“رويترز”: التوقعات العالمية المتشائمة وتحولات البنوك المركزية تشير إلى المزيد من الاضطرابات
أدت الإشارات القادمة من اجتماعات جاكسون هول السنوية لمجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى إلى تزايد التوقعات بمزيد من الاضطرابات فى الاقتصاد العالمى.
وقالت وكالة رويترز إنه بينما يتحول تركيز محافظى البنوك المركزية فى الولايات المتحدة وأوروبا من ارتفاع التضخم إلى ضعف أسواق العمل، أكد بنك اليابان عزمه على وضع حد لعقود من اعتماد اقتصاده على الدعم النقدى وسط علامات متزايدة على نمو الأسعار المستدام.
أضافت أن التباين فى اتجاهات السياسة النقدية عالميا، إلى جانب الضعف المستمر فى الصين، ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، يشير إلى أوقات مضطربة للاقتصاد العالمى والأسواق المالية.
وعاش العالم اضطرابات صعبة قبل أسبوعين نتيجة المخاوف من اتجاه الاقتصاد الأمريكى نحو الركود واتجاه اليابان لتشديد سياستها النقدية.
وتقول رويترز إن التوقعات بنمو الاقتصاد العالمى المبنية على التباطؤ السلس للاقتصاد الأمريكى مع انتعاش النمو فى أوروبا، وخروج الصين من حالة الركود، ترتكز على أرضية متزعزعة مع ظهور الشكوك حول احتمالات الهبوط الناعم للاقتصاد الأميركي، وفشل النمو فى منطقة اليورو فى الانتعاش، ومعاناة الصين من تباطؤ الاستهلاك.
أضافت أنه في حين تتجه البنوك المركزية الكبرى نحو خفض أسعار الفائدة، لكن ما زال من المبكر للغاية تصنيف هذه التحركات على أنها “تطبيع” للسياسة التقييدية أو خطوات أولى لمنع النمو من التعثر بشكل أكبر.
وقد يؤدي عدم اليقين إلى جعل الأسهم والعملات العالمية عرضة لتقلبات حادة.
ونقلت الوكالة عن بيير أوليفييه جورينشاس كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي قوله إنه قد تكون هناك حلقات أخرى من التقلبات في السوق حيث أصبحت الأسواق في منطقة مجهولة إلى حد ما مع دخول البنوك المركزية الكبرى في دورة تخفيف نقدي بعد تشديد السياسة للتعامل مع موجة من التضخم.
وقال “إن اليابان تمر بدورة مختلفة بعض الشيء. ويتعين على الأسواق أن تستوعب ما يعنيه كل هذا، وتبالغ الأسواق فى رد فعلها. لذا فإننا سوف نشهد المزيد من التقلبات”.
مخاطر النمو
فى خطابه الذى طال انتظاره، أيد رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول يوم الجمعة بداية وشيكة لخفض أسعار الفائدة، معلناً أن المزيد من تباطؤ سوق العمل سيكون غير مرحب به.
وقالت رويترز إن هذا كان تحولًا كبيرًا عن تعليقات باول مع ارتفاع التضخم فى عامى 2021 و2022، وعزز الرأى القائل بأن بنك الاحتياطى الفيدرالى كان يتحول من سياسة دفعت سعر الفائدة القياسى إلى أعلى مستوى فى ربع قرن وأبقته هناك لأكثر من عام.
أظهرت دراسة بحثية جديدة قدمت فى جاكسون هول أن الاقتصاد الأميركى ربما يقترب من نقطة تحول حيث سيؤدى الانخفاض المستمر فى فرص العمل إلى زيادات أسرع فى معدلات البطالة.
يتفق صناع السياسات فى البنك المركزى الأوروبى على خفض أسعار الفائدة فى سبتمبر، ويرجع ذلك جزئيا إلى تخفيف ضغوط الأسعار ولكن أيضا بسبب الضعف الملحوظ فى توقعات النمو.
سجل اقتصاد منطقة اليورو نموا طفيفا فى الربع الأخير مع انكماش الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد فى المنطقة، واستمرار ركود قطاع التصنيع، وتعثر الصادرات، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ضعف الطلب من الصين.
ونقلت رويترز عن أولى رين، المسؤول عن تحديد أسعار الفائدة فى البنك المركزى الأوروبي قوله “الزيادة الأخيرة فى مخاطر النمو السلبى فى منطقة اليورو عززت الحجة لصالح خفض أسعار الفائدة فى اجتماع السياسة النقدية المقبل للبنك المركزى الأوروبى فى سبتمبر”.
وتشير الوكالة إلى أنه حتى فى اليابان، أظهرت بيانات التضخم الأخيرة تباطؤ نمو الأسعار المدفوع بالطلب، وهو ما قد يعقد قرارات بنك اليابان بشأن المزيد من رفع أسعار الفائدة، ورغم انتعاش الاستهلاك فى الربع الثاني، فإن هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت الأجور سترتفع بما يكفى لتعويض الأسر عن ارتفاع تكاليف المعيشة، بحسب المحللين.
ونقلت عن سايورى شيراي، عضو مجلس إدارة بنك اليابان السابق والتى تعمل الآن أستاذة فى جامعة كيو فى طوكيو: “الطلب المحلى ضعيف للغاية. ومن منظور اقتصادي، لا يوجد سبب وجيه يدعو بنك اليابان إلى رفع أسعار الفائدة”.
الصين تقلق
وقالت رويترز إن الصين تزيد من أجواء التشاؤم، وتواجه الهند، أكبر دولة فى العالم من حيث عدد السكان، أزمة عقارية مطولة، وديون متزايدة، وضعف ثقة المستهلكين والشركات.
أضافت أن النمو الأضعف من المتوقع فى الربع الثانى أجبر البنك المركزى الصينى على إجراء تخفيضات مفاجئة فى أسعار الفائدة الشهر الماضي، مما يزيد من احتمالات خفض توقعات صندوق النقد الدولى للنمو فى البلاد.
وقال جورينشاس المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى للوكالة “إن الصين لاعب كبير فى الاقتصاد العالمي. والنمو الأضعف فى الصين له آثاره على بقية العالم”.
واعتبرت أن ظهور المزيد من علامات تباطؤ النمو فى الولايات المتحدة والصين من شأنه أن يكون نذير شر بالنسبة للمصنعين فى مختلف أنحاء العالم الذين يشعرون بالفعل بالضغط الناجم عن ضعف الطلب.
وقالت إن مسوحات خاصة أظهرت أن المصانع واجهت صعوبات فى يوليو الماضى فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، مما يثير خطر ضعف التعافى الاقتصادى العالمي.
بالنسبة للاقتصادات الناشئة الغنية بالموارد مثل البرازيل، قالت رويترز إن تباطؤ الصين قد يؤثر على صادرات المعادن والأغذية، ولكنه قد يساعد فى تخفيف الضغوط التضخمية من خلال الواردات الأرخص.
ونقلت عن محافظ البنك المركزى البرازيلى روبرتو كامبوس نيتو، متحدثا فى الجلسة الختامية لمؤتمر جاكسون هول قوله “إن التأثير الصافي… يعتمد على مدى التباطؤ”.








