فى الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، اتفق زعماء الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى البالغ عددها 27 دولة على حظر واردات البترول الروسية المنقولة بحراً.
وستستمر شحنات خطوط الأنابيب فى الوقت الحالى لتهدئة الدول غير الساحلية مثل المجر، لكن استعداد ألمانيا وبولندا لتقليص مشترياتهما من خطوط الأنابيب بحلول عام 2022 يجب أن يؤدى، بجانب الحظر البحرى، إلى انخفاض صادرات البترول الروسية إلى الاتحاد الأوروبى بنسبة %90 بحلول نهاية العام.
ورغم أن مرحلة الإيقاف التدريجى ستخفف من الاضطراب الناجم عن الحظر، قال فلوريان ثالر، الرئيس التنفيذى لشركة «أويلكس» لتحليلات البترول، إن التأثير سيظل كبيرا للغاية.
وفى حين أن هناك فائزين على المدى القصير، مثل المصافى المتصلة بخط أنابيب دروجبا، فإن السعى لفطم أوروبا عن البترول الروسى سيهز صناعة الهيدروكربونات وأسواق البترول الخام العالمية، بحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وقال ثالر إن «المنافسة ستكون شرسة على البراميل المتبقية فى سوق عالمية مضغوطة بالفعل، وسيكون هناك مجال محدود للغاية لتخفيف أسعار البترول».
كيف سيؤثر الحظر على أسواق البترول؟
سترتفع أسعار البترول القادمة من أى مكان مع سعى المصافى الأوروبية للحصول على إمدادات بديلة بشكل سريع.
وتشير شركة «فورتيكسا» لتحليلات الشحن أن شمال غرب أوروبا كان يشهد وصول حوالى 500 ألف برميل يوميًا من الخام الروسى فى مايو، وهو ما يمثل انخفاضاً ملحوظاً عن 1.4 مليون برميل التى كانت تصل يومياً قبل الغزو الروسى لأوكرانيا، حيث ارتفعت الشحنات إلى دول البحر الأبيض المتوسط مثل إيطاليا منذ 26 فبراير، رغم أن جزءاً من هذه الإمدادات يتجه لتركيا.
وفى غضون ذلك، قال محللون إن روسيا، التى أنتجت أكثر من %10 من إمدادات البترول العالمية قبل الأزمة، ستحتاج لإيجاد مشترين جدد لبراميلها أو ستعانى أسواق البترول الدولية من نقص خطير فى الإمدادات.
وعززت الهند بالفعل مشترياتها ويتوقع أن تستورد الصين المزيد مع خروج مدنها الرئيسية من عمليات الإغلاق المفروضة للسيطرة على كوفيد-19، لكن هناك علامات استفهام كبيرة حول مقدار البترول الروسى الذى يمكنهم استيعابه، إما بسبب عدم تطابق المصافى مع الدرجات الروسية أو الرغبة فى تنويع مورديهم.
وتطفو ملايين براميل البترول الروسى على السفن مع تحديد وجهات السفن على أنها «غير معروفة»، ما يشير إلى أن الشحنات قد تواجه صعوبة فى العثور على مشترين.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن الإنتاج الروسى قد ينخفض بما يصل إلى 3 ملايين برميل يومياً، ويرى بعض المحللين انخفاضاً أقل بمقدار يتراوح بين مليون و1.5 مليون برميل يومياً، لكن حتى هذا الرقم المنخفض قد يكون كافياً لدفع أسعار البترول إلى الارتفاع بشكل أكثر بكثير.
هل هناك قضايا يتعين على الدول الأعضاء التغلب عليها؟
تتمثل إحدى المشكلات العاجلة فى ما يجب فعله بشأن المصافى المملوكة لروسيا والمسئولة عن %10 من قدرة الكتلة الأوروبية، حيث نضب التمويل الغربى لهذه المصانع، التى تقوم بتكرير حوالى 1.2 مليون برميل يومياً بشكل جماعى، بسبب الخوف من العقوبات، ما جعلها تعتمد على تلقى البترول الخام مباشرة من الشركات الأم، بما فيها «روسنفت» و»لوك أويل».
وبدون الوصول إلى البترول الروسى المنقول بحراً، هناك خطر حقيقى يتمثل فى توقف هذه المصافى عن العمل قريباً، ما يؤدى إلى تفاقم أزمة الوقود فى الاتحاد الأوروبى.
وتعد إمدادات الديزل على وجه الخصوص شحيحة بالفعل، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى مستوى قياسى فى المضخات بدول عدة.
وقال سيمون تاجليابيترا، الزميل الأول فى «بروجيل»، وهى مؤسسة فكرية فى بروكسل: «سيتعين على الحكومات التدخل، ربما بالتأميم، لإبقائها تعمل وتضمن أمن الطاقة بالإضافة إلى الوظائف».
من المستفيد من الحظر؟
ستُعزز مصافى التكرير فى دول مثل المجر، التى لديها إمكانية الوصول إلى خط أنابيب دروجبا الذى ينقل البترول الخام من روسيا على المدى القصير، وفى ظل بيع أنواع الوقود مثل الديزل والبنزين بالأسعار الدولية، فإن المصافى التى لا تزال قادرة على الوصول إلى البترول الروسى عبر خطوط الأنابيب ستحقق هوامش ربح ملحوظة.
ويمكن لشركة «إم أو إل» المدعومة من الدولة فى المجر، والتى تدير المصفاة الوحيدة فى البلاد، أن تحقق أكثر من 2 مليار دولار على مدى 12 شهراً من خصم خام الأورال وحده فى مصنع الدانوب التابع لها، بحسب حسابات «فاينانشيال تايمز».
ماذا بعد ذلك؟
يترك الاتفاق الذى تم الاتفاق عليه فى قمة بروكسل عدداً من الأسئلة المفتوحة حول تفاصيل النظام الجديد، والتى سيتعين طرحها فى الأيام والأسابيع المقبلة، وكذلك، ستراقب الدول الأعضاء المجر عن كثب، بالنظر إلى نهج رئيس الوزراء فيكتور أوربان القتالى بشأن الحظر.
ويمكن أن يفكر الاتحاد الأوروبى فى فرض عقوبات على الصادرات الرئيسية الأخرى من روسيا، رغم أن المسئولين يقللون من احتمالات استهداف الكتلة للغاز الطبيعى فى المرة القادمة.
كما أن أولئك الذين يؤيدون حظر الغاز يقرون بأنهم يواجهون معركة شاقة نظراً للتكلفة التى قد يفرضها خفض الإمدادات على اقتصاد الاتحاد الأوروبى.