يتبع مكتب الضرائب في المملكة المتحدة نهجاً أكثر صرامة لاسترداد الديون، في محاولة لتحصيل 5 مليارات جنيه إسترليني (6.5 مليارات دولار) كإيرادات إضافية، ما يفاقم الضغوط على الشركات التي تواجه الإفلاس، حسبما أفاد خبراء الإعسار.
أدى تحرك هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية لاسترداد الضرائب المستحقة من الشركات المنهارة، من خلال زيادة الاستعانة بشركات تحصيل الديون، وتقليص التسهيلات المتعلقة بترتيبات السداد، وإعطاء هيئة الضرائب أولوية أعلى في قائمة الدائنين، إلى جعل عمليات إنقاذ الشركات أكثر صعوبة، كما أثر سلباً على توافر الائتمان اللازم لإنقاذ الشركات، وفقاً لأشخاص في هذا المجال.
يأتي ذلك في وقت تواجه فيه المالية العامة ضغوطاً مستمرة، تفاقمت بسبب الجائحة، وحرب روسيا في أوكرانيا، والتضخم الذي تجاوز نسبته رقمين. استهدفت الحكومات المتعاقبة بالمملكة المتحدة سد ما يُسمى بالفجوة بين الضرائب المستحقة للحكومة نظرياً وما يتم تحصيله فعلياً.
ضغوط لتحسين المالية العامة
تواجه راشيل ريفز ضغوطاً لتوفير تمويل لتحسين الخدمات العامة وتحقيق الاستقرار المالي عندما تقدم أول ميزانية لحكومة حزب العمال الجديدة في 30 أكتوبر. أما سلفها المحافظ، جيريمي هنت، فقد زاد تمويل هيئة الإيرادات والجمارك لتحصيل الديون في عام 2023 كجزء من خطة لجمع 5 مليارات جنيه إسترليني إضافية على مدى خمس سنوات، والتي شملت أكثر من 500 مليون جنيه إسترليني خلال ذلك العام المالي.
لكن في حين ساعد الدعم الحكومي في إبقاء معدلات الإفلاس منخفضة خلال جائحة “كوفيد-19″، إلا أنها ارتفعت بشكل ملحوظ العام الماضي لتصل إلى أعلى مستوى لها خلال 30 عاماً في إنجلترا وويلز. وحتى الآن في عام 2024، تواصل معدلات الإفلاس الوتيرة نفسها تقريباً مقارنة بالعام الماضي، مع تضرر قطاعات البناء والضيافة والتجزئة بشكل خاص.
ذكرت شركة “بيغبيز تراينور” (Begbies Traynor) المتخصصة في مساعدة الشركات المتعثرة يوم الجمعة أن عدد الشركات البريطانية التي تواجه “ضائقة مالية كبيرة” ارتفع بنسبة الثلث مقارنة بالعام الماضي، وأرجعت ذلك إلى تأثير التضخم المرتفع والديون التي تراكمت خلال الجائحة.
قالت جولي بالمر، الشريك الإداري الإقليمي في “بيغبيز تراينور”: “الحكومة ترسل محصلي الديون الخارجيين الآن بشكل أسرع بكثير”، مضيفة أن الترتيبات المرنة المعروفة بـ”مهلة للسداد” أصبحت أقل توافراً مما كانت عليه منذ الأزمة المالية. وأضافت: “بشكل عام، نراهم أكثر نشاطاً وأسرع في ملاحقة تلك الالتزامات”.
ترتيبات سداد الديون
أكد شخص مطلع آخر على الأمر وجهة نظر “تراينور” بشأن ترتيبات السداد. قال لي مانينغ، الشريك في شركة “ريزولف” (ReSolve)، إن هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية “تزيد استخدام محصلي الديون الخارجيين”، رغم أنه أشار إلى أن الهيئة ما زالت “منفتحة على الاتفاق بشأن ترتيبات معقولة ومتناسبة للسداد”.
رداً على طلب للتعليق، قال متحدث إن هيئة الإيرادات والجمارك لم تغير نهجها تجاه الشركات المدينة، وإن المساعدة في مثل خطط الأقساط لا تزال متاحة للشركات التي تتعاون مع محصلي الضرائب.
تتركز الكثير من التدقيقات حول الزيادة في حالات الإفلاس على التغيير الذي أعلنه وزير المالية السابق فيليب هاموند في عام 2018، الذي أعطى الأولوية لهيئة الإيرادات والجمارك على الجهات الأخرى لتصبح دائناً ثانوياً في ترتيب الدائنين عند إفلاس الشركة.
كانت هيئة الإيرادات والجمارك تُعتبر دائناً غير مضمون لجميع ديونها، مما جعلها في مرتبة أدنى من الدائنين المضمونين والمفضلين إذا أفلست الشركة. كان هذا النظام متبعاً منذ عام 2003، وكان يهدف جزئياً إلى تسهيل عمليات إنقاذ الشركات.
لكن تغييرات هاموند دفعت الهيئة إلى التقدم على الدائنين المضمونين الذين لديهم حق الرهن المتغير، مثل الإقراض المضمون مقابل مخزون الشركة. ومع ذلك، ينطبق هذا فقط على بعض الديون الضريبية، مثل ضريبة القيمة المضافة ومساهمات التأمين الوطني للموظفين. أما بالنسبة لديون ضريبة الشركات ومساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، فما زالت تصنف كدائن غير مضمون.
دخلت التغييرات حيز التنفيذ عندما كان رئيس الوزراء المحافظ السابق ريشي سوناك على رأس وزارة الخزانة في عام 2020، لكن خبراء الإعسار يقولون إن تأثيرها بدأ يظهر مؤخراً مع تعرض الشركات لضغوط جراء الاقتصاد المتباطئ وارتفاع تكاليف الاقتراض.