مع الأطراف ذات الصلة من الوزارات المعنية والمجتمع المدني والقطاع الخاص على إعداد الاستراتيجيات المشتركة مع الأمم المتحدة وبنك التنمية الإفريقي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والبنك الدولي.
كما أشارت المشاط إلى انعقاد منصة التعاون التنسيقي المشترك تحت عنوان “الاستثمار في رأس المال البشري من أجل التنمية المستدامة”، بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب، بهدف عرض رؤية الأكاديمية في توفير البرامج التدريبية متعددة التخصصات وبناء الكوادر والقيادات في ضوء خطة الحكومة للاستثمار في رأس المال البشري، وذلك بمشاركة العديد من ممثلي شركاء التنمية، من بينهم الأمم المتحدة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الإفريقي للتنمية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والوكالة الكورية للتعاون الدولي “كويكا”، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة اليونيسيف، والسفارة الألمانية بالقاهرة، والاتحاد الأوروبي.
وتطرقت وزيرة التعاون الدولي إلى التعاون الاستراتيجي بين جمهورية مصر العربية وجمهورية ألمانيا الاتحادية، الذي يعد أحد النماذج الناجحة لبرامج التعاون مع شركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف، حيث تبلغ محفظة التعاون الحالية 1.7 مليار يورو ما بين مساهمات مالية، ودعم فني، وقروض ميسَّرة، تستخدم في تنفيذ 30 مشروعًا تنمويًا في مختلف المجالات التي من شأنها المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتتضمن كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وإمدادات المياه، والصرف الصحي، والري، والهجرة، وإدارة النفايات الصلبة، ودعم القدرة التنافسية للقطاع الخاص.
وأضافت أن العلاقات المشتركة مع الجانب الألماني انعكست على دعم جهود الدولة لتنمية الاستثمار في رأس المال البشري ودعم تطوير سوق العمل وقطاعات التعليم والصحة وغيرها من القطاعات ذات الأولوية، من خلال مشروعات عديدة من بينها برنامج دعم وتطوير التعليم الفني والتدريب المهني “TVET”، ومبادرة التعليم الفني الشامل في مصر، ومشروع دعم الابتكار والقطاع الخاص، ومشروع دعم النفاذ إلى سوق العمل، والمركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج.
بالإضافة إلى العديد من البرامج مع شركاء التنمية الآخرين مثل مشروع مدارس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، مع الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، ومشروع إنشاء العيادات الخارجية لمستشفى الأطفال التخصصي “أبو الريش” التابع لجامعة القاهرة، بالتعاون مع الجانب الياباني، كما تم تنفيذ أكثر من 1100 برنامج تدريبي على مدار الـ 4 سنوات الماضية، مع الحكومة الصينية استفاد منها أكثر من 4000 موظف ومسئول حكومي.






