قال خبراء الاقتصاد، إن سوق العمل في الولايات المتحدة تتباطأ بمعدل مقلق ولكن ليس إلى الحد الذي يستدعي الذعر، ويكمن قلقهم في مؤشرات ومقاييس سوق العمل الرئيسية مثل البطالة ونمو الوظائف.
وبحسب تقرير نشرته شبكة “CNBC” الأمريكية، فقد بدأت هذه المؤشرات تضعف تدريجياً بعد أن كانت قوية تاريخياً قبل عام من الآن، فيما يبدو أن الضعف مرده رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة لتبريد الاقتصاد وخفض التضخم.
وقال خبراء الاقتصاد، إن الركود قد يحدث إذا استمر سوق العمل في التباطؤ بنفس الوتيرة الحالية.
وقال نيك بانكر، مدير الأبحاث الاقتصادية لأمريكا الشمالية في موقع التوظيف العالمي الشهير “إنديد”: “ما زلنا على هذا المسار الذي لا يشكل إنذاراً من المرحلة الثالثة في الوقت الحالي، ولكن إذا لم يستقر الانحدار قريباً فقد لا يكون الهبوط الناعم للاقتصاد في الأفق، سنهبط ولكن سنهبط مع تحطم”، في إشارة إلى أن الهبوط سيكون حاداً وقاسياً.
وأفاد مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة يوم الجمعة أن أصحاب العمل أضافوا 142 ألف وظيفة في أغسطس الماضي، وهو رقم أقل من المتوقع.
ويقول تقرير شبكة “سي إن بي سي” إن الخبر السار هو أن هذا الرقم هو زيادة عن 89 ألف وظيفة أضيفت في يوليو الماضي، كما انخفض معدل البطالة قليلاً، إلى 4.2% من 4.3% في يوليو.
ومع ذلك، تشير العديد من المقاييس إلى “تباطؤ الزخم” في جميع أنحاء سوق العمل، كما قال إيرني تيديشي كبير الاقتصاديين السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض في عهد إدارة بايدن.
وقال تيديشي، إن المستوى الحالي لنمو الوظائف والبطالة “سيكون جيداً للاقتصاد الأمريكي إذا استمر لعدة أشهر”. لكنه أضاف: “المشكلة هي أن البيانات الأخرى لا تمنحنا الثقة في أننا سنبقى هناك”.
وعلى سبيل المثال، بلغ متوسط نمو الوظائف 116 ألف وظيفة خلال الأشهر الثلاثة الماضية؛ وكان متوسط الأشهر الثلاثة قبل عام من الآن 211 ألف وظيفة، كما ارتفع معدل البطالة بشكل متسارع من 3.4% في أبريل 2023 الى 4.2% حالياً.
كما يقوم أصحاب العمل بالتوظيف بأبطأ وتيرة منذ عام 2014، وفقاً لبيانات منفصلة صادرة عن وزارة العمل الأميركية في وقت سابق من الأسبوع الماضي.
ولم يكن التوظيف واسع النطاق أيضاً، حيث كان نمو الوظائف في القطاع الخاص خارج مجالات الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية “بطيئاً بشكل غير عادي”، بمتوسط 39 ألف وظيفة تقريباً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مقابل 79 ألف وظيفة خلال العام الماضي و137 ألف وظيفة خلال الفترة من 2015 إلى 2019، وفقاً لجوليا بولاك، وهي كبيرة الاقتصاديين في شركة ZipRecruiter.
كما يستقيل العمال من وظائفهم بأدنى معدل منذ عام 2018، في حين أن فرص العمل عند أدنى مستوياتها منذ يناير 2021. وتُشكل الاستقالة من العمل مقياساً لثقة العمال في قدرتهم على إيجاد وظيفة جديدة.
وقال بونكر إن إيجاد الوظائف بين العمال العاطلين عن العمل يبلغ حوالي مستويات عام 2017 ويستمر في الانخفاض.
وقال تيديسكي: “هناك صورة متسقة للغاية تفيد بأن الزخم القوي لسوق العمل الذي شهدناه في عامي 2022 و2023 قد تباطأ بشكل كبير”.
وأضاف: “بشكل عام، فإن هذه البيانات ليست بالضرورة مثيرة للقلق أو عند مستويات الركود حتى الآن. لكنها أكثر ليونة. قد تكون مقدمة للركود”.
ومع ذلك، يقول خبراء الاقتصاد إن هناك مجالاً للتفاؤل في سوق العمل الأميركية، حيث قال تيديسكي إن عمليات التسريح الدائمة – التي كانت تاريخياً “مؤشراً مبكراً على الركود” لم تتزحزح حقاً.
وتشير البيانات الفيدرالية الخاصة بمطالبات التأمين ضد البطالة ومعدلات تسريح العمال إلى أن أصحاب العمل لا يزالون يتمسكون بعمالهم.
وقال خبراء الاقتصاد إن الارتفاع التدريجي الأخير في البطالة لا يعزى إلى حد كبير إلى تسريح العمال. بل كان لسبب “جيد” وهو الزيادة الكبيرة في المعروض من العمالة، وبعبارة أخرى، دخل عدد أكبر من الأمريكيين سوق العمل وبحثوا عن عمل؛ ويتم احتسابهم كعاطلين عن العمل حتى يجدوا وظيفة.
وقال تيديسكي: “بمجرد أن نبدأ في رؤية تسريح العمال، تنتهي اللعبة ونصبح في حالة ركود. وهذا لم يحدث على الإطلاق”.








