وجهت حرب أوكرانيا ضربة قاسية للاقتصاد التونسي الذي تضرر بشدة من تفشي كوفيد-19 والذي كان يحتضر لأعوام قبل الوباء.
شهدت تونس زيادات في أسعار الغذاء والطاقة العالمية نتيجة الصراع الروسي الأوكراني، ما دفع التضخم إلى مستوى قياسي بلغ 8.1% في يونيو، بالتالي زاد العبء على السكان الذين شهدوا مستويات معيشية متدهورة خلال العقد الماضي منذ ثورة تونس 2011.
كان متوسط النمو الاقتصادي لتونس ضعيفاً فقد بلغ 1.8% بين عامي 2011 و 2020، عندما تقلص الاقتصاد بنسبة 9.3% نتيجة للوباء، ويتوقع نمو اقتصاد البلاد بنسبة 2.5% خلال العام الجاري، كما تبلغ البطالة 16.8% وترتفع إلى 38.5% بين الشباب.
كما تسبب ارتفاع أسعار واردات القمح والبترول في زيادة الضغوط على المالية العامة المرهقة للحكومة المثقلة بالديون التي تدعم الخبز والوقود لسكانها البالغ عددهم 12 مليون نسمة، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
لقد اضطرت السفن التي تحمل القمح من إسبانيا ورومانيا في مايو الماضي إلى الانتظار خارج ميناء صفاقس حتى تدفع الحكومة للموردين قبل تفريغ الحمولة، حسبما ذكر دبلوماسي غربي في تونس وبحسب تقارير صحفية محلية.
ويقول مسئولون إن عجز الميزانية سيصل إلى 9.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري، ارتفاعاً من التوقعات التي أشارت إلى 6.7%.
لكن حتى قبل حرب أوكرانيا، قال وزير المالية إن تونس بحاجة إلى إيجاد تمويل إضافي بنحو 7 مليارات دولار في عام 2022.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة الاقتصادية تأتي على خلفية من انعدام اليقين السياسي، فقد دعا قيس سعيد، الرئيس المنتخب الذي أبطل البرلمان العام الماضي واستولى على مقاليد السلطة، إلى إجراء استفتاء على دستور جديد.
لقد نصب سعيد نفسه باعتباره المنقذ للبلاد بعد عقد من التدهور الاقتصادي وتعاقب الحكومات الائتلافية الضعيفة، لكن المحللين يقولون إنه خلال سنته كحاكم منفرد، لم يقدم أي رؤية لإنقاذ الاقتصاد.
تسعى الحكومة التونسية إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة تصل إلى 4 مليارات دولار.
جدير بالذكر أن تونس لديها سجل ضعيف مع قروض صندوق النقد الدولي، فقد وقعت اتفاقيتين بلغ مجموعهما 4.6 مليار دولار خلال العقد الماضي، لكنها فشلت في تنفيذ الإصلاحات وسط معارضة نقابية واحتجاجات شعبية.
تعد المخاطر هذه المرة كبيرة بالنسبة لأوروبا وكذلك تونس، حيث يقول دبلوماسيون إن فرنسا وإيطاليا تضغطان للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لمنع انهيار اقتصادي قد يؤدي إلى إرسال مهاجرين غير شرعيين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.