تعمل روسيا على إعداد طعن قانوني لتعطيل أي جهود من جانب الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا لمصادرة بعض أصول بنك روسيا المركزي المجمدة بقيمة 300 مليار دولار لصالح أوكرانيا، بحسب مصادر مطلعة.
قالت المصادر لوكالة بلومبرج، إن المسؤولين في موسكو، الذين يدرسون احتمالية حدوث مصادرة للأموال، انتهوا إلى أنهم لا يرجحون مثل هذه النتيجة.
ويقترب بنك روسيا المركزي حالياً من إبرام اتفاق مع شركات محاماة دولية لتمثيل مصالح البلاد في حالة نشوب مواجهة قضائية بالمحاكم.
ذكرت المصادر، أن السلطات كلفت أيضا خبراء بتحليل التشريعات ذات الصلة بالخارج والسوابق المشابهة مع بلدان أخرى.
الموقف الأمريكي
ازدادت ضرورة تحرك روسيا في وقت احتدمت فيه المناقشات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها حول مصير الأصول المحظورة بعد أيام من غزو أوكرانيا خلال فبراير 2022.
تقع هذه المسألة أيضاً في دائرة الضوء في ظل انقسامات سياسية في أمريكا والاتحاد الأوروبي تسبب في حجب ما يفوق 110 مليارات دولار من المساعدات لحكومة كييف.
أفاد تقرير لـ”بلومبرج” الأسبوع الماضي، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تدعم حالياً تشريعاً سيسمح لها بمصادرة بعض الأصول الروسية، في تحول لموقفها.
ويريد البيت الأبيض أن تتماشى هذه الخطوة مع حلفاء مجموعة الدول السبع الكبري، لا سيما في أوروبا، حيث تم تجميد ثلثي الأموال الروسية المصادرة، وحيث كان دعم عملية الاستيلاء، خاصة بشكل منفرد، فاتراً.
امتنع بنك روسيا المركزي عن التعليق على خططه. ورداً على سؤال حول تداعيات التحرك المحتمل الذي اتخذه الغرب، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن روسيا ستطعن عليها أمام القضاء، وحذر من أنها قد تتخذ إجراءات انتقامية، بحسب خدمة وكالة “تاس” الإخبارية التابعة للدولة.
تكاليف كبيرة
نُقل عن “بيسكوف” قوله أمس، إن ذلك سيترتب عليه تكاليف قضائية وقانونية كبيرة بشدة لمن يتخذون قرارات من هذا النوع.
كان التحرك في مسار قانوني خياراً طرحه كبار المسؤولين الروس منذ مدة طويلة، إذ صرحت محافظة البنك المركزي إلفيرا نابيولينا يوليو الماضي بأن البنك يقترب من أن يكون مستعداً للطعن على قرار التجميد.
خلال مقابلة في ديسمبر مع صحيفة “أر بي سي”، وصفت القرار بأنه إشارة سلبية بشدة لكافة البنوك المركزية، لأنها تمثل انتهاكاً للمبادئ الأساسية لأمن الاحتياطي النقدي.
يثق المسؤولون المشاركون بالمناقشات في أن بدء إجراءات التقاضي بالمحاكم سيمنع أي تحويل للأموال إلى أوكرانيا حتى لو كانت روسيا غير قادرة على انتزاع السيطرة على الأموال.
فرصة ضئيلة
تتمثل وجهة نظر هؤلاء المسؤولين في أن فرصة الغرب ضئيلة أمام المحكمة، كما أنه لا يملك أسباباً مشروعة للمصادرة التي استندت لتشريعات تم تبنيها بعد عملية التجميد.
تتطابق المبررات مع التحليل الذي نشرته الشهر الماضي مؤسسة “روسكونجرس فاونديشن” المدعومة من الدولة، وهي مؤسسة تنموية ومنظمة لحدث كبير في روسيا.
أثبت التقرير، الذي تناول دراسة استقصائية لتجربة تجميد ومصادرة أصول بلدان بداية من العراق حتى كوريا الشمالية، أن المخاطر الحقيقية المتمثلة في إمكانية مصادرة احتياطيات البنك المركزي الروسي ما زالت محدودة.
عقود من التقاضي
أضافت الدراسة أنه في ظل غياب تشريع دولي واضح، فإن أي محاولات للاستيلاء على الأصول ستعتمد على قوانين محلية للبلدان التي فرضت عقوبات على روسيا.
على إثر ذلك، ينبغي أن تكون روسيا قادرة على الطعن في القرارات المتعلقة باحتياطياتها المجمدة، ما يقود للتقاضي الذي من الممكن أن يستمر لعقود، مع نتائج محتملة غير واضحة، بحسب “روسكونجرس”.
رجحت الدراسة، أن تبقى الأموال محظورة حتى تستقر العلاقات مع روسيا أو طرح تسوية مشتركة، متوقعة أن تسفر الإجراءات الأكثر حزماً، فيما يرتبط بالأصول المجمدة، عن تدفق تريليونات الدولارات من الولايات المتحدة الأميركية إلى بلدان أخرى”.
يعتمد الطعن القانوني لروسيا على ظروف التدابير المتخذة ووجود اتفاقية ثنائية حول حماية الاستثمارات، بحسب سيرجي جلاندين، الشريك في “بي جي بي ليتجيشن” في موسكو والمتخصص في قانون الامتثال والجزاءات.
محاكم دولية
ذكر جلاندين، أن القنوات المحتمل أن تسلكها روسيا يمكن أن تتضمن اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي أو المحكمة الابتدائية الأمريكية للمقاطعة الجنوبية في نيويورك ومحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج.
اختتم بأن محاولة مصادرة الأصول ستثير نزاعات قضائية متعددة أمام المحاكم لسنوات عديدة، محذراً من حرب مصادرة للأصول رداً على ذلك.