أداء تاسع أكبر اقتصاد في العالم أفضل بكثير مما كان متوقعاً..وأوروبا تسقط في الركود
بعد غزو قواتها لأوكرانيا، تضرر الاقتصاد الروسي بشكل كبير خلال العام الماضي، حيث فر المستثمرون الأجانب بشكل جماعي، ولم يعد الكثير منهم أبداً.
وتشير التوقعات الرسمية إلى أن قلة من الدول ستشهد تقلص الناتج المحلي الإجمالي لديها بشكل أكثر خلال العام الحالي، وسينتهي الأمر بعدد قليل من الدول، بما في ذلك أوكرانيا التي مزقتها الحرب، فقط بنشر أرقام أسوأ.
لكن من منظور آخر، كان أداء روسيا جيداً بشكل مدهش، ففي الأيام التي أعقبت غزوها لأوكرانيا في فبراير، كانت هناك فوضى مالية منتشرة في البلاد بدءاً من موسكو و حتى فلاديفوستوك.
وبعد أن فرضت الدول الغربية عددًا غير مسبوق من العقوبات، انهار سوق الأوراق المالية جنباً إلى جنب مع الروبل الروسي، وبدا الأمر في ذلك الوقت وكأن “حصن روسيا” للرئيس فلاديمير بوتين قد انهار.
خفض الاقتصاديون بشكل سريع توقعاتهم، ففي غضون أيام انخفضت تقديرات خبراء الاقتصاد الإجمالية الخاصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في عام 2022 من 2.5% إلى انكماش بنسبة 10%.
حتى أن بعض الاقتصاديين كانوا أكثر تشاؤماً، وبحث البيت الأبيض عن انخفاض سنوي في الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 15%، في حين أن معدلات التضخم ارتفعت في جميع أنحاء البلاد.
واجهت روسيا ضغوطًا على جانبي العرض والطلب في الاقتصاد، فقد انسحبت عشرات الشركات الغربية من روسيا، مما يحد مما يمكن للروس شراؤه.
وفي غضون ذلك، رفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة بشكل كبير، ورفع تكاليف خدمة الديون، وبالتالي زاد من ضغط الطلب، حسبما أوضحت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية.
ومع ذلك، في غضون أسابيع قليلة، أصبح من الواضح أن أسوأ التوقعات لن تتحقق، فقد ألحقت العقوبات أضراراً جسيمة بأجزاء من القاعدة الصناعية الخاصة بروسيا، مثل قطاع السيارات، الذي يعتمد على قطع الغيار الواردة من الخارج، في حين أن البعض الآخر، خاصة أولئك الذين أمرتهم الدولة بتقديم المساعدة على صعيد المجهودات الحربية، لم يتأثروا بشكل سئ للغاية.
خلال فصلي الصيف والخريف، راجع خبراء الاقتصاد توقعاتهم للنمو الاقتصادي، ومن ثم أصبحوا يتوقعون الآن انكماش الاقتصاد الروسي بما يتراوح بين 3% إلى 4% تقريباً خلال العام الحالي.
لم تتأثر البطالة إلا بصعوبة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه طُلب من الشركات الاحتفاظ بالعاملين، حتى لو كانوا بأجر أقل أو دون أجر.
أوضحت “ذا إيكونوميست” أن هناك سببان رئيسيان يفسران لماذا ثبت أن الانكماش الاقتصادي في روسيا أقل ضحالة مما كان متوقعاً، وهذين التفسيرين هما السياسة والتجارة.
في الأيام الأولى لغزو أوكرانيا، أقنعت الإجراءات السريعة للبنك المركزي والمنظمين الروس العاديين بأنهم جادون في معالجة ارتفاع التضخم، بالتالي عاودت توقعات التضخم الانخفاض مرة أخرى بعد أن قفزت لفترة من الزمن.
تركيا أصبحت وسيطاً للشركات الغربية التي تتطلع لتجنب العقوبات
كذلك، شجعت أسعار الفائدة المرتفعة المواطنين على إعادة الأموال التي أخذوها من حساباتهم المصرفية في الأيام الأولى لتفشي وباء كوفيد-19، الأمر الذي منع حدوث أزمة مالية.
كانت العقوبات قاسية، لكن في معظم أوقات عام 2022 كانت هناك قيود قليلة على بيع الهيدروكربونات، وهذه القيود تتغير الآن.
وحتى الآن هذا العام، حققت روسيا فائضاً في الحساب الجاري يزيد عن 220 مليار دولار، أي ضعف مستواه في العام السابق.
ساعدت هذه العملة الأجنبية في تمويل الواردات، حيث توقفت العديد من الشركات الغربية عن بيع سلعها وخدماتها إلى روسيا، لكن الشركات في أجزاء أخرى من العالم سعيدة للغاية بتقديم المساعدة، فعلى سبيل المثال الصين تقدمت وعرضت يد العون.
كذلك، يبدو أن تركيا أصبحت وسيطاً للشركات الغربية التي تتطلع إلى تجنب العقوبات، كما انتعشت الواردات الروسية بشكل كبير بعد انخفاض حاد في فصل الربيع.
ترسم البيانات الاقتصادية المقدمة في الوقت الحقيقي صورة مقلقة بالنسبة للغرب.
في الوقت الحاضر، يعد الاقتصاد الروسي في وضع أفضل مما كان متوقعاً في السابق، فيما تسقط أوروبا، التي تثقل كاهلها تكاليف الطاقة الباهظة، في حالة من الركود الاقتصادي.