مصادر حكومية: المنظمة طالبت مصر بعمل قانون كامل حول “تبادل المعلومات”
صنف تقرير صادر عن المنتدى العالمى التابع لـ”منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية مصر” أنها “ملتزمة جزئيًا” بـ”معيار” الشفافية وتبادل المعلومات عند الطلب من بين 110 دولة شملها التقرير.
وذكر التقرير أنه خلال الفترة محل المراجعة، أرسل شركاء مصر فى الاتفاقيات الضريبية 40 طلبًا إلى للحصول على معلومات، وعلى الرغم من أن مصر ذكرت أنها تلقت 28 فقط من هذه الطلبات، إلا أنه لم يتم الرد على أى من الطلبات الواردة خلال 180 يومًا طبقاً لما أفاد به شركاء الاتفاقيات، فى حين أرسلت مصر 34 طلبًا للحصول على معلومات خلال فترة المراجعة.
وبدأ المنتدى العالمى للشفافية جولة ثانية من المراجعة لتطبيق معيار الشفافية وتبادل المعلومات عند الطلب للأغراض الضريبية على مستوى كل الدول منذ 2016، ووافقت فترة المراجعة لمصر ما بين 1 يوليو 2019 إلى 30 يونيو 2022.
ووفقًا للمادة 26 من اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبى الموقعة بين مصر والعديد من الدول والتى تبلغ حاليا 60 اتفاقية ضريبية، يتعين على السلطات المختصة فى الدول المتعاقدة تبادل المعلومات ذات الصلة اللازمة لتطبيق أحكام الاتفاقية وأحكام القوانين الداخلية للدول المتعاقدة.
وتسلط المراجعة الحالية الضوء على العديد من أوجه القصور المادية التى أثرت بشكل أساسى على تبادل المعلومات فى الممارسة العملية، نظرًا لمشاكل التنظيم الداخلى لوحدة ” تبادل المعلومات “، ومحدودية صلاحيات الوصول الى المعلومات.
وبحسب التقرير فإن 10% فقط من الدول – من بينهم مصر – تم تصنيفهم ملتزمين جزئيًا فيما صنف 88% على أنها ملتزمة أو ملتزمة إلى حد كبير ومن بينها دول مثل المغرب والأردن والسعودية وتونس والإمارات، وكان تصنيف 2% فقط من الدول على أنها غير ملتزمة.
وأرجعت مصادر حكومية لـ”البورصة” الأسباب التى أدت إلى تدنى تقييم مصر لدى المنظمة بأنه لم يكن هناك تبادل للمعلومات البنكية فى فترة المراجعة، وبالتالى تأثر التقييم بشدة.
المنظمة طالبت مصر بسن نص قانونى يفيد سيادة الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية
ولفتت إلى أن مصر عدلت بعض مواد قانون الإجراءات الضريبية الموحد، ومن بينها المادة “78” حيث أتاحت تبادل المعلومات الضريبية والبنكية بين مصر والدول الموقعة معها على اتفاقيات ضريبية، وكان النص قبل التعديل يتيح تبادل المعلومات الضريبية، بينما سمحت الفقرة الجديدة المضافة فى التعديل بتبادل المعلومات البنكية، وفقًا لقواعد إتاحة المعلومات المنصوص عليها فى القانون حتى تواكب التطورات العالمية.
ونوهت إلى أن تعديل القانون ساهم فى رفع التصنيف من غير ملتزم إلى “ملتزم جزئياً” ولكن يبقى هذا التصنيف غير لائق تماماً لمكانة مصر فيما يخص معيار الشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية على الإطلاق
جدير بالذكر بأنه بعد صدور تعديل قانون الإجراءات الضريبية الموحد مباشرةً، نشر المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى يناير 2023 دراسة أوصى فيها عمرو المنير نائب وزير المالية للسياسات الضريبية السابق، بضرورة تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الإجراءات الضريبية الموحد لتحديد إجراءات تطبيق التعديلات على القانون من خلال إجراءات واضحة وشفافة وغير قابلة للتفسير أو إساءة الاستخدام.
كما لفتت الدراسة إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة بين مصلحة الضرائب والبنك المركزى لمراقبة تنفيذ إجراءات “تبادل المعلومات”، والتأكد من تطبيق القانون بشكل صحيح، بالإضافة إلى ضرورة تحديد السلطة المختصة المخولة بتبادل المعلومات وتزويدها بالضمانات الأمنية المناسبة لحماية سرية دافعى الضرائب.
وشددت على ضرورة تلقى موظفو السلطة المختصة “بتبادل المعلومات” تدريباً مكثفاً، وأن يتم تجهيزهم ببنية تحتية قوية لتكنولوجيا المعلومات لتوفير المعلومات وتبادلها بوسائل إلكترونية آمنة
وأضافت المصادر أيضاً أن المنظمة طالبت بعمل قانون كامل لتبادل المعلومات للأغراض الضريبية وليس مجرد مادة فى القانون، ليلزم الدولة بتبادل المعلومات مع تحديد أهداف وحدة تبادل المعلومات ومن القائم عليها ومسئولياتهم.
وذكرت أن مصر لم توقع حتى الآن على اتفاقية المساعدة الإدارية المتبادلة فى المسائل الضريبية “الماك” وهى اتفاقية تسهل التعاون الدولى من أجل تطبيق أفضل لقوانين الضرائب الوطنية، مع احترام الحقوق الأساسية لدافعى الضرائب.
وتنص “الماك” على أشكال التعاون الإدارى الممكنة بين الدول فى تقدير وتحصيل الضرائب، بالإضافة إلى تبادل المعلومات، بما فى ذلك التبادل التلقائى للمعلومات، واسترداد المطالبات الضريبية الأجنبية.
خبير ضرائب دولية: التصنيف يقيد توجه الاستثمارات وتأثير سلبى على سمعة مصر
وتسمح اتفاقية “الماك” للدول الموقعة عليها بالوصول إلى شبكة ضخمة، تعادل أكثر من 6 آلاف اتفاقية ثنائية، ما يسمح للدول بالحصول على المعلومات المتعلقة بالضرائب من الولايات القضائية المشاركة فى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك جميع المراكز الدولية.
كما أرجعت المصادر تأخر انضمام مصر إلى الاتفاقية إلى عدم تنفيذ الدولة التوصيات التى طالبت بها المنظمة منها تعديلات تشريعية أهمها نص قانونى يفيد أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الوطنية، وضمان سرية البيانات.
ولفتت إلى أن الانضمام إلى تلك الاتفاقية تتيح لمصر تبادل المعلومات الضريبية بشكل تلقائى وتعاون كامل مع أكثر من 150 دولة، فى حين أن تبادل المعلومات عند الطلب تتيح لمصر تبادل المعلومات مع 60 دولة فقط.
وأرجعت المصادر أيضاً تصنيف مصر بأنها “ملتزمة جزئياً” إلى تأخر صدور قانون المالك المستفيد “المستفيد الحقيقى”، والذى يهدف إلى منع التجنب والتهرب الضريبى، لافتةً إلى أن نصوص الاتفاقيات تحتاج إلى المزيد من التعديل.
وقال “خبير ضرائب دولية” إن التقرير أشار إلى أن هناك قلق من عدم تمكن إدارة تبادل المعلومات من الوصول إلى المعلومات المطلوبة فى معظم الحالات، مما نتج عنه عدم الرد فى الموعد المحدد على طلبات المعلومات من مصر الواردة من الدول أطراف الاتفاقية.
وأضاف أن التقرير أوصى بضرورة اتخاذ خطوات لتطوير البنية التحتية المعلوماتية لدى مصلحة الضرائب، لتمكين إدارة تبادل المعلومات من الحصول على المعلومات وكذلك توفير الكوادر المدربة فى تلك الإدارة.
وذكر أنه من غير اللائق أن تكون مصر، وهى الدولة الرائدة فى مجال الضرائب، والتى كانت من أوائل المنضمين لعضوية المنتدى العالمى للشفافية وتبادل المعلومات ،ضمن 12% الواقعين فى ذيل التصنيف مع الدول ذات إمكانيات متواضعة.
بينما جاءت معظم الدول العربية وكثير من الدول الأفريقية ضمن 88% التى حصلت على تقييم جيد جدأ وفقاً لتوصيف المنظمة.
ومن المقرر أن تتم المراجعة مرة كل عامين وترتيب الدول من الممكن أن يتغير الى الأفضل أو الأسوأ وفقاً لما تتخذه من تدابير لتنفيذ الإجراءات المطلوبة
وكشف الخبير أن ذلك التصنيف له تداعيات سلبية على الاستثمار فى مصر، وقال إنه فى العام 2016، قامت مجموعة العشرين من خلال منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية والاتحاد الأوروبى بوضع قوائم بالدول غير المتعاونة فيما يتعلق بمعايير الشفافية الضريبية.
وذكر بأنه فيما يتعلق بمعايير الشفافية الضريبية التى تستخدمها مجموعة العشرين والاتحاد الأوروبى، كلاهما يعتمد بشكل كامل على عمل المنتدى العالمى وتصنيفاته.
ونوه إلى قيام العديد من المؤسسات المالية الدولية بدمج نتائج مراجعات النظراء التى أجراها المنتدى العالمى فى سياساتها والتى تحدد مسار الاستثمارات على سبيل المثال، بنك التنمية التابع لمجلس أوروبا، والبنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، وبنك الاستثمار الأوروبى، ومؤسسة التمويل الدولية، وهى عضو فى مجموعة البنك الدولى، حيث أن كل هذه المنظمات الدولية تعمل على تقييد توجيه الاستثمارات الى الدول التى تصنف أنها “غير ملتزمة” أو “ملتزمة جزئياً” فى مراجعة النظراء الخاصة بها بشأن تبادل المعلومات للأغراض الضريبية.
ومن المرجح أن تخضع الدول التى تفشل فى تلبية معايير الشفافية لإجراءات تشددية منها على سبيل المثال، اقتطاع ضرائب من المنبع، وعدم السماح لتلك الدول بالاستفادة من الخصم أو الائتمان الضريبى، والحرمان من المزايا، ما سيؤثر على قرارات الاستثمار، بالإضافة إلى خلق حالة من عدم اليقين بالنسبة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين، ومن المحتمل أيضاً أن تأخذ المؤسسات المالية الدولية هذه التطورات بعين الاعتبار فى سياساتها.
جدير بالذكر بأن مصر انضمت مصر إلى المنتدى العالمى فى عام 2016. ومن ثم فإن التقرير الحالى هو أول تقييم للإطار القانونى والتنظيمى للشفافية وتبادل المعلومات عند الطلب فى مصر وتنفيذه على أرض الواقع