محيى الدين: ضرورة تحديد سعر أرصدة الكربون فى أفريقيا لتمويل عملها المناخى
تستعد مصر لإطلاق أول سوق طوعية للكربونية خلال الفترة المقبلة لتمكن الشركات من تحديد البصمة الكربونية للمنتجات، والعمل على خلق عرض وطلب على شهادات الكربون التى بات إصدارها ضرورة للخروج إلى العالم.
وتزداد أهمية وجود شهادات الكربون وتداوله مع إطلاق الاتحاد الاوروبى المرحلة الأولى من تبنى آلية تفرض على واردات الشركات المصنعة التابعة للأطراف الـ27 لاتفاقية الأمم الخضوع للمعايير البيئية عبر فرض دفعات مالية على الانبعاثات الكربونية المرتبطة بإنتاجها.
وسيشمل الاتفاق الذى يعرف بـ”آلية تعديل حدود الكربون” الواردات الصناعية من بلدان التكتل الـ27 ويستهدف أولا المنتجات الأكثر تسببا للتلوث.
سيتعيّن على المستورد الإعلان عن الانبعاثات المرتبطة مباشرة بعملية الإنتاج، وإذا تجاوزت المعايير الأوروبية، فسيكون عليه الحصول على “شهادة انبعاثات” بثمن ثانى أكسيد الكربون فى الاتحاد الأوروبى، والتى بدأ تطبيقها منذ بداية الشهر الجاري.
وتعد مصر من الدول المصدرة للأسمدة للاتحاد الأوروبى مما يلزم شركاتها بتقديم شهادة كربونية للمنتجات المصدرة حتى يتثى لها التمكن من استمرار صادراتها.
وسوق تداول الكربون هو نظام يعتمد على آلية السوق لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال تقديم حافز مالى، كما أنها أحد آليات التمويل المبتكرة للتصدى للآثار السلبية للتغيرات المناخية.
ومنصة سجلات شهادات خفض الانبعاثات الكربونية الدولية والإقليمية تمثل سجلاً يتم من خلاله تسجيل مشروعات خفض الكربون لتمكين المؤسسات والحكومات بتوثيق وبتتبع تداول شهادات الانبعاثات الكربونية الخاصة بمشروعات الخفض، كما أنها ضرورية لأنها توفر وسيلة للمؤسسات والحكومات لقياس تخفيضات الانبعاثات والإبلاغ عنها والتحقق منها وفقا للمعيار الذى تعتمده جهات التسجيل التى تضع معايير الخفض والتوثيق، لاسيما أنها المعايير التى تتبعها مصر فى ذلك الشأن.
ويرى محمود محيى الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية، أن أسواق الكربون الأفريقية تحتاج لإطار تنظيمى وتشريعى يحدد أدوار الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدنى فى تفعيلها بما يساهم فى تعظيم الاستفادة منها، كما تتطلب وضع معايير واضحة لحوكمة أداء الأطراف المشاركة مع إلزامهم بالشفافية والإفصاح.
وأكد محيى الدين على ضرورة تحديد سعر أرصدة الكربون فى أفريقيا بما يعزز قدرتها على تمويل العمل المناخى والتنموى، وتحقيق التكامل بين هذه الأسواق والنظم الاقتصادية ككل، فضلًا عن تحديد نوعية سوق الكربون وما إذا كان إلزاميًا أو تطوعيًا حسب الهدف منه، وتحديد آليات إدارة تجارة الكربون العابرة للحدود خاصةً عند التعامل مع الدول والجهات التى وضعت بالفعل أطرًا تنظيمية لتجارة الكربون مثل الاتحاد الأوروبي.
محمد فريد: سوق الكربون ستمكن من إصدار وبيع شهادات بموجب الخفض الكربوني
وأشار محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية فى بيان صادر عن الهيئة إلى أهمية بناء وتفعيل سوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية لتحفيز الكيانات الإنتاجية المختلفة على خفض انبعاثاتها من خلال مشروعات التكيف والتخفيف، وطرح شهادات فى السوق الجديد بما يمكنها من استعادة جزء من إنفاقها الاستثمارى الموجه لخفض الانبعاثات الناتجة عن ممارسة أنشطتها، وإعادة استثمار هذه الموارد فى تحقيق الهدف الأكبر وهو الحياد الكربونى الذى تسعى لتحقيقه كل دول العالم.
أضاف فريد أن الهيئة استحدثت قائمة للجهات التى يسمح لها القيام بأعمال التحقق أو المصادقة لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية لأغراض التداول على شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، مع وضع معايير قيد الجهات المصرية والجهات الأجنبية والتى تم إعدادها بموجب مقترح من لجنة الإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية والتى تضم فى عضويتها ممثلين عن وزارة البيئة والبورصة المصرية وخبراء متخصصين.
وقال إن سوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية يعد منصة لمساعدة الكيانات الاقتصادية العاملة فى مختلف الأنشطة الإنتاجية فى مصر وأفريقيا على الانخراط فى أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية والاستفادة من إصدار وبيع شهادات بموجب الخفض لصالح شركات أخرى ترغب فى معاوضة انبعاثاتها الكربونية التى يصعب تخفيضها وهو ما يتطلب وجود ضوابط رقابية منظمة ومحفزة لانطلاق ونمو هذا السوق وكذا تعزيز قدرة الشركات على تطوير الممارسات البيئية بهدف الوصول إلى الحياد الكربونى.
وفى نوفمبر من العام الماضى وقعت شركة البورصة القابضة لتطوير وتنمية الأسواق المالية، اتفاق إطارى مع البنك الزراعى المصرى وشركة ليبرا كابيتال لتأسيس شركة معنية بتطوير وإدارة وإصدار شهادات الكربون والشهادات والمنتجات البيئية على اختلاف أنواعها.
شريف الديوانى: تطبيق ضريبة البصمة الكربونية سيخلق طلب على شهادات الكربون
قال شريف الديوانى رئيس قسم الشرق الأوسط فى المنتدى الاقتصادى العالمى دافوس سابقًا، إن الاتحاد الأوروبى أصدر معايير وحدود قصوى لكل صناعة بشأن تعديل انبعاثات الكربون لإلزام الدول بحل مشكلة التغير المناخ، مشيرًا إلى أن مصر من ضمن الدول التى من المقرر أن تلتزم بتطبيق ألية تعديل حدود الكربون خاصة وأنها لديها الصناعات الواقعة تحت بنود القرار لاسيما الطاقة، والأسمنت، والحديد، والألومنيوم، بالإضافة إلى كونها من المصدرين لتلك الصناعات لدول الاتحاد الأوروبي.
وأضاف الديوانى، أن الشركات التى تقوم بالتصدير لأوروبا سوف تقوم بدفع ضريبة «البصمة الكربونية» فى حال زيادة الانبعاثات فى المنتجات عن الحد الأقصى بعدما منح الاتحاد مهلة 3 سنوات، على أن تطبق الضريبة بدءاً من عام 2026 حيث تقوم بدفع 90 يورو على كل طن كربون أكثر من الحد الأقصى، موضحًا أن المعايير تطبق منذ بداية أكتوبر الجارى ويجب على كل شركة الإفصاح عن نسبة الانبعاثات لديها.
اقرأ أيضا: الرقابة المالية تستهدف تسريع وتيرة تفعيل سوق الكربون الطوعي
وتابع أن الشركات العاملة فى بعض الصناعات التى لن تستطيع تخفيض انبعاثاتها للنسبة المطلوبة مثل الأسمنت ستحصل على “شهادة كربونية” مما يخلق طلبًا على الشهادات وبالتالى لابد أن يقابله عرض مما يزيد الحاجة لسوق كربون.
وأشار إلى أن هيئة الرقابة المالية تجرى مشاورات مع عدة خبراء ومؤسسات دولية لإنشاء منصة للكربون حيث تقوم من خلالها شركات بإطلاق شهاداتها الكربونية عبر هذه المنصة، موضحًا أن العديد من الشركات بقطاعات مشروعات إعادة التدوير لديها قابلية لخفض الانبعاثات.
وذكر أن الشركات التى لن تلتزم أو لن تستطيع تطبيق المعايير سوف تخسر التصدير للسوق الخارجى وبالتالى العوائد الدولارية.
طارق شاهين: شهادات الكربون تشجع على الاستثمار فى الصناعات النظيفة بيئيًا
وقال طارق شاهين، رئيس قطاع الاستثمار بشركة سى آى كابيتال، إن شهادات الكربون تشجع على الاستثمار فى الصناعات النظيفة بيئياً وتوفر الفرصة لقطاع الصناعة المصرى، لأنه ما زال فى مراحل النمو مما يجعل من السهل نسبياً الاتجاه لوسائل الإنتاج الحديثة والتى يتيح لها تداول شهادات الكربون، وتوسع قاعدة التمويل وتعظيم الإنتاج بشكل مستدام.
وأوضح أن تقليل البصمة الكربونية له شقين، أولهما تغيير منهجية عمل الشركات لا سيما تلك التى تعمل فى الصناعات الثقيلة وهذا يحدث بالفعل على مستوى العالم، وثانيهما استحداث تكنولوجات جديدة بهدف خلق نقلة نوعية وهو ما يتطلب تمويلاً كبيرًا وجب فيه مشاركة المؤسسات المانحة للتمويل التنموى وهنا تعثرت بعض الجهود مع ضغوطات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة فى الآونة الأخيرة بالإضافة إلى استمرار المناقشات بين الدول على أولويات التمويل التنموى، ولكن هذا لا تؤثر على الاتجاه العام من منظورنا.
وأضاف شاهين أن التمويل المستدام أصبح مرتبطاً بشكل كبير بمبدأ الاستثمار الرزين – مهما كانت أوضاع الأسواق – لأنه يرجح نوعية الأصول التى لها استمرارية على المدى البعيد ويقوم على إدارتها من يحرص على جعلها أكثر تماشياً مع التشريعات الدولية الخاصة بالبيئة بالإضافة إلى الحوكمة والبعد الاجتماعى، مما يعظم التنافسية والربحية وليس العكس.
وأضاف قائلا: ” أننا نأمل فى المزيد من الإصدارات الخضراء ونرى أن أحد أسباب عزوف الشركات المصدرة للسندات وما شابه عن الإصدارات الخضراء قد يكون فرق تكلفة التمويل عن التمويل العادى وهنا قد تساعد بعض الحوافز الحكومية فى تشجيع هذا القطاع. وأما عن الاتجاه نحو تأسيس صناديق التنمية المستدامة فدور البنك المركزى المصرى والهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية لاستحداث معايير الإفصاح المستدام لكل الشركات الخاضعة للرقابة مما يساعد فى خلق قاعدة بيانات تساعد وتشجع على إنشاء هذا النوع”.
وأكد على الرغبة الجادة فى البدء فى هذا المجال، ومن المنتظر صدور تشريعات مكملة من الجهات الرقابية تتيح الفرصة لشركات الاستثمار لطرح الأدوات المناسب.
ليبرا كربون: نعمل مع إصدار التحقق لشهادات الكربون
قال أحمد رضا مدير عام شركة ليبرا كربون- إحدى الشركات التابعة لـ «ليبرا كابيتال»، إن سوق الكربون ستمثل فرصة لجذب الاستثمارات بمصر ولتخضير الصناعات القائمة الواقعة تحت اتفاقية تعديل الحدود الكربونية الصادرة عن الاتحاد الاوروبى.
وأضاف رضا أن شركة ليبرا كربون تقوم بتقييم الأداء البيئى للمصنع فى مجال الطاقة النظيفة والمتجددة وترشيد استخدام الموارد وتحسين إدارة الطاقة والماء بالإضافة إلى إدارة المخلفات والمساعدة على جذب استثمارات للتقليل من الانبعاثات مثل مشروعات الطاقة المتجددة وكيفية تحويل المشروعات لشهادات كربونية.
وتابع أن التكلفة الاستثمارية تمثل تحدى أمام الشركات المصدرة للشهادات الكربونية، لافتًا إلى أن شركته تعمل على التأكد من صحة الشهادة الكربونية، سواء كانت هى المصدر لها أو جهة أخرى، حيث تقوم الشركة باستقبال محقق دولى يعمل على التصديق والتحقق من صحة الشهادة وتقوم الشركة بتدريب العاملين فى الحوكمة البيئية والاجتماعية على التأكد من صحة الشهادة وتتعاقد الشركة مع عدد من المتدربين حيث يقوموا بالعمل محلياً.
وأشار إلى أن الشركة تعمل فى الفترة القادمة على عدد من المشروعات لتحسين وترشيد استخدام الطاقة، والهيدروجين الأخضر وبالتالى الأمونيا الخضراء وتعمل حالياً على إنتاج وتوليد طاقة جديدة ومتجددة حيث ستقوم بإصدار سندات كربون لها.
أحمد رشدى: مؤسستان محليتان تقدمتا للحصول على رخصة المصادقة والتحقق
وفى سياق متصل، قال أحمد رشدى، مستشار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، والمدير التنفيذى للمركز الإقليمى للتمويل المستدام، إنه من المقرر إطلاق سوق طوعى لتداول شهادات الكربون، والتى تنقسم إلى نوعين أساسين هما شهادات الإزالة (إزالة الكربون بالأساليب التكنولوجية) و الاحتجاز (احتجاز الكربون بالاعتماد على الطبيعة) ، وشهادات التجنب والتخفيض (تجنب خسارة الطبيعة الراهنة)، مضيفًا أن نحو 6 مشروعات بالسوق المصرية أصدرت حتى الأن نحو 230 ألف شهادة طوعية.
وأشار مستشار رئيس الهيئة، إلى أن أبرز متطلب هو شهادة التحقق وشهادة المصادقة، موضحًا الفرق بين عملية المصادقة Validation وعملية التحقق Verification، قائلًا إن المصادقة هى عملية أولية تتم قبل تنفيذ المشروع بهدف تقييم تصميم المشروع للتأكد من أن المشروع يفى بمتطلبات المعايير الواجب الالتزام بها من قبل سجلات خفض الكربون ويحسب ويرصد تخفيضات غازات الدفيئة من خلال المنهجيات المعتمدة، بعد المصادقة يتم تجربة المشروع وتتم عملية التحقق، والتى تعتبر إقرار صارم لجودة تنفيذ المشروع وتقديم الفوائد المتحققة من المشروع خلال فترة زمنية معينة، بالإضافة إلى التأكد من خفض كمية الغازات التى قدمها مطور المشروع للحصول على الموافقة.
ولفت إلى أن عملية المصادقة والتحقق تتم وفقًا لمتطلبات الكفاءة على النحو المنصوص عليه فى شهادة 14064 ISO و14065 ISO ، وهناك مؤسستين محليتين تقدمتا للحصول على رخصة المصادقة والتحقق من قبل المجلس الوطنى للاعتماد.
غادة على: سوق الكربون فى مصر ستجذب رؤوس أموال أجنبية
وترى الدكتورة غادة على عضو مجلس النواب، أن فلسفة قانون رأس المال ، قامت على أساس خفض الانبعاثات الكربونية وكيفية تداول هذه الآليات للخفض داخل الدول والتنسيق بين الدول وبعضها.
وأضافت أن مصر من الدول المنخفضة الانبعاثات الكربونية ومن ثم يكون سيكون هناك جذب لرؤوس الأموال الأجنبية داخل مصر كما أن أسعار شهادات الكربون ستزيد نتيجة زيادة الاقبال عليها.
كتبت: إشراق صلاح الدين
