تتجه استثمارات الصين الخارجية إلى أعلى مستوياتها منذ ثمانية أعوام، مع قيام شركاتها المهيمنة ببناء مزيد من المصانع في الخارج، وهو تحول قد يخفف الانتقادات الموجهة إلى حملة التصدير في بكين.
أظهرت بيانات صدرت مؤخرًا أن الشركات الصينية حققت 243 مليار يوان “أي ما يعادل 33.5 مليار دولار” من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الربع الأول من العام، وهذا كان أعلى رقم في الربع الأول منذ 2016، وبزيادة 13% تقريبًا عن العام السابق.
وتتصدر هذه الدفعة الشركات العاملة في الصناعات التي تتفوق فيها الصين على منافسيها، مثل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية، حسب ما نقلته وكالة أنباء “بلومبرج”.
وهذه الاستثمارات تساعد في تخفيف التوترات التجارية من خلال خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي في الأسواق الخارجية، بدلاً من إغراقها بالصادرات التي تهدد بإخراج المنتجين المحليين من العمل.
وقالت أليسيا جارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة “ناتيكيس”، إن “الصين تريد الإنتاج في الخارج حتى يتم تقليل الفائض التجاري، والأهم من ذلك، تقليل الطاقة الفائضة.. أتوقع أن تستمر هذه الوتيرة بقوة كبيرة، لكنهم سيظلون يواجهون الحمائية”.
وتعني المنافسة الجيوسياسية، خاصة مع الولايات المتحدة وأوروبا، أن الاستثمار من الصين قد لا يكون موضع ترحيب دائمًا.
وكانت اليابان في الثمانينيات قادرة على استخدام الاستثمارات الخارجية التي تضخها شركات صناعة السيارات الرائدة على مستوى العالم لتسهيل العلاقات الدبلوماسية، لكنها لم تكن منافساً استراتيجياً للولايات المتحدة كما هي حال الصين اليوم.
وهذا يعني أن بكين قد لا تكون قادرة على أن تحذو حذوها، وفقًا لبيرت هوفمان، الأستاذ في جامعة سنغافورة الوطنية.
وأظهر تقرير منفصل صدر مؤخرًا زيادة في الاستثمار الصناعي الصيني في كتلة آسيان لدول جنوب شرق آسيا، والتي تضاعفت أربع مرات تقريبًا في العام الماضي، لتصل إلى 26 مليار دولار، وهذا ما يقرب من ضعف إجمالي الشركات الأمريكية والكورية الجنوبية واليابانية مجتمعة.
منذ الانكماش الاقتصادي الناجم عن الجائحة، تدهور قدر كبير من الإقراض الصيني الذي كان يمول البنية التحتية، في حين تتطلع البلدان في أفريقيا وآسيا إلى إعادة هيكلة ديونها وخفضها، وهذا أدى إلى انعكاس في تدفق العمالة الصينية لاستثمارات البناء.
وانخفض عدد العمال الصينيين في أفريقيا بنحو الثلثين بين عامي 2015 و2021، وفقًا لصندوق النقد الدولي.