
تراجع ثقة الشركات إلى ثاني أدنى مستوى لها على الإطلاق الشهر الماضى
واصل النشاط الاقتصادى للقطاع الخاص غير البترولى فى مصر تراجعه خلال شهر مايو الماضى حسبما أظهر مؤشر مديرى المشتريات الصارد عن “ستاندر آند بورز جلوبال”.
واستمرت ضغوط الأسعار المتزايدة في التأثير على إنفاق العملاء. وتسارع تضخم تكلفة مستلزمات الإنتاج إلى أعلى مستوياته في ستة أشهر، وسط ارتفاع أسعار السلع العالمية وارتفاع الدولار وحظر عدد من السلع المستوردة.
ونتيجة لذلك، خفضت الشركات مشترياتها من مستلزمات الإنتاج كما خفضت مستويات التوظيف، في حين تراجعت التوقعات بشأن النشاط المستقبلي إلى ثاني أدنى مستوى لها في تاريخ السلسلة.
وسجل مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي في مصر التابع لشركة S&P Global – بعد تعديله نتيجة العوامل الموسمية – وهو مؤشر مركب تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط، 47 نقطة فى شهر مايو مقابل 46.9 نقطة فى أبريل، ورغم ذلك ظل دون القراءة المحايدة عند 50 نقطة، والتى تفصل بين النمو والانكماش.
وتمثل القراءة الأخيرة الانخفاض الشهري الثامن عشر على التوالي في ظروف الأعمال.
وقالت “ستاندر آند بورز جلوبال” فى تقريرها إن العنصران الأكثر إسهاما في مؤشر مديرى المشتريات، وهما الإنتاج والطلبات الجديدة استمرا في تسجيل مستوى أقل بكثير من المستوى المحايد في شهر مايو، مما يشير إلى انخفاض حاد في النشاط التجاري والطلب، على التوالي.
وكان الانخفاض في الطلبات الجديدة كان الأسرع منذ شهر يونيو 2020، وأرجعت الشركات السبب فى تراجع المبيعات إلى ضغوط الأسعار.
وأشارت الشركات المشاركة فى الاستطلاع إلى تأثير قرارين رئيسيين فى الفترة الأخيرة وهما حظر عدد من المنتجات الأجنبية بسبب مشكلات الاعتماد، مما أدى إلى نقص الإمداداتً للعديد من الشركات؛ واشتراط الاعتمادات المستندية لاستيراد البضائع، مما أدى إلى زيادة التأخيرات الجمركية.
وذكرت الشركات أن هذه القيود غالبا ما جعلت من الصعب الحصول على السلع في الوقت المناسب، بالإضافة إلى أنها ساهمت في الانخفاض الملحوظ في الإنتاج.
وقال التقرير إن المؤشر أظهر أن مواعيد تسليم الموردين تدهورت للشهر السابع على التوالي فى مايو، حيث استمر انخفاض مشتريات مستلزمات الإنتاج، وإن كان بوتيرة أقل. ورغم ذلك، ظلت مستويات المخزون مستقرة بشكل عام حيث تم استخدام مستلزمات إنتاج أقل.
في الوقت ذاته، تسارع معدل تضخم تكلفة مستلزمات الإنتاج إلى أعلى مستوى في ستة أشهر خلال مايو. وأشارت الشركات إلى أن هذا يرجع أساسا إلى تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار السلع العالمية، فضلًا عن زيادة تكاليف الاستيراد بسبب نقص المعروض وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي.
وأشار التقرير إلى ارتفاع تكاليف التوظيف لأول مرة منذ خمسة أشهر، على الرغم من أن الزيادة كانت جزئية فقط. كما أشار إلى انخفاض متواضع في التوظيف خلال شهر مايو، للشهر السابع على التوالي.
وتماشيًا مع تضخم التكلفة المرتفع، رفعت الشركات غير المنتجة للنفط أسعارها إلى حد أكبر في شهر مايو. ومع ذلك، كان الارتفاع الإجمالي متواضعا فقط، مما يشير إلى أن الشركات لم ترفع أسعارها بشكل متكرر مع ارتفاع التكلفة، وذلك حفاظا على أحجام المبيعات.
الشركات أشارت إلى أن زيادة التكلفة وانخفاض أحجام الطلبات الجديدة أدى بها إلى تقليص أحجام القوى العاملة. كما انخفضت الأعمال المتراكمة في شهر مايو، مما أدى إلى تمديد سلسلة التراجع إلى أربعة أشهر.
وكشف المؤشر تراجع التوقعات بشأن النشاط التجاري المستقبلي في القطاع غير المنتج للنفط إلى ثاني أدنى مستوى على الإطلاق في شهر مايو، وذلك منذ أبريل 2012، بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في شهر مارس. وفي حين كان هناك توازن في الأراء بين الشركات بشأن زيادة الإنتاج خلال الإثنى عشر شهرا القادمة كانت هناك مخاوف متزايدة من أن الضغوط التضخمية ستحد من النمو.
وقال ديفد أوين، الباحث الاقتصادي بشركة ستاندر أندر بورز جلوبال ماركت إن ظروف الأعمال غير المنتجة للنفط ظلت متأثرة بالضغوط التضخمية السريعة في شهر مايو، حيث أشارت الشركات المشاركة في الدراسة إلى أن ارتفاع أسعار السوق أدى إلى انخفاض حاد في الطلب وزيادة أخرى في نفقات الأعمال. وانخفضت أحجام الطلبات الجديدة بأسرع وتيرة منذ شهر يونيو 2020، في حين سجلت ضغوط الأسعار أعلى مستوى لها في
ستة أشهر.
أضاف أن غالبية الشركات علقت على أن ارتفاع الدولار الأمريكى زاد من عبء أسعار السلع المرتفعة للغاية بسبب الحرب في أوكرانيا والآثار الناجمة عن وباء كوفيد-19.
وقال إنه في الوقت ذاته، زادت مواعيد تسليم مستلزمات الإنتاج للشهر السابع على التوالى حيث علقت الشركات على زيادة التأخير في الجمارك بعد اشتراط خطابات الاعتماد للسلع المستوردة. علاوة على ذلك، أدى حظر عدد من المنتجات الأجنبية في شهر أبريل إلى قيام العديد من الشركات بالبحث عن بدائل واضطرارها إلى تقليل النشاط على المدى القصير.
أضاف أنه مع تدهور الأوضاع، تراجعت ثقة الشركات إلى ثاني أدنى مستوى لها على الإطلاق في شهر مايو، مما يشير إلى تفاؤل طفيف فقط بشأن ارتفاع النشاط خلال العام المقبل. إضافة لذلك، فإن قرار البنك المركزي الأخير برفع أسعار الفائدة بنسبة 2% سيجعل الشركات أكثر عرضة لكبح الإنفاق والاستثمار حتى تصل موجة التضخم الحالية إلى ذروتها.