برز عدد من الأسئلة مؤخرا حول “أبل” وسط تقارير تفيد بأنها تمضي قدما في خططها لاستبدال رقائق الاتصالات اللاسلكية لأجهزة “آي فون” التي تصنعها شركتا “برودكوم” و”كوالكوم”، ولصنع شاشاتها الخاصة.
هذه الأسئلة تدور حول ما هو مقدار الربح الذي ستجنيه “أبل” من سلسلتها للتوريد، فيما تتعمق أكثر في صنع المكونات الرئيسة لمنتجاتها؟
وفي ظل زيادة ربحها، هل ستفرض تغييرات على قاعدتها للتوريد التي ستؤدي في الواقع المدى إلى مخاطر أكبر على أعمالها التجارية على النى الطويل؟
لا تزال هذه التغييرات بعيدة المنال، لكنها على ما يبدو جزء من تطور حتمي شهد بالفعل تولي “أبل” مسؤولية أدمغة السيليكون في أجهزة “آي فون” و”آي باد”، إضافة إلى عدد متزايد من أجهزة ماك.
يبدو أن كثير ستكون هي الإجابة الأصح عن السؤال الأول المتعلق بمقدار الربح الذي يمكن لـ”أبل” جنيه
تتطلع شركتا “برودكوم” و”كوالكوم”، وهما من بين أكثر الشركات ربحية في قطاع الرقائق، إلى “أبل” لتمثل نحو خمس مبيعاتهما، وهو ما يمثل هدفا مثيرا.
لكن الدفع بشكل أعمق إلى تكنولوجيات المكونات لا يتعلق أساسًا بالمطالبة بقطعة أكبر من الكعكة لنفسها.
كما هي الحال دائما مع “أبل”، يتم تحديد استراتيجية التكنولوجيا وفقا لاحتياجات المنتج، حيث تعني الأسعار الأعلى أن الأرباح ستتحقق ذاتيا.
وضع تيم كوك الهدف في 2009، قبل عامين من توليه منصب الرئيس التنفيذي، عندما قال “إن أبل تريد امتلاك التكنولوجيات الأساسية التي تقف وراء المنتجات التي نصنعها وتتحكم فيها، كما أنها لن تشارك إلا في الأسواق التي يمكننا فيها تقديم مساهمة كبيرة”.
كان إنتاج رقائقها الخاصة النتيجة الأكثر وضوحا لهذه الاستراتيجية، وهذا أسهم في إطالة عمر البطارية وتحسين الأداء العام لجهاز آيفون.
لا شك أن القول إن “أبل” تصنع أي شيء هو مبالغة لمعنى الكلمة، فهي تصمم المنتج وتتحكم في العملية، لكنها تتعاقد مع شركات فرعية أخرى لعملية التجميع الفعلي أو التصنيع، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
نتيجة لذلك، جاءت الزيادة الأخيرة في مبيعاتها والأرباح دون الحاجة إلى ضخ مزيد من رأس المال في عملياتها.
قفز عائدها على رأس المال المستخدم نحو 20% في 2021، إلى 48%، وقفز مرة أخرى العام الماضي إلى نحو 60%.
هذا ضعف العائد على رأس المال المستخدم في شركتي “ألفابيت” و”مايكروسوفت”، اللذين يعتقد أنهما تأسستا في الغالب على نموذج عمل برمجيات متفوق بطبيعته على نموذج صانع أجهزة مثل “أبل”.
مع ذلك، لا شك أن التغلب على بعض المبتكرين الأكثر نجاحا في عالم التكنولوجيا في مجال اختصاصهم يتطلب استثمارات ضخمة ووقتا طويلا.
مرت تقريبا أربعة أعوام منذ أن اشترت “أبل” قسم شركة “إنتل” الذي يصنع أجهزة مودم لاسلكية مستخدمة في الهواتف الذكية، ما رفع التوقعات بأن هذا القسم سيحل محل “كوالكوم” سريعا.
وحتى الآن، ربما لا تزال هذه الخطوة على بعد عامين.
توقعت “كوالكوم” أن تكون أجهزتها للمودم خاة القائمة على تقنيه الجيل الخامس في خمس فقط أجهزة آيفون الجديدة التي ستطلقها “أبل” في نهاية العام الجاري، لكنها قالت أخيرا “إن المكونات ستكون الآن في الأغلبية العظمى من الهواتف”.
كذلك، استغرق الانتقال إلى الشاشات بعض الوقت.
اشترت “أبل” شركة “لوكس فيو”، المتخصصة في الشاشات منخفضة الطاقة، في عام 2014، ما أدى إلى تكهنات متكررة على مر الأعوام بأنها ستحل قريبا محل موردين مثل “سامسونج” و”إل جي”، لكن إذا كان التقدم بطيئا، فإن الاتجاه واضح.
كان تأثير كل هذا في الموردين عميقا، فقد دفع الموردين نحو أنشطة ذات هامش أقل ومزيد من الأنشطة التي تتطلب رأسمال أكبر، نظراً لأن “أبل” قد طالبت بمزيد من أعمال التصميم.
بدأت المخاطر في أعمال “أبل” الناتجة عن هذا التركز في الظهور بشكل أوضح.
هذه المخاطر تشمل الاحتجاجات العنيفة العام الماضي في مصنع أجهزة آيفون العملاق التابع لشركة فوكسكون في مدينة تشنجتشو بسبب سياسة الصين بشأن كوفيد.
في الوقت نفسه، أبرز التهديد الأمني المحتمل لتايوان اعتمادها على شركة “تي إس إم سي” لصناعة الرقائق.
يبدو أن بعض التنويع محتمل، سواء في نطاق الموردين ومواقعهم، لكن سيكون من الصعب تعويض تأثيرات استراتيجية التكنولوجيا التي تتبعها “أبل”.
تم بالفعل إعادة إنشاء أجزاء كبيرة من سلسلة التوريد العالمية للإلكترونيات حول أجهزة آيفون، وما تزال العملية بعيدة كل البعد عن الانتهاء.