كان الافتقار إلى المهارات المهنية سبباً فى تفاقم الصعوبات التى يواجهها مجموعة كبيرة ومتنامية من العمال المهاجرين الأكبر سناً فى الصين، الذين تخلفوا عن الركب؛ بسبب التعافى الاقتصادى بعد ثلاثة أعوام من قيود الوباء.
يعطى أرباب الأعمال الأولوية للعمال الشباب فى وظائف التصنيع القليلة ذات المهارات البسيطة، فيما تظل المناصب ذات الأجور الأعلى بعيدة المنال بالنسبة لمعظم المهاجرين.
شبكة الأمان الاجتماعى المتفاوتة فى الصين، مع وجود فجوة كبيرة بين معاشات التقاعد فى المناطق الريفية والحضرية، أجبرت المهاجرين فى سن التقاعد على الاستمرار فى العمل مع تولى العديد منهم وظائف وضيعة لتغطية نفقاتهم، حسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
قال كبير الاقتصاديين فى بنك «هانج سنج الصينى»، دان وانج، إنَّ «الصين تدفع ثمناً اجتماعياً واقتصادياً كبيراً بتركها العمالة المهاجرة الكبيرة دون رعاية».
تظهر البيانات الرسمية، أنَّ عدد المهاجرين فوق 50 عاماً تضاعف فى العقد المنتهى فى 2021 إلى 80 مليون مهاجر، مقارنة بانخفاض 16% فى الفئات العمرية الأخرى للعمال.
لا شك أن محنتهم تشكل تحدياً بالنسبة لحملة «الرخاء المشترك» التى يقودها الرئيس الصينى شى جين بينج للحد من عدم المساواة الاقتصادية، ما يزيد احتمالية نشوب اضطرابات اجتماعية.
مع ذلك، يأبى أرباب الأعمال قبول الموظفين المسنين، فقد انخفضت فرص العمل بوتيرة أسرع من عدد سكان الصين فى سن العمل؛ حيث أدت قيود «صفر كوفيد» وأزمة قطاع العقارات إلى كبح النشاط الاقتصادى.
فى الوقت نفسه، تقلص الطلب على صادرات الصين؛ بسبب التوقعات الاقتصادية العالمية، ما دفع الشركات لخفض عدد موظفيها.
وضعت المصانع فى جميع أنحاء الدولة حدوداً لسن المتقدمين للوظائف عند 40 عاماً أو حتى أقل، كما قالت وكالات التوظيف فى ماجوكياو «إن العمال ذوى المهارات المتدنية فوق 45 عاماً فرصهم صفر فى شغل وظيفة بدوام كامل».
بعد حرمانهم من وظائف التصنيع بدوام كامل، تحول عديد من العمال الأكبر سناً إلى الصناعات المعروفة بظروفها القاسية، خاصة البناء.
أظهر مسح أجراه المكتب الوطنى للإحصاء فى يونيو على العمال المهاجرين فى منغوليا الداخلية، أنَّ نحو نصف المشاركين ممن تزيد أعمارهم على 50 عاماً يعملون فى البناء، مقارنة بـ15% لمن تقل أعمارهم عن 30 عاماً.
يفتقر العمال الأكبر سناً بشكل غير متناسب للتعليم والمهارات المتقدمة التى ستتيح لهم الانتقال إلى عمل أعلى أجراً أو أخف مع تقدمهم فى العمر.
أطلقت بكين فى الأعوام الأخيرة حملة لتقديم تدريب وظيفى مجانى للعمال المهاجرين لمعالجة نقص المهارات، لكن المبادرة تستهدف العمال الشباب.