ولى العهد السعودى يريد تحويل الرياض إلى أحد أكبر 10 اقتصادات فى العالم بحلول 2030
ويل براون، المدير التنفيذى للمخاطر العالمية المقيم فى دبى والذى يسافر إلى الرياض للعمل منذ ما يقرب من سبعة أعوام، لاحظ تغييراً فى رحلته التى تستغرق ساعتين إلى العاصمة السعودية، فهو بات يرى أفرادا ينتقلون مع عائلاتهم بالكامل.
وهذا ما يعتزم براون فعله قريباً، فهو سينتقل إلى الرياض مع عائلته للعمل هناك بدوام كامل، نظراً لتأسيس رب عمله “كونترول ريسكس”، وهى شركة استشارية عالمية للمخاطر، مقرًا إقليميًا هناك.
تريد الشركة الامتثال للقواعد السعودية الأخيرة التى تقيد كيانات الدولة من ممارسة الأعمال التجارية مع الشركات الدولية التى ليس لها مقر إقليمى فى البلاد بحلول يناير 2024.
هذه الإجراءات الجديدة تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبى والعمال، بحسب وكالة أنباء “بلومبرج”.
وهذا جزء من طموح ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان لفتح البلاد أمام الأسواق الدولية، ووضع العاصمة ضمن أكبر 10 اقتصادات فى العالم ومضاعفة عدد سكانها إلى 15 مليون على الأقل بحلول 2030.
لم تمر هذه الأحداث مرور الكرام فى دبى، التى تعد مركز الأعمال والسياحة الرئيسى فى الشرق الأوسط، والتى لطالما كانت خياراً أساسياً للمغتربين.
اعتباراً من نهاية 2022، تقدمت ما يقرب من 80 شركة بطلب للحصول على تراخيص لنقل مقارها الرئيسية إلى الرياض، وهذا يقود المدينة لتصبح “العاصمة الكبرى للشرق الأوسط سياسياً واقتصادياً”، بحسب ما قاله وزير الاستثمار السعودى خالد الفالح فى مقابلة أجريت معه مؤخراً.
علامات استفهام
ثمة سؤال هام وهو ما إذا كانت الرياض تمتلك بنية تحتية وإسكان ونمط حياة جاهز، وحتى وجهة نظر إدارية لتدفق العمال الأجانب ذوى الياقات البيضاء وعائلاتهم.
وبالمثل، هناك تساؤل معلق حول ما إذا كان المواطنون مستعدين للانتقال إلى هناك والتخلى عن دبى الأكثر حرية والعالمية نسبيًا، وإن كانت أكثر تكلفة.
يشير تصنيف مصرف “إتش إس بى سى” إلى أن السعودية متخلفة عن البحرين وقطر والإمارات كوجهة مرغوبة بالنسبة للوافدين.
السعودية الغنية بالبترول لا تفتقر بالتأكيد إلى المال اللازم لإجراء التغييرات اللازمة، لكن الأدلة حتى الآن تشير إلى وجود طريقاً طويلاً لقطعه، فعلى سبيل المثال يشكو الأجانب من طول الوقت المستغرق للحصول على تأشيرة عمل، رغم أن الحصول على تصاريح السياحة أسهل.
مشاكل معقدة
قال متين ميتشل، الذى يرأس شركة توظيف تنفيذية تعمل بالسعودية منذ عام 1995، إن البلاد تواجه تحديات فى البنية التحتية، بجانب مشكلات معقدة أخرى مثل التأكد من توفر منازل كافية ومياه وما إلى ذلك.
وأعلنت البلاد خلال العام الجارى عن مشاريع عقارية جذابة ومستقبلية فى الرياض وحولها، مثل المكعب، الذى وُصف بأنه “أول وجهة تجريبية غامرة فى العالم”، والتى ستضم مساحات تجارية وسكنية وتجزئة وثقافية، لكن المخطط الرئيسى الذى طال انتظاره لتوسعة الرياض قد تأخر عدة مرات.
كما أن البلاد لم تفتح بعد نظام المترو، الذى كان من المقرر أن يكتمل بحلول 2019، بحسب ما نقلته “بلومبرج”.
الإسكان
فى الواقع، كان العجز فى توافر المنازل الذى يلوح فى الأفق فى الرياض سبباً فى ارتفاع تكاليف الإيجار بشكل كبير.
وارتفعت المدفوعات السنوية لشقة مكونة من غرفتى نوم فى أحد أفضل الأحياء فى الرياض بنسبة 12% تقريبًا خلال العام الماضى لتصل إلى حوالى 181 ألف ريال سعودى “أى ما يعادل 48.2 ألف دولار أمريكى”، بحسب فيصل دورانى، الشريك ورئيس أبحاث الشرق الأوسط فى “كينايت فرانك”، وهى شركة عالمية للوساطة والاستشارات العقارية.
وأرجع هذا الأمر إلى عوامل عدة، مثل انتقال المزيد من العاملين الأجانب إلى الرياض، ومحدودية توفر المجمعات السكنية التى يفضلها الغرب، والاتجاه المتزايد بين الشباب السعودى للانتقال لفرص عمل.
كما أنه أصبح من الصعب على المرشحين للوظائف فى السعودية المطالبة بأجور باهظة مقابل الانتقال، مما يقلل من دوافع الانتقال إلى البلاد.
تباطؤ الاقتصاد العالمى والتسريح الجماعى للعمال فى بعض الشركات الدولية يمنح أرباب العمل السعوديين والمتعددى الجنسيات مزيدًا من النفوذ، وفقاً لكريس ريا، المدير المساعد فى شركة “مايكل بيج” للتوظيف فى السعودية.
وقال ريا: “الأمر لم يعد يتعلق بفكرة أريد زيادة بنسبة 50% للانتقال”، مضيفًا أن الموظفين الذين ينتقلون إلى الرياض من دبى لا يزال بإمكانهم الحصول على زيادات فى الأجور تتراوح من 20% إلى 25%.
وقال أحد كبار المنتجين فى شركة “إم بى سى جروب” الإعلامية السعودية، التى تخطط لنقل معظم موظفيها من دبى إلى مقرها الجديد فى الرياض بحلول 2024، إنه وآخرون يحصلون على زيادات فى الأجور تتراوح بين 35% و40% على الأقل وضمانات للاحتفاظ بوظائفهم لخمسة أعوام.
ومع ذلك لايزال الكثيرون يخشون اتخاذ مثل هذه الخطوة.
الكثير من الأمور تغيرت
مع ذلك، تغيرت الكثير من الأمور فى السعودية، حيث انضمت النساء إلى القوى العاملة بأعداد كبيرة بعد أن ألغى ولى العهد الأمير محمد العديد من القواعد الصارمة المتعلقة بالفصل بين الجنسين وقيود القيادة والسفر.
وفى ظل تحول دبى إلى مدينة أكثر تسامحًا، فإن الانتقال إلى الرياض يبدو بمثابة تراجع، وبالنسبة للآخرين، هناك مضاعفات من نوع آخر.
