أكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، اليوم الأربعاء، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أولى قطاع الزراعة أهمية خاصة مع تبني آليات ومشروعات ساهمت في تعزيز إنتاجية المحاصيل الزراعية، خاصة الاستراتيجية منها، تدعيما لبناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة.
وقال القصير – في كلمة خلال افتتاح مجمع مصانع الأسمدة الأزوتية بالعين السخنة بحضور الرئيس السيسي – “إن بناء الأنظمة الزراعية والغذائية أصبح واحدا من أكبر التحديات التي تواجه الدول النامية والمتقدمة على حد سواء”، لافتا إلى أن مشكلة الفجوة الغذائية لم تعد مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب، بل تعدت ذلك لتصبح قضية سياسية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي، لدرجة أصبح الغذاء معها سلاحا في يد الدول المنتجة والمصدرة له تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية.
وأضاف “ومن هنا ظهرت الحاجة الماسة إلى مضاعفة الجهود المبذولة من أجل تحقيق الأمن الغذائي للشعوب من خلال تعزيز القدرة على تنمية الإنتاج الزراعي وتحسين قدرات التخزين والتوزيع والاستدامة”.
وأشار إلى أن الدولة المصرية تبنت استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة، وقطعت شوطا كبيرا في تحقيقها، إلا أنها ما زالت متأثرة بالعديد من التحديات، خاصة محدودية الأراضي المتاحة للزراعة، كذلك محدودية المياه اللازمة للتوسع فى الرقعة الزراعية، فضلا عن تأثير ظاهرة التفتت الحيازى.
وقال، إن العالم شهد تحديات وأزمات عالمية بدءا من أزمة جائحة كورونا ومرورا بالأزمة الروسية – الأوكرانية، وزيادة حدة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، لافتا إلى أن هذه التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي خلقت أوضاعا مؤلمة أدت إلى ارتباك شديد في أسواق السلع الغذائية الأساسية، نتيجة التأثير على سلاسل الإمداد والتوريد مع نقص الإنتاجية في المحاصيل الزراعية، وارتفاع أسعار الطاقة، ومستلزمات الإنتاج، خاصة الأسمدة والسلع والمنتجات الرئيسية مع ارتفاع أسعار الشحن والنولون والتأمين مع انخفاض في مصدر العملات الأجنبية للدول.
وأشار إلى أن الدولة المصرية مثلها مثل كل الدول تتأثر بالأزمات والتحديات العالمية، حيث لا تستطيع أى دولة أن تعيش بمعزل عن العالم وما يمر به من أزمات نتيجة التشابك والتلاحم في المعاملات التجارية الدولية.
وأوضح أن الدولة المصرية تمكنت من توفير الغذاء الآمن والصحي والمستدام لشعبها، وذلك في وقت عانت فيه الكثير من الدول ذات الاقتصاديات الكبيرة من أزمات وارتباك في مجال تحقيق الأمن الغذائي لشعوبها بل وصل الأمر إلى قيام بعض الدول بفرض قيود على استهلاك وتداول السلع الغذائية.
وأكد وزير الزراعة أن الإجراءات الاستباقية تمثلت في تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى خاصة المرتبطة بالزراعة واستصلاح الأراضي استهدفت زيادة الرقعة الزراعية بحوالي 4 ملايين فدان تقريبا، ويضاف إلى ذلك محور التوسع الرأسي الذي استهدف زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة الإنتاج من وحدة المساحة من خلال استنباط أصناف وهجن متميزة ذات إنتاجية عالية ومبكرة النضج وقليلة الاحتياج المائي.
وقال إنه جرى تطوير الممارسات الزراعية المتبعة والاعتماد على الخريطة الصنفية للمحاصيل الاستراتيجية مع الاتجاه نحو التوسع في الأصناف التي تتكيف مع التغيرات المناخية وهو أمر جعل من الأصناف والهجن المصرية في أعلى مراتب الإنتاجية العالمية خاصة من المحاصيل الاستراتيجية بالنسبة لوحدة المساحة.
ولفت إلى أن الدولة سعت إلى التوسع في تنويع مصادر المياه عبر المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي وتحلية مياه البحر مع الاتجاه الأمثل إلى استغلال المياه الجوفية، قائلا “ولعلى لا أكون مبالغا إذا قلنا أن تكاليف إقامة تلك المشروعات – مثل مشروعات التوسع الأفقي ومشروعات معالجة المياه وغيرها – والجهد المبذول فيها يعادل بقدر كبير مشروعات قومية كبيرة ما زالت خالدة في ذاكرة المصريين”.
وأوضح أنه الدولة المصرية قد تبنت مجموعة من السياسات والإجراءات الداعمة لتدعيم الإجراءات الاستباقية وزيادة العائد منها، أهمها تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية لأول مرة بالشكل المطلوب تشمل أسعار الضمان وإعلان الأسعار قبل الزراعة بوقت مبكر والاستلام في وقت الحصاد بالأسعار المتداولة في حينه، إضافة إلى دخول هيئة السلع التموينية كطرف متعاقد ومشتر وهو ما أعطى ثقة للمزارعين والمنتجين على التزام الدولة بتنفيذ الزراعة التعاقدية.
وقال وزير الزراعة إنه بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي فإنه جرى الاعتماد على التقاوي المعتمدة المحسنة، خاصة المحاصيل الاستراتيجية مع زيادة نسبة التغطية منها.
وأضاف أنه في عام 2022 كانت نسبة تغطية التقاوى المعتمدة من القمح 35%، أما في الموسم الحالي بلغت 70%، ومن المقرر أن تبلغ نسبة التغطية خلال العام المقبل أكثر من 100% أي سيصبح لدينا فائض للتصدير، وهو ما ينطبق أيضا على الذرة وفول الصويا وعباد الشمس والقطن والأرز وجميع المحاصيل الاستراتيجية.
وتابع “أن الإجراءات الداعمة للتوسع في السعات التخزينية تضمن المشروع القومي لبناء الصوامع، والذي رفع قدرة مصر التخزينية من 1.2 مليون طن إلى 3.4 مليون طن كطاقة تخزينية، إضافة إلى السعات التخزينية الموجودة لدى الجهات الأخرى مثل البنك الزراعي وغيره، والتي مكنت مصر من بناء احتياطي استراتيجي وصل إلى 5.5 مليون طن”.
وأشار إلى أنه لرفع القيمة من السعات التخزينية مثل الصوامع، سوف يتم الاستفادة من تنفيذ الزراعة التعاقدية في الذرة وغيرها من المحاصيل، والاستفادة من تلك الصوامع في استلام المحاصيل وتدعيمها ببعض المجففات اللازمة، من خلال التنسيق مع وزير التموين وبتوجيهات من رئيس مجلس الوزراء.
ولفت وزير الزراعة إلى أن الدولة دعمت محور إشراك المجتمع المدني وتعزيز دوره في تنفيذ المبادرات الوطنية، التي استهدفت دعم الإنتاج الزراعي: منها مبادرة “ازرع”، والتي ينفذها التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، بالتعاون مع الوزارة، لزراعة 150 ألف فدان قمح لدى صغار المزارعين في صورة نموذج تطبيقي تشاركي بين كل الجهات الفاعلة.
وأوضح أن الوزارة تدعم أيضا التوسع في الحقوق الإرشادية والمدارس الحقلية والحملات القومية، تدعيما لمف الإرشاد الزراعي، مشيرا إلى أن هناك 7 آلاف حقل إرشادي للقمح، ونخطط لحقول إرشادية لأول مرة في محصول الذرة وعباد الشمس وغيرها من المحاصيل الاستراتيجية.
ونوه بأن افتتاح مصنع مجمع الأسمدة الأزوتية بالعين السخنة يضاف إلى ما تم من إنجازات جعلت مصر تسير بخطى ثابتة لدعم وتطوير البنية الأساسية وتحديث كافة الصناعات؛ لخلق فرص واعدة للدولة المصرية في هذا التوقيت بالغ الحساسية، خاصة وأن مصانع الأسمدة في العالم بدأت في تخفيض طاقتها الإنتاجية بسبب أزمة الطاقة وغيرها، في وقت تزايد فيه الطلب على الأسمدة لتدعيم ملف الزراعة.
واستعرض القصير أهم ما ورد في بعض التقارير الدولية عن ملف الأسمدة، في إشارة إلى تقرير برنامج الغذاء العالمي الذي بين أن الأمن الغذائي لنصف سكان العالم الذين يعتمدون على المحاصيل المنتجة بمساعدة الأسمدة المعدنية أصبح في خطر، وأن عام 2023 مرشح لاستمرار أزمة الأسمدة، حيث لا يزال المعروض يمثل مصدر قلق للمنتجين الزراعيين.
أ ش أ