يقول خبراء وعاملون في الصناعة، إن الصين تتغلب على محاولات الولايات المتحدة للحد من طموحاتها في مجال الرقائق، عبر وسائل تشمل إنشاء شركات وهمية والتهريب والاستخدام المبتكر للآلات القديمة.
وأوضحت المصادر أن الضوابط الأمريكية تكلف الشركات الصينية الوقت والمال.. لكن الحملة لها حدودها، وهذا ما أظهره اختراق “هواوي” الأخير لشبكات الجيل الخامس.
وقال جيسون كاو، أستاذ الأعمال بجامعة يوان زي والمتخصص في التخليص الجمركي في تايوان، إنه “من الصعب حقًا منع أي دولة تمامًا من الحصول على الرقائق والمكونات والمعدات”.
وتابع كاو: “أنت لا تحتاج فقط إلى فريق امتثال واسع النطاق، بل تحتاج إلى تدريب موظفيك المخصصين ليكونوا خبراء في أشباه الموصلات والتكنولوجيا، ومطالبة حلفائك العالميين بتدريب موظفي الجمارك لديهم وأن يكونوا بجوارك بالكامل”.
وأوضح أن “الصين لديها طرق عدة لتفادي ضوابط التصدير، مثل الشركاء الخارجيين أو الكيانات الخارجية أو الشركات الوهمية الأخرى”.
أصبحت قدرة الصين على التكيف مع حملة القمع الأمريكية واضحة في أواخر أغسطس، عندما أطلقت “هواوي” هاتفها “مات 60 برو” المزود بتقنية الجيل الخامس والمصنوع من رقائقها الخاصة.
كانت هذه الأخبار بمثابة مفاجأة غير سارة لواشنطن، إذ وصفت وزيرة التجارة جينا ريموندو التقدم الذي أحرزته الشركة الصينية بأنه “مثير للقلق”، فيما تزعم واشنطن أن الشركة تمثل خطرًا على الأمن القومي وعلى علاقة بالجيش الصيني، وهو ما نفته “هواوي” مرارًا وتكرارًا.
أعلنت الولايات المتحدة عن قواعد تصدير جديدة مؤخرًا تعتمد على الضوابط الشاملة المقدمة في أكتوبر الماضي لمنع وصول الصين إلى أدوات الرقائق المتطورة ورقائق الذكاء الاصطناعي.
وتخضع المزيد من المنتجات والوجهات، بما فيها فيتنام والسعودية، الآن لمتطلبات الترخيص الأمريكية، كما قالت واشنطن إنها ستعمل مع صُناع الرقائق المتعاقدين حول العالم لتحديد الجهود المبذولة للتحايل على قواعدها، حسب ما نقلته مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
كانت الحملة ضد “هواوي”، التي بدأت في 2019، ناجحة في بعض الأحيان، فقد أجبر ذلك الشركة، التي كانت ذات يوم ثاني أكبر صانع للهواتف الذكية في العالم، على العودة إلى زاويتها المحلية، كما واجهت رياحًا معاكسة كبيرة في أعمالها الخاصة بمعدات شبكات الجيل الخامس في أوروبا وأماكن أخرى.
لكن بطرق أخرى، واصلت “هواوي” ازدهارها، فهي أكبر شركة لتصنيع معدات الشبكات في الصين وحققت إيرادات بقيمة 642.3 مليار يوان “أي ما يعادل 87.93 مليار دولار” في 2022، أي أكثر من منافستها الأمريكية “سيسكو” البالغة 56.99 مليار دولار.
يقول الخبراء إن طبيعة ضوابط التصدير كانت واحدة من الأسباب التي جعلت “هواوي” قادرة على تحقيق اختراق في هواتفها الذكية.
جندت واشنطن حلفاء لها في حملتها للحد من التقدم التكنولوجي في الصين.
فقد فرضت كل من اليابان وهولندا هذا العام قيودًا على صادرات أدوات الرقائق المتقدمة مماثلة لتلك الموجودة في الولايات المتحدة.
لكن هذه التحركات جاءت متأخرة نسبيًا، بعد أن زادت الصين بالفعل وارداتها من هذه المعدات، وهذا ساعد في حماية قطاع الرقائق في الصين من أشد التأثيرات المترتبة على ضوابط التصدير، على الأقل في الأمد القريب.
وقال جريجوري ألين، مدير مركز وادواني للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن “ضوابط التصدير الهولندية واليابانية لم تدخل حيز التنفيذ لفترة طويلة من الزمن، وهي مصدر للتقدم التكنولوجي للصين بعيدًا عن نظام مراقبة الصادرات الأمريكي، فقد اشترت الشركات الصينية كل ما في وسعها في هذه الفترة”.
يذكر أن القواعد الأخيرة لن تدخل حيز التنفيذ حتى 17 نوفمبر، مما يعني أن الشركات الصينية لديها مرة أخرى فرصة لتحميل تلك الطلبات السابقة وتسهيلها.







