دور مصر الإقليمى يسمح بزيادة التدفقات ويحد من الأثر السلبى للحروب فى المنطقة
توقع بنك الاستثمار الأمريكى مورجان ستانلى إقدام مصر على خفض الجنيه جزئياً، خلال الربع الأول من العام المقبل، إلى مستوى 39 جنيهاً للدولار.
ويبلغ السعر الرسمى للدولار حالياً 31 جنيهاً، فى حين يزيد السعر غير الرسمى على ذلك بأكثر من 60%؛ نتيجة أزمة عملة تخيم على البلاد منذ الربع الأول من 2022.
وتوقع «مورجان ستانلى» أن تلجأ مصر إلى الخفض بدلاً من الانتقال لنظام سعر صرف مرن، واحتفظت بتوصيتها للاستثمار فى الدين المصرى مع تفضيل الديون طويلة الأجل.
ولكنه لم يستبعد أن تؤجل الحكومة الخفض إلى ما بعد الربع الأول من 2024، والدعم المتوقع من المؤسسات الدولية قد يدفع الحكومة لتأجيل خفض الجنيه فى ضوء الضغوط التى واجهتها الموازنة خلال الربع الأول من العام المالى.
أضاف أن الحكومة قد تفضل الانتظار أيضاً حتى تصبح ظروف التمويل العالمية مواتية أكثر.
وقال إنَّ مصر ستواصل سياسات الإصلاح عقب الانتخابات الرئاسية، مع تجدد جهود الخصخصة، وخفض الدين، لكن سياسة سعر الصرف يشوبها عدم اليقين فى ظل عدم تحديد حجم الطلب المُعلق بدقة.
نمو الاقتصاد سيستقر العام المالى الحالى ويتسارع فى 2025
أوضح أن 3 عوامل تحدد سياسات مصر لسعر الصرف مستقبلاً؛ تشمل التأثير المحتمل على تكلفة المعيشة، وعجز الموازنة، وشروط صندوق النقد، رغم تغير لهجة الصندوق التشددية بشأن الجنيه، وآفاق التمويل الإضافى من المقرضين متعددى الأطراف والإقليميين فى ظل ارتفاع أهمية موقع مصر الجغرافى.
ورجح أن تلجأ مصر لخفض الجنيه دون مستويات السوق الموازية مع توافر تمويلات بشكل استباقى ما بين 5 و7 مليارت دولار من المقرضين متعددى الأطراف والإقليميين، بما يخفض الضغط على السوق الموازية، ويسهم فى تعافٍ محدود للتدفقات النقدية.
ولكنه حذر من أن عدم تطور التحريك المبدئى لسعر صرف مرن، أو نظام مرن مُدار يسمح بمرونة مستدامة فى سعر الصرف سيؤدى لاستمرار الضغط على السوق الموازية والاحتياطيات.
وأشار إلى أن التيسير النقدى المتوقع فى الأسواق العالمية، خلال النصف الثانى من 2024، سيؤدى لزيادة التمويلات متعددة الأطراف، بما يسمح للسلطات بتبنى نظام سعر صرف أكثر مرونة بما يمهد لاستقرار الاقتصاد الكلى فى مصر.
وتوقع البنك استقرار نمو الاقتصاد المصرى عند 3.8%، خلال العام المالى الحالى، على أن يرتفع إلى 4.8% العام المالى المقبل.
وأرجع استقرار النمو عند المستويات المنخفضة إلى تباطؤ الاستهلاك الخاص إلى 2.3%، خلال العام المالى الحالى، لكن سيعوضه نمو تراكم الاستثمارات إلى 3.6%، خلال العام المالى الحالى، مقابل انخفاضها 33.7% خلال العام المالى الماضى.
وذكر أن استهلاك الحكومة سيرتفع 5.9%، خلال العام المالى، مقابل 5% خلال العام الماضى، على أن يتباطأ إلى 2.9% خلال العام المالى المقبل.
وقدَّر البنك أن التضخم سيصل إلى 29% فى المتوسط خلال العام المالى الحالى، مقابل 33% العام المالى الماضى على أن ينخفض إلى 16.3% خلال العام المالى المقبل.
وتوقع أن يرفع البنك المركزى الفائدة 2% خلال العام المالى الحالى ليصل العائد على الإيداع لليلة واحدة إلى 21.25%، على أن يخفضها 4% خلال العام المالى المقبل.
ورجح أن يسجل عجز الموازنة كنسبة للناتج المحلى إلى 7.8% مقابل 6.1% على أن ينخفض إلى 6.5% خلال العام المالى المقبل.
ويرى البنك أن الدين العام كنسبة للناتج المحلى سيعود لمساره التنازلى عند 92.1% بنهاية العام المالى الحالى مقابل 95.7% العام المالى الماضى، على أن يتراجع أكثر إلى 91.5% خلال العام المالى المقبل.
وذكر البنك أن مصر أحرزت تقدماً فى ملف الخصخصة، وحققت مستهدف العام المالى الماضى، وأن تحقيق مستهدف العام المالى الحالى سيرسل إشارة إيجابية للمستثمرين، من خلال خصخصة الأصول خلال العام المالى الحالى، وكذلك استعداد الجهات السيادية لبيع الأصول التى تمتلكها.
وذكر أن الفجوة بين سعر الصرف الرسمى والموازى اتسعت، وأن السوق بدأ يسعر خفضاً أكبر للجنيه منذ تصاعد الخلافات الجيوسياسية.
ونوه بأن الاتجاه السياسى لتثبيت سعر الصرف يمكن فهمه فى ظل ارتفاع التضخم لمستويات قياسية، وأن نسبة معتبرة من المصريين تحت خط الفقر، لكن بالفعل بما قد يسمح نظرياً على الأقل بوصول الدولار لسعر من شأنه حل السوق الموازية بما يخفض الضغوط التضخمية من جانب العرض، ويؤدى لاستقرار السيولة الأجنبية فى المدى المتوسط.
لكن الضغوط التضخمية المحتملة فى المدى القصير تجعل اتخاذ القرار صعباً.
ويرى البنك، أيضاً، التعويم المحتمل فى ظل ما يعنيه ذلك من ارتفاع فى عجز الموازنة والدين؛ نتيجة زيادة تكاليف الواردات مثل القمح، والزيوت، وزيادة تكاليف الدعم، والفوائد التى تمثل نسبة كبيرة بالفعل، مقارنة بالإيرادات الضريبية تؤدى لمخاوف مالية تزيد حدتها فى ظل ارتفاع فائدة سندات الخزانة الأمريكية، وارتفاع مدفوعات الفوائد للإيرادات الضريبية، ورغم وجاهة تلك الأسباب يرى البنك أن استخدام احتياطيات أجنبية محدودة بالفعل للحفاظ على سعر الصرف يزيد من مخاطر تخفيض أكبر فى قيمة الجنيه بما يؤجل الأثر المالى لكن يجعله يتضخم.
«المركزى» سيتجه لرفع الفائدة 2% العام المالى الحالى وقد يخفضها 4% العام المقبل
ولفت إلى أن خفض لهجة الصندوق بشأن سعر الصرف يعكس ارتفاع المخاطر الجيوسياسية ودور مصر فى المنطقة ما يدعم رؤيتهم أن السلطات ستتجنب الانتقال لسعر الصرف مرن لتجنب انخفاض حاد.
أضاف أنه رغم ما تمثله الحرب على غزة من تداعيات سلبية بشأن عجز الحساب الجارى وتأثير على إيرادات السياحة، لكنها قد تحفز تمويلات من مقرضين بالخليج وأوروبا نتيجة دور مصر فى المنطقة.
وأشار إلى اعتزام الاتحاد الأوروبى توفير حزمة تمويلية كبيرة لمصر تصل إلى 10 مليارات دولار كاستثمارات فى الرقمنة والطاقة والزراعة والنقل وتخفيف عبء الدين.
ولفت إلى أن توقيت تلك التمويلات سيكون فارقاً لمصر، التى تبدو سلطاتها مستهدفة قدراً معيناً من السيولة الأجنبية قبل السماح بتحرير سعر الصرف؛ لتجنب عدم نجاح التعويم الكلى أو الجزئى للعملة.
وقال البنك إنه بناءً على الرؤية الإيجابية لتسارع زخم الإصلاحات فإنه متفائل بديون مصر طويلة الأجل وأوصى بشراء السندات استحقاق 2050، وإن السوق بمجرد انتهاء الانتخابات سيتجه لمتابعة تطورات سعر الصرف.
وأشار إلى أن هناك ارتباطاً بين أداء السندات وسعر الصرف الحقيقى الفعال، ما يعنى أن خفض الجنيه سيؤدى إلى تأثير إيجابى على السندات المصرية.
وذكر أن ضعف تمركز المستثمرين بالأسواق للديون المصرية إذ تشكل نحو 0.18% من أصولهم مقابل 0.84% فى متوسط 4 سنوات، يسمح بزيادة التعرض لها أكثر من أقرانها.
ونوه بأن احتفاظ مؤسسات التصنيف الثلاث برؤية مستقبلية مستقرة عامل إيجابى ثالث يدعم ثقتها فى السندات المصرية المقومة بالدولار.