شحنات النفط الروسي تتعافى رغم عرقلة العقوبات للناقلات

عوّضت صادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحراً نحو نصف خسائر الأسبوع الماضي، على الرغم من وجود أدلة متزايدة على أن العقوبات بدأت أخيراً في تثبيط سلسلة توريد النفط في موسكو.

جاء هذا الانتعاش بعد انتهاء أعمال الصيانة في أهم محطة تصدير بمنطقة البلطيق في روسيا، وبعد أن بدأت العواصف التي ضربت مراراً ميناء روسيا الرئيسي في المحيط الهادئ خلال الأسابيع الأخيرة في التراجع. وأظهرت بيانات تتبع الناقلات التي جمعتها “بلومبرج” أن الاضطرابات السابقة تركت متوسط التدفقات لأجل أربعة أسابيع أقل بقليل من هدف الصادرات الروسية في الربع الأول.

لن تقبل مصافي النفط الهندية –ثاني أكبر عملاء موسكو بعد الصين منذ غزو أوكرانيا عام 2022– الناقلات المملوكة لشركة “سوفكومفلوت” (Sovcomflot) التي تديرها الدولة بسبب المخاطر التي تشكلها العقوبات المشددة مؤخراً. ويبدو أن ذلك أدى إلى توقف العديد من السفن التي تنقل الخام الروسي قبالة سواحل الدولة الآسيوية، مع تحويل سفن أخرى لوجهتها باتجاه الصين.

قيود التصدير على النفط الروسي

أما السفن التي صنفتها وزارة الخزانة الأمريكية على أنها تنتهك الحد الأقصى لأسعار مجموعة السبع، فلم تُحمل أي شحنة منذ أن تم وضعها على قائمة السفن الخاضعة للعقوبات. ومن ثم تم تحويل العديد منها إلى البحر الأسود، حيث اختفت من شاشات التتبع، فيما ترسي سفن أخرى بالقرب من موانئ على سواحل روسيا على بحر البلطيق والمحيط الهادئ.

مع ذلك، ففي الوقت الحالي، لم ينخفض إجمالي تدفقات النفط الخام على نطاق كبير، مع ارتفاع الشحنات بالأسبوع المنتهي في 24 مارس بنحو 360 ألف برميل يومياً. إضافة إلى وجود أسطول ظل من الناقلات المستعدة لنقل النفط الروسي يبلغ حجمه 600 سفينة على الأقل، ولا يزال هناك الكثير من السفن التي يمكن أن تساهم في الحفاظ على تدفق النفط.

ساعد انتعاش الشحنات على تعزيز عائدات موسكو من النفط. كما عوضت القيمة الإجمالية لصادرات النفط الخام نحو نصف الانخفاض الذي سجلته في الأسبوع السابق، وارتفعت إلى 1.68 مليار دولار في الأيام السبعة حتى 24 مارس مقارنة بـ1.48 مليار دولار في الفترة حتى 17 مارس. كما ارتفع متوسط الدخل لأربعة أسابيع بنحو 15 مليون دولار إلى 1.62 مليار دولار في الأسبوع.

تفريغ مخزونات خام سوكول

حتى تم الآن تفريغ معظم المخزونات المتراكمة من خام سوكول الروسي الذي تراكم بعد أن رفضته شركات التكرير الهندية. وتم تسليم حوالي 8.4 مليون برميل إلى المصانع في الصين، مع عودة حوالي 3.5 مليون برميل في النهاية إلى الهند. وتم تسليم شحنة واحدة إلى باكستان.

يعني هذا أن حوالي 5.5 مليون برميل لم يتم تفريغها بعد، ونصفها تقريباً يتجه نحو الهند. وتوجهت جميع شحنات سوكول التي تم تحميلها حتى الآن هذا الشهر مباشرة إلى الصين.

التدفقات حسب الوجهة

ارتفعت تدفقات النفط الخام الروسي المنقولة بحراً خلال الأسبوع المنتهي في 24 مارس إلى 3.32 مليون برميل يومياً. ومع ذلك، تراجع متوسط الأربعة أسابيع الأقل تقلباً للأسبوع الثاني بنحو 40 ألف برميل يومياً إلى 3.24 مليون برميل يومياً.

وكانت الشحنات الأسبوعية أقل بحوالي 260 ألف برميل يومياً من المتوسط الذي شوهد في مايو ويونيو، أو حوالي 40 ألف برميل يومياً أعلى من هدف روسيا في الربع الأول، والذي يعد جزءاً من الجهد الأوسع لتحالف “أوبك +” للحد من الإمدادات ودعم الأسعار. وكان متوسط الأربعة أسابيع أقل بنفس القدر من الهدف.

وجميع الأرقام المذكورة لا تشمل الشحنات التي تم تحديدها على أنها من نوع كيبكو الكازاخستاني، وهي الشحنات التي قدمتها شركة “كاز ترانزويل” (KazTransoil)، والتي تعبر في روسيا للتصدير عبر ميناء “نوفوروسيسك” على البحر الأسود وميناء “أوست لوغا” على بحر البلطيق، ولا تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي أو سقف للأسعار.

يتم مزج البراميل الكازاخستانية مع الخام من أصل روسي لإنشاء درجة تصدير موحدة. ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، قامت كازاخستان بإعادة تسمية شحناتها لتمييزها عن تلك التي تشحنها الشركات الروسية.

شحنات النفط الروسي إلى آسيا

ارتفعت الشحنات المرصودة لعملاء روسيا الآسيويين، بما في ذلك تلك التي لا تظهر وجهة نهائية، إلى 2.93 مليون برميل يومياً في الأسابيع الأربعة الممتدة حتى 24 مارس، ارتفاعاً من 2.86 مليون برميل في فترة الأسابيع الأربعة السابقة.

وتم تحميل حوالي 1.21 مليون برميل من النفط الخام يومياً على الناقلات المتجهة إلى الصين. وتتعزز واردات الدولة الآسيوية المنقولة بحراً بنحو 800 ألف برميل يومياً من النفط الخام الذي يتم تسليمه من روسيا عبر خطوط الأنابيب، إما مباشرة أو عبر كازاخستان. فيما بلغ متوسط الشحنات على السفن التي تشير إلى وجهات في الهند نحو 1.22 مليون برميل يومياً.

وجهات غير معروفة

من المتوقع أن يرتفع عدد الشحنات المتجهة إلى الصين والهند مع اتضاح موانئ التفريغ التي تتجه لها السفن لكنها لا تُظهر وجهاتها النهائية حالياً.

كان ما يعادل 385 ألف برميل يومياً موجوداً على متن السفن التي ترسل إشارات إلى بورسعيد أو السويس في مصر، أو من المتوقع أن يتم نقلها من سفينة إلى أخرى قبالة ميناء “يوسو” الكوري الجنوبي. وتنتهي هذه الرحلات عادةً في موانئ في الهند أو الصين. ويشمل هذا الرقم شحنات خام سوكول العالقة، التي لا تزال تنتظر التفريغ بعد فشلها في العثور على مشترين في الهند منذ منتصف ديسمبر.

أما الكميات “الأخرى غير المعروفة”، والتي تبلغ حوالي 80 ألف برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 24 مارس، فهي تلك الموجودة على الناقلات التي لا تظهر وجهة واضحة. وتنطلق معظم هذه الشحنات من الموانئ الغربية لروسيا وتستمر في عبور قناة السويس، لكن قد ينتهي الأمر ببعضها في تركيا. ويمكن نقل آخرين من سفينة إلى أخرى، حيث تتم معظم عمليات النقل هذه الآن في البحر الأبيض المتوسط، قبالة سواحل اليونان.

أوروبا وتركيا

توقفت صادرات روسيا من النفط الخام المنقولة بحراً إلى الدول الأوروبية. ومع توقف التدفقات إلى بلغاريا في نهاية العام الماضي، أصبحت تركيا الآن السوق الوحيدة قصيرة المدى للشحنات من الموانئ الغربية لروسيا.

,انخفضت الصادرات إلى تركيا إلى حوالي 290 ألف برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 24 مارس. وهذا هو أدنى مستوى في ستة أسابيع وانخفاضاً من 390 ألف برميل يومياً المنقحة في الفترة حتى 17 مارس.

يتم التحقق من بيانات تتبع السفن مقابل تقارير وكيل الميناء بالإضافة إلى التدفقات وحركات السفن التي أبلغ عنها مقدمو المعلومات الآخرون بما في ذلك “كبلر” (Kpler) و”فورتكسا” (Vortexa).

قيمة الصادرات

بعد إلغاء رسوم التصدير على الخام الروسي، بدأنا في تتبع القيمة الإجمالية لصادرات النفط الخام المنقولة بحراً، باستخدام بيانات أسعار “آرغوس ميديا”(Argus Media) ونظام تتبع الناقلات الخاص بنا.

استعادت القيمة الإجمالية لصادرات النفط الخام الروسية نحو نصف الانخفاض الذي سجلته في الأسبوع السابق، حيث ارتفعت إلى 1.68 مليار دولار في الأيام السبعة الممتدة حتى 24 مارس، مقارنة بـ1.48 مليار دولار في الفترة حتى 17 مارس. كما ارتفع متوسط الدخل لأربعة أسابيع بنحو 15 مليون دولار إلى 1.62 مليار دولار في الأسبوع. ولا يزال متوسط الأربعة أسابيع بعيداً عن ذروته البالغة 2.17 مليار دولار في الأسبوع، والتي تم الوصول إليها في الفترة الممتدة حتى 19 يونيو 2022. وكان أعلى مستوى وصل إليه العام الماضي هو ملياري دولار في الأسبوع خلال الفترة الممتدة حتى 22 أكتوبر.

وفي غضون الأسابيع الأربعة الأولى التي تلت تطبيق سقف الأسعار الذي فرضته مجموعة الدول السبع على صادرات النفط الخام الروسية حيز التنفيذ في أوائل ديسمبر 2022، انخفضت قيمة التدفقات المنقولة بحراً إلى مستوى منخفض بلغ 930 مليون دولار في الأسبوع، لكنها سرعان ما تعافت.

احتساب الأسعار

يتم حساب الأسعار عن طريق ضرب متوسط سعر النفط الخام الأسبوعي من “آرغوس ميديا” في تدفق الصادرات الأسبوعي من كل ميناء. واعتمدت التسعيرة على عقود التسليم الحر على ظهر السفينة (FOB) بالنسبة للشحنات الصادرة من موانئ البلطيق والقطب الشمالي، حيث استخدمنا سعر خام الأورال في عقود التسليم على ظهر السفينة في ميناء “بريموترك”، وفقاً لأسعار الإغلاق في لندن بتاريخ محدد، ومتوسط السعر لذلك اليوم. أما بالنسبة للشحنات من البحر الأسود، فاستخدمنا سعر خام الأورال المتوسط الذي يتم تحميله على متن سفينة “أفراماكس” وفقاً لعقد تسليم حر على ظهر السفينة في ميناء “نوفوروسيسك”، بحسب أسعار الإغلاق ببورصة لندن في تاريخ محدد، ومتوسط السعر لذلك اليوم.

أسطول ظل يبلغ حجمه 600 سفينة على الأقل يرغب في نقل النفط الروسي.. والشحنات ارتفعت بنحو 360 ألف برميل يومياً. ومن الجدير بالذكر هنا أنه تم إلغاء رسوم التصدير في نهاية عام 2023 كجزء من خطط الإصلاح الضريبي طويلة الأمد في روسيا.

السفن التي تغادر الموانئ الروسية

تظهر بيانات تتبع السفن وتقارير وكلاء الموانئ أن 31 ناقلة قامت بتحميل 23.2 مليون برميل من الخام الروسي خلال الأسبوع المنتهي في 24 مارس، بزيادة قدرها 2.5 مليون برميل عن الأسبوع السابق.

وربما تكون الرياح العاتية في بداية الأسبوع أعاقت الشحنات التي تخرج من محطة كوزمينو الروسية في المحيط الهادئ. وكانت الرياح تهب بسرعة تزيد عن 30 ميلاً في الساعة خلال يومين من الأيام الثلاثة الأولى من هذه الفترة، وفقاً لبيانات من موقع “فيجوال كروسينغ دوت كوم” (visualcrossing.com).