قال مدير مركز أبحاث أوروبي بارز، إن البنك المركزى الأوروبى يظهر “تحيزا محافظا” لأنه يتردد في خفض أسعار الفائدة قبل ظهور المزيد من الإشارات على تباطؤ نمو الأجور ــ وهو النهج الذي يثير قلقا مفرطا بشأن الارتفاع المحتمل في التضخم ــ وهو ما قد يؤدي إلى إطالة أمد النمو الاقتصادي الضعيف في منطقة اليورو.
ولفت جيرومين زيتلماير، مدير مركز بروجل البحثي المؤثر في مجال السياسة الأوروبية، الانتباه إلى حقيقة أن البنك المركزي الأوروبي يواجه “عملية توازن دقيقة ” بين الرغبة في ألا تؤدي زيادات الأجور إلى زيادة التضخم وخطر أن سياسته التقييدية ستضر بلا داع الاقتصاد الأوروبي الهش.
ومع ذلك، أشار إلى أن قرار البنك المركزي الأوروبي بانتظار إصدار بيانات الأجور الأحدث – على الرغم من انخفاض نمو الأجور السنوي في الاتحاد الأوروبي من 5.1% إلى 4.6% خلال الربع الأخير من العام 2023 – يضع تركيزا مفرطا على الرياح المعاكسة التضخمية، وبالتالي فإن هذا الموقف يهدد بإلقاء اقتصاد منطقة اليورو في فخ سيناريو “الركود المزمن”، أي انخفاض النمو على المدى الطويل.
وأوضح زيتلماير، في حدث نظمه مركز الإصلاح الأوروبي البحثي: “يريد البنك المركزي الأوروبي في الواقع رؤية دليل على تباطؤ نمو الأجور قبل خفض أسعار الفائدة”.
وعلى الرغم من أن البيانات المتاحة للبنك المركزي تشير إلى أن نمو الأجور يتراجع بالفعل، إلا أن البنك المركزي الأوروبي لا يعتبرها كافية و”يريد رؤية المزيد”، بحسب المحلل السياسي.
وتابع قائلا: “أود أن أفسر هذا على أنه يعكس تحيزا محافظا إلى حد ما”، لافتا إلى أن البنك المركزي الأوروبي يصر على رؤية دليل مزدوج على أن التباطؤ في الأجور الحقيقية هو الفرضية المعقولة.
وأضاف: “هذا يعني أنه عند التحكيم بين الشرين المتمثلين في التخفيض المبكر لأسعار الفائدة أو الركود المزمن، أعتقد أنه يعطي أهمية كبيرة لخطر رؤية التضخم يبدأ في الارتفاع مرة أخرى”.
ورفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة عشر مرات متتالية بين يوليو 2022 وسبتمبر 2023 ــ رافعا سعر الفائدة الرئيسي من مستوى سلبي إلى مستوى قياسي بلغ 4% ــ بعد ارتفاع الأسعار الناجم عن غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022.
وانخفض التضخم منذ ذلك الحين، من ذروته البالغة 10.6% في أكتوبر 2022 إلى 2.6% في فبراير 2024، أي أعلى بقليل من المعدل المستهدف للبنك البالغ 2%.
ويتوقع البنك المركزي الأوروبي حاليا أن يصل التضخم إلى هدفه البالغ 2% العام المقبل، قبل أن يصل إلى 1.9% في العام 2026.
وأبقى البنك أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعاته الأربعة الأخيرة، والتي عقد آخرها في وقت سابق من هذا الشهر.
واعترف المدير العام للبنك المركزي الأوروبي للشؤون الاقتصادية، أوسكار آرس، في وقت سابق من هذا الشهر، بأن السياسة النقدية للبنك سيكون لها تأثير سلبي على نمو منطقة اليورو حتى العام 2026، مما يعزز الانتقادات الموجهة للسياسة التقييدية للمؤسسة.
ويشير العديد من المحللين، إلى إن هناك حاجة إلى خفض أسعار الفائدة لإنعاش النمو البطيء في الاتحاد الأوروبي وتعزيز الاستثمارات اللازمة لتسهيل التحولات الخضراء والرقمية.
وفي اجتماعه الأخير، قام البنك المركزي الأوروبي نفسه بمراجعة توقعاته للنمو لمنطقة اليورو في عام 2024 بالخفض، حيث خفضها من 0.8% إلى 0.6%.
وكان هذا النمو الضعيف واضحا بشكل خاص في ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، ولكن أيضا الأسوأ أداء في العالم العام الماضي، حيث تميز بانكماش بنسبة 0.3%.
وخفضت المعاهد الاقتصادية الخمسة الرئيسية في ألمانيا، توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 0.1% في العام 2024، مقارنة بالرقم المعلن سابقا وهو 12.2%.








