تخطط اليابان للاستفادة من أكبر صندوق معاشات تقاعدية في العالم تبلغ قيمته 1.5 تريليون دولار لبناء ثقافة الشركات الناشئة التي تشتد الحاجة إليها بعد عقود من فشل القطاع المالي في البلاد.
وأعلن مجلس الوزراء الياباني مؤخراً، في معرض كشفه عن أجندة “الرأسمالية الجديدة” لرئيس الوزراء فوميو كيشيدا، حث صندوق الاستثمار الحكومي للمعاشات التقاعدية الضخم لزيادة التمويل للشركات الناشئة.
تعد هذه الخطوة الهادفة لإنعاش قطاع الشركات الناشئة جزءاً من برنامج كيشيدا الاقتصادي، وهو مزيج من الوعود للاستثمار في رأس المال البشري وإزالة الانبعاثات الكربونية والتكنولوجيا، لكن هذا البرنامج انتقد لافتقاره للوضوح.
تعمل الحكومة على زيادة عدد الشركات الناشئة 10 أضعاف خلال خمسة أعوام، بجانب تعزيز التدابير الأخرى مثل مساعدة الشركات الجديدة على تقديم عطاءات لمشاريع المشتريات العامة وتسهيل عملية حصول مؤسسيها على القروض.
وتشير الأجندة إلى أن “تعزيز الشركات الناشئة يعد المفتاح لتعزيز ديناميكية الاقتصاد الياباني ونموه وحل المشكلات الاجتماعية”، وفقاً لما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
لم تُقدم أي تفاصيل عن كيفية توجيه أموال صندوق الاستثمار الحكومي للمعاشات التقاعدية للشركات الناشئة، لكن اتحاد الأعمال الياباني، أكبر تجمع للشركات في اليابان، دعا في مارس إلى استخدام 10 تريليونات ين “أي ما يعادل 75 مليار دولار” متاحة لدى الصندوق للاستثمارات البديلة.
يضع صندوق الاستثمار الحكومي للمعاشات التقاعدية الجزء الأكبر من أمواله في الأسهم والسندات، لكن يمكنه استثمار ما يصل إلى 5% من إجمالي أصوله في الاستثمارات البديلة التي تشمل الأسهم الخاصة والعقارات.
واعتباراً من مارس 2021، لم يخصص سوى نسبة ضئيلة بلغت 0.7% للاستثمارات البديلة، ومن تلك النسبة، ذهب جزء ضئيل للأسهم الخاصة، التي تتضمن استثمارات رأس المال المغامر.
قالت فوميكو كاتو، الرئيسة التنفيذية للشركة الناشئة “دبليو أميزنج”، التي تزود السائحين الأجانب في اليابان بخدمات الترجمة والحجز: “يجب أن يكون تأثير استخدام أموال صندوق الاستثمار الحكومي للمعاشات التقاعدية كبيراً نظراً لحجم الصندوق الضخم، فهو لن يسهم في نمو الشركات الناشئة فحسب، بل سيحسن أداء صندوق المعاشات التقاعدية عبر العوائد المرتفعة المحتملة”.
أضافت أنه بالنظر إلى التحديات في تحديد ما وصفتها بـ”الشركات الناجحة”، سيكون من المنطقي أن يستثمر صندوق الاستثمار الحكومي للمعاشات التقاعدية بشكل غير مباشر عبر صناديق رأس المال المغامر التي لديها المعرفة اللازمة.
قالت ناوكو أوجاوا، مديرة في اتحاد الأعمال الياباني، إن صندوق الاستثمار الحكومي للمعاشات التقاعدية يمكنه تحقيق أرباح طويلة الأجل من الشركات في المراحل المبكرة.
وأضافت أنه “من الجيد رؤية أن معظم اقتراحاتنا بشأن تعزيز الشركات الناشئة قد أدرجت في الخطة الكبيرة”.
رغم أن مشهد الشركات الناشئة في اليابان أصبح أكثر نشاطاً خلال العقد الماضي، فإنه ما يزال متخلفاً عن الاقتصادات الرئيسة الأخرى.
تشير شركة “سي بي إنسايتس” إلى أن اليابان تعد موطناً لست شركات “وحيدة القرن” فقط، وهي شركات ناشئة تزيد قيمتها على مليار دولار، مقارنة بـ614 في الولايات المتحدة و174 في الصين.
يظهر بحث أجرته شركة “إنيشال” اليابانية لتزويد المعلومات أن الشركات الناشئة في اليابان جمعت نحو 5.8 مليار دولار من رأس المال المغامر العام الماضي، بزيادة 46% عن العام السابق، لكنها لا تزال أقل كثير من 329 مليار دولار التي جمعتها في الولايات المتحدة.
قالت أوجاوا، إن صناديق المعاشات التقاعدية لعبت دوراً مهماً في تمويل الشركات الناشئة في الولايات المتحدة.
في اليابان، يمكن للشركات الخاصة السير على خطا الصندوق الحكومي للمعاشات التقاعدية للمساعدة في كسر الحلقة التي فشلت فيها الشركات الناشئة، التي تعاني نقص التمويل الذي يثبط مزيداً من الاستثمار في هذا القطاع.