تسعى الشركات اليابانية جاهدة لبناء سلاسل الإمداد لا تعتمد على الصين، وسط الصراع المتزايد بين الأخيرة والولايات المتحدة، ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف جميع أنواع المنتجات بشكل كبير، لكن هل الشركات مستعدة لـ “صفر صين”؟
في الصيف الماضي، كان مشروع سري للغاية على قدم وساق في شركة “هوندا موتور”، وهي خطة إعادة هيكلة ضخمة لاستكشاف بناء سيارات ركاب ودراجات نارية باستخدام أقل عدد ممكن من الأجزاء المصنوعة في الصين.
أفادت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية أن الشركات سيتعين عليها اختيار ما إذا كانت ستستمر في ممارسة الأعمال التجارية في الصين في حالة حدوث طوارئ في تايوان، ويجب أن تراعي الإدارة دائماً استمرارية الأعمال.
تمثل الصين أكثر من 30% من مبيعات شركة “هوندا” العالمية، ولن تتغير سياسة الشركة المتمثلة في جعل الصين دعامة أساسية لأرباحها في المستقبل.
ورغم أن شركة صناعة السيارات لا تنوي مغادرة الصين في أي وقت قريب، فإنها تواجه مخاطر الصين وجهاً لوجه لضمان استعداد الشركة لحالة الطوارئ.
تسارع الشركة لتقدير تكلفة شراء أجزاء من مناطق أخرى، مثل جنوب شرق آسيا، بينما أجزاء السيارات التي سيتم بناؤها في الصين ستُشترى داخل البلاد.
قال متحدث باسم “هوندا” في حوار مع مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” إنها تبحث دائماً عن خيارات مختلفة للتحوط من المخاطر في سلسلة التوريد الخاصة بها.
إذا تعطلت 80% من واردات اليابان القادمة من الصين، والتي تبلغ قيمتها 1.4 تريليون ين “أي ما يعادل 9.4 مليار دولار”، بما في ذلك المواد الخام والأجزاء، لمدة شهرين، فلن تتمكن اليابان من إنتاج مجموعة واسعة من المنتجات، مثل الأجهزة المنزلية والسيارات والملابس والمنتجات الغذائية.
تشير تقديرات البروفيسور ياسويوكي تودو وزملائه في جامعة واسيدا اليابانية إلى أن ما قيمته 53 تريليون ين (360 مليار دولار) من الإنتاج سيتلاشى، وهذا يعني خسارة تقدر بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي لليابان.
تتمتع اليابان بعلاقات قوية بشكل خاص مع الصين، فقد شكلت 26% من إجمالي واردات اليابان اعتباراً من عام 2020، وهي نسبة أكبر من الولايات المتحدة البالغة 19% وألمانيا البالغ نسبتها 11%.
جدير بالذكر أن أسعار المنتجات ستزيد أيضاً.
تشير مجموعة “أولز” الاستشارية إلى أنه إذا تخلت الواردات القادمة من الصين عن 80 منتج رئيسي، بما في ذلك الأجهزة المنزلية والسيارات، وتم التحول إلى الإنتاج المحلي أو الشراء من مناطق أخرى، فستزيد التكاليف بمقدار 13.7 تريليون ين سنوياً، وهذا يمثل 70% من إجمالي الدخل الصافي لشركات التصنيع المدرجة في بورصة طوكيو للأوراق المالية.
إذا تم تمرير زيادات التكلفة إلى المنتجات الفردية، فإن متوسط سعر الكمبيوتر الشخصي سيرتفع بنسبة 50% وسيرتفع الهاتف الذكي بنسبة 20%.
يذكر أن التضخم في الفترة الحالية يرتفع بسبب الأزمة الأوكرانية وعوامل أخرى، لكن حجم الزيادات في الأسعار سيكون أكثر خطورة.
خلال الحرب الباردة، لم تكن سلاسل الإمداد في الشرق والغرب مترابطة، مما جعل من الأسهل بكثير عدم الاعتماد على الاتحاد السوفيتي أو الصين، لكن الشركات تتشابك الآن بشكل وثيق مع الصين، من المنبع، مثل شراء المواد الخام، إلى المصب، مثل تجميع المنتجات.
وفي ظل الاستمرار في القيام بأعمال تجارية في الصين في وقت السلم، يتم الضغط على الشركات أيضاً للاستعداد لخيار التخلي عن الصين تماماً أو ما يُعرف بـ “صفر صين”.