هبطت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين إلى أدنى مستوى لها منذ مايو، إذ عزز الانخفاض المفاجئ في أسعار المنتجين الأمريكيين الرهانات على خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام.
يتوقع المتداولون احتمالية بنسبة 80% لخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في مارس، مقارنةً بما يزيد قليلاً عن 50% قبل أسبوع.
جاءت بيانات أسعار المنتجين بعد يوم واحد من صدور أرقام مؤشر أسعار المستهلكين التي فاقت التوقعات، مما يسلط الضوء على المسار الوعر الذي يواجهه مسؤولو السياسة النقدية لجذب التضخم إلى هدف 2%.
من جانب آخر، يفحص المستثمرون أيضاً نتائج أعمال البنوك مع بدء موسم الإعلان عن الأرباح، بينما يراقبون التطورات الجيوسياسية قبل يوم عطلة مارتن لوثر كينج جونيور، الإثنين.
مخاطر التوترات الجيوسياسية
قال بن جيفري من “بي إم أو كابيتال ماركتس”: “نعتقد أنه لا يوجد ما يثني السوق عن الضغط على خفض الفائدة في مارس.. خاصة في ظل التصعيد الجيوسياسي في البحر الأحمر والمخاطر الرئيسية الضمنية ذات الصلة من منظور التضخم المدفوع من جانب العرض، والابتعاد عن الأصول الخطرة أوقات الأزمات”.
انخفضت عائدات السندات الأمريكية لأجل عامين 10 نقاط أساس إلى 4.15%. وبينما يواصل المتداولون توقع التخفيض الأول لسعر الفائدة في مايو، فقد توقعوا إجراء تيسير نقدي بنحو 20 نقطة أساس في مارس، علماً بأن تغيرات أسعار الفائدة تاريخياً عبارة عن تحركات قدرها 25 نقطة أساس.
كان انخفاض تكاليف الطاقة، وتغلب سلاسل التوريد على ضغوط الوباء، من بين الأسباب الرئيسية لانخفاض التضخم خلال العام الماضي.
وتعيق اضطرابات البحر الأحمر هاتين القوتين اللتين تؤديان إلى انكماش الأسعار، واللتين كان يعول عليهما محافظو البنوك المركزية في أن تساعدهم في إنهاء المهمة.
قال محمد العريان، رئيس كلية كوينز في كامبريدج وكاتب مقالات الرأي، الجمعة في مقابلة على تلفزيون بلومبرج: “هذا عالم نحن معرضون فيه في البداية لأزمات العرض، ثم نتلقى هذه الصدمة الإضافية”.
التضخم ورهانات خفض الفائدة
أما كريس لاركين، من “إي تريد” التابعة لـ”مورجان ستانلي”، فيرى أنه قد يكون من المبالغة بعض الشيء وصف أرقام التضخم التي جاءت أقل من المتوقع اليوم بأنها “مفاجأة” علماً بأن أسعار المنتجين تراجعت بالفعل بشكل أسرع من أرقام المستهلكين لفترة طويلة.
وأضاف: “يميل السوق إلى الصعود مع ورود أي بيانات تتناسب مع سرد “تراجع التضخم يعني خفض أسعار الفائدة”، لكننا سنرى ما إذا كانت هذه القصة ستصطدم بواقع السوق التي تتوقع بالفعل العديد من التخفيضات في أسعار الفائدة”.
قد يجد الاحتياطي الفيدرالي عزاءً في تباطؤ التضخم منذ أن بلغ ذروته في منتصف 2022. كما أن الاتجاه نحو تناقص ضغوط الأسعار يفسر سبب دراسة صناع السياسات النقدية خفض أسعار الفائدة هذا العام.
وأظهر أحدث استطلاع شهري للمعنويات أجراه “بنك أوف أمريكا” أن المستثمرين خفضوا توقعاتهم لأي قرارات رفع فائدة مفاجئة من الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، بينما يرون خطراً متزايداً لمثل هذه التحركات من البنوك المركزية في منطقة اليورو ومناطق أخرى.
انخفض عدد المشاركين الذين يتوقعون تحركاً أكثر تشدداً بشأن السياسة النقدية مقارنة بتوقعات السوق إلى 33% في أحدث استطلاع للبنك، من 51% في ديسمبر.
ورغم الانخفاض، “لا يزال يُنظر إلى الاحتياطي الفيدرالي على أنه من المرجح أن يقدم مفاجأة متشددة من غيره”، وفق ما كتب استراتيجيو “بنك أوف أمريكا”، بمن فيهم رالف بروسر، في مذكرة.
“باركليز” يرجح خفضاً مبكراً لأسعار الفائدة
من جهة أخرى، يتوقع اقتصاديو بنك “باركليز” بداية تيسير الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية بشكل مبكر، ويطالبون الآن ببدء خفض أسعار الفائدة في مارس بدلاً من يونيو.
وكتب مارك جيانوني وجوناثان ميلار: “بالنظر إلى التقدم الأخير بشأن التضخم، نعتقد أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سيكون لديها مجال لخفض أسعار الفائدة دون الحاجة إلى رؤية ضعف كبير في الاقتصاد أو سوق العمل”.
بعد الارتفاع الكبير الذي حققته الأسهم الأمريكية في الربع الأخير من العام الماضي، بدأ المستثمرون في تحويل توجهاتهم نحو ما يتعين على الشركات إظهاره في نتائج أعمالها.
لم يتم تضمين الكثير في التوقعات، لذلك هناك مجال لمفاجأة صعودية، حيث يتوقع المحللون أن تحقق شركات مؤشر “إس آند بي 500” نمواً في أرباح الربع الرابع بنسبة 1.1% في المتوسط مقارنة بالعام السابق، وهو ما سيكون أصغر رقم إيجابي منذ ما قبل الوباء، وفقاً لبيانات تم تجميعها بواسطة بلومبرج إنتليجنس، وارتفع مؤشر الأسهم 11% في الربع الأخير، وهو أفضل أداء منذ 2020.
ويوم الجمعة، أشار قادة أكبر البنوك الأمريكية إلى نهاية السجل القياسي لأكبر مصدر لإيرادات المصارف، فاجأ “ويلز فارجو” المحللين بتوقعه انخفاض صافي دخل الفائدة 9% العام الحالي، بينما توقع “سيتي جروب” انخفاضاً متواضعاً هذا العام، وحتى “جيه بي مورجان”، الذي يتوقع استمرار تحقيقه عائدات قياسية في 2024 عند مستويات العام الماضي، يُرجح أن تنخفض على مدار العام.